يصف سعيد بنكراد أول عمل نشره “شخصيات النص السردي: البناء الثقافي”، وهو جزء من دكتوراه الدولة، بأنه كتاب بلا قيمة، ولا يقدم شيئاً مهماً إلى قراء العربية.
وتلك لحظة نادرة في الفضاء الثقافي العربي من لحظات الشجاعة والصدق ووعي الذات، وبالتالي: وعي العالم. وقد كتب سعيد أيضاً أن عقلانيته قد ازدادت، واتسعت رؤاها، كما ازداد ولعه بالأساطير والحكايات، وقرر التخلي عن أي عمل نقابي أو سياسي، أو أي نشاط ثقافي، وذلك بعد سنوات جامعة مكناس، وما تخللها من لقاءات “أربعاءات أكاديميا” التي شبهها بمجتمع مدني ضمن الفضاء الأكاديمي.
كما أفرد لسيرة مجلة “علامات” التي أطلقها مع عصبة من الأكاديميين، ولم تزل تسطع على الرغم من الظلمات المطبقة. غير أن فقدان كثيرين للبوصلة والإخفاق الذي توّج الزمن المكناسي دفع بسعيد إلى جامعة محمد الخامس في الرباط، فكانت الخيبة الكبرى على سائر المستويات.
يكاد الفصل الخامس الذي اقتبس عنوانه من ريجيس دوبريه “نتكلم في عالم ونبصر في عالم آخر”، أن يكون نزيفاً حاراً مثلما هو نقدية عميقة وحارة، ليس فقط لما آل إليه الفضاء الأكاديمي أو الثقافي، بل للزمن الرقمي وللحروب العربية العبثية.
وفي خاتمة المطاف تضاعف اهتمام سعيد بنكراد بالصورة – وقد ساق صفحات نظرية فيها وملخصاً لكتابه: سيميائية الصورة الإشهارية والتمثلات الثقافية – ورفع راية التأويل بما هو قبول بفكرة التعدد في الوجود الإنساني، كما رفع راية الهرمسية – يطرح هذا المصطلح كبديل لمصطلح الهرمومطيقا الثقيل.
وعلى الرغم من كل ما هو موحش وموئسِ يختم سعيد بنكراد سيرته بقول: لن يبتلعنا اليأس، وهناك أمل دائماً”.