دراسات إسلامية

“السّلام” في النّص القرآنيّ: نظرات في الدّلالة والمقاصد – المصدر نموذجًا

تقديــم: 

يعتبر المصدر ينبوع العربيّة، وأصل المشتقات، فقد ارتبطت أهميّته بفهم نصوص القرآن العظيم، وترعرع علمه في كنف المفسّرين، الذين راحوا يتّبعون معانيه المختلفة ودلالاته الإعجازيّة في خضم شروحهم وتفاسيرهم لمعاني التنزيل الحكيم.

وعليه، فقد اتجهت الدراسة لتحليل الخطاب هادفة إلى الكشف عن دلالة ومقاصد( المصدر ) اللغويّ( سلم) من منظور تداوليّ في ظلّ الخطاب القرآني، ساعية نحو التّقاطع مع الجهود الفكريّة التي قدّمها الأصوليون حينما استثمروا التّداوليّة في الخبر والإنشاء، واعتمدوا مقولات ومبادئ سياق الحال، ووضع المتكلّم وغرضه من الخطاب في العمليّة التخاطبيّة.    

اتّجاهات ثلاثة، تمثّل الأول منها في الاتّجاه النّصيّ، الذي يقوم على رصد مصادر المادّة اللغويّة (س، لــ، م) في النّص القرآني في سياقاته المختلفة، أمّا الثّاني فهو الاتّجاه المعجمي التّداوليّ، الذي يقوم على الكشف عن دلالات مصادر المادة اللغويّة (س، لــ، م) في النّصّ القرآنيّ في السّياقين (المعجميّ والتّداوليّ)،

واتّجه ثالثهما اتّجاهًا تأويليًا تمثّل بجهود علماء التّفسير، الذين أبانوا وأظهروا ما ترجع إليه دلالات ( السلام ) بعد تحليلهم وتأويلهم لها في سياق الخطاب القرآنيّ. ويندرج تحت هذا الاتّجاه معالجات علماء الكلام والفقهاء، الذين يعتبروا روّاد الدراسات النّصيّة، وذلك عندما بحثوا دلالة النّصّ في ضوء زمن نزوله ومكانه، فكان لهم العديد من الرؤى في مدوّناتهم، التي ترعرعت فيها الأنشطة اللسانيّة.


الملخّص:

تهدف الدّراسة بحكم القرابة بين اللغة والأسلوب إلى الكشف عن دلالة ومقاصد(المصدر) اللغويّ(سلم) من منظور تداوليّ في ظلّ الخطاب القرآني.

وقد تبيّن لنا من خلال ذلك أنّ تنوع دلالات(السّلام) أساسه السّياق الذي يرد فيه، والجوّ العام المحتضن له، فالسّلام في عمومه القرآني نشر للأمان وبعث للاستقرار والسّلامة بين الأفراد والمجتمعات، ولكنّ ظروفًا نسقية قد تنقله إلى معاني أخر، ونظرًا لمركزيّة مفهوم السّلام في القرآن فقد تكوّنت له من خلال السّياقات شبكة علائقيّة ظهر فيها مشاركًا لبعض الألفاظ، سواء كان ذلك سبيل الإضافة أو العطف.

الكلمات المِفتاحيّة: دلالة مصادر(السّلام)، البنية المعجميّة، المعنى الدّلالي، التّداوليّة.


Summary: 

The study aims to determine the singificance and purport of the use of the verbal noun (سلام peace) given the linguistic kinship between language and style in the context of the Qur’anic discourse.

We discovered that the diversity of the purports of the word “peace” is based on the context in which it is presented, and the general atmosphere that embraces it. Peace in Quran generaly means the spread of safety and stability among individuals and societies.But, some linguistic contextual factors might convey another meaning, and due to the central position of the concept of peace in the Qur’an, the word peace has formed through its contextual occurance a collocational range either by addition or apposition. 

Keywords: the meaning of the base word (peace), lexical structure, semantic meaning, deliberative.

 

  • المقدّمة: 

لمّا كان تعريف الّلغة يوضّح أنّها تشكّل نظامًا خاصًّا من الكلمات، التي ارتبط بعضها ببعض ارتباطًا وثيقًا تحتّمه القوانين الخاصّة به، والتي لا يجوز الإخلال بها؛ لتحقيق الفهم والإفهام، فإنّ التّركيب الّلغوي هو الصّورة المجسّدة للغة؛ لأنّ تعبير (المتكلّم) عن حاجاته لا يتحقّق بكلمات متفرّقة تعيش منعزلة، بل إنّ تحقيقه لا يكون إلّا بتراكيب لُغوية وجمل متتالية في متون النّصوص،

مراعيًا في ذلك القواعد التركيبيّة في تكوين التّركيب (الجملة) أو الجمل (المجموعات الكلاميّة)(1)؛ ليستقيم بناؤه في ضوء ما وصفه علماء (النّحو) من أسس؛ لتكوين الجملة بنوعيها، الّلتين نصف من خلالهما العلاقات التّركيبيّة؛ لنتعرّف إلى دلالاتها؛ إذ يعتبر (التّركيب الّلغوي) من أعلى مستويات (التّكوين الّلغوي)(2)، ومن أهم مستويات التّحليل في الألسنيّة الحديثة.

وبذا، يكون التركيب مناط (الدرس النحويّ) بما يحتويه من فروع متعددّة، فالنّحو”هو أن تنحو معرفة كيفيّة التّركيب فيما بين الكلم؛ لتأدية أصل المعنى…” (3)، وهو المعنيّ بالنّظر في أنماط التّراكيب، وأنواعها، والعناصر المكوّنة لكلّ تركيب منها، وعلاقة كلّ عنصر بأخيه في التّركيب الواحد(4)،

والموقع الإعرابيّ لكلّ عنصر منها؛ إذ لا يتأتى فهم أيّ تركيب “إلا من خلال فهم بنيته النّحويّة، والمفردات التي تشغل هذه البنية، والتفاعل القائم بين المفرد ووظيفته النّحويّة من خلال سياقه النّصيّ…. خلاصته أنّ التّحليل النّحويّ هو في الوقت ذاته تحليل دلالي(5)؛ وذلك لأنّ الكلمة لا تكتسب دلالتها إلاعندما يكون لها موقع نحويّ معيّن في تركيب إسناديّ(6)، حيث يعتبر أهمّ علاقة في تركيب الجملة العربيّة.

وعليه، فقد صب النحويون اهتمامهم على وصف الطريقة في فهم المعنى العام للخطاب في جانبيه: الدلالي والمعجمي؛ إذ يُستقى الأوّل من النَظم اللفظي والمعنوي للكلمة وموقعها من ذلك النَظم أو من السياق العام للكلام، حيث تخضَعُ الكلمة لعَلاقات مَعنوية وظروف حاليّة وتعبيريّة تحيط بها، فيأتلِفُ بعضُها مع بعضٍ ليظهر المعنى الخاص لتلك الكلمة الذي سُمّي بــــ(ظلال المعنى)، أما الثّاني فهو الذي نَستقيه من المعجمات المختلفة، ويُمثّل المعنى الوَضعي الأصليّ للفظ، وهو ما سُمّيَ المعنى المركزي(7).

وقد ارتبطت أهميّة المصدر بفهم نصوص القرآن العظيم، وترعرع علمه في كنف مفسّريه، الّذين راحوا يتّبعون معانيه المختلفة ودلالاته الإعجازيّة في خضم شروحهم لمعاني التنزيل الحكيم، حيث يعتبر ينبوع العربيّة، وأصل المشتقات، فهو” المادّة الأولى التي منها يصاغ الفعل وغيره”(8).

وعليه، فقد قسّمت الدّراسة لتحليل الخطاب إلى مبحثين، يتّجه الأوّل منهما اتّجاهًا نصيًّا، حيث يقوم على رصد مصادر المادّة اللغويّة (سلم) في النّص القرآني في سياقاته المختلفة، أمّا الثّاني فيتّجه اتّجاهًا معجميًّا تداوليًا؛ إذ يقوم على الكشف عن دلالات مصادر المادة اللغويّة (سلم) في النّصّ القرآنيّ في السّياقين (المعجميّ والتّداوليّ).

  • مادّة الدّراسة النّصيّة:(9)
  1. 1. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ ۚ كَذَٰلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾ سورة النساء، آية 94.
  2. 2. ﴿ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ سورة المائدة، آية 16.
  3. 3. ﴿ وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ ۖ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ۖ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ سورة الأنعام، آية 54.
  4. ﴿ لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِندَ رَبِّهِمْ ۖ وَهُوَ وَلِيُّهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ سورة الأنعام، آية 127.
  5. ﴿وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ ۚ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ ۚ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَن سَلَامٌ عَلَيْكُمْ ۚ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ ﴾ سورة الأعراف، آية 46.
  6. ﴿دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ ۚ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ سورةيونس، آية 10. 
  7. 7. ﴿وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَىٰ دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ سورة يونس، آية 25.
  8. ﴿ قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِّنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ ۚ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ سورة هود، آية 48. 
  9. ﴿ وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَىٰ قَالُوا سَلَامًا ۖ قَالَ سَلَامٌ ۖ فَمَا لَبِثَ أَن جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ ﴾ سورة هود، آية 69.
  10. 10. ﴿ سَلَامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ ۚ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ﴾ سورة الرّعد، آية 24.
  11. 11. ﴿وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ ۖ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ﴾ سورة إبراهيم، آية 23.
  12. ﴿ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ﴾ سورة الحجر، آية 46.
  13. ﴿الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ ۙ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ سورة النحل، آية 32.
  14. ﴿ وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا﴾ سورة مريم، آية 15. 
  15. 15. ﴿ وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ﴾ سورة مريم، آية 33.
  16. 16. ﴿ قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ ۖ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي ۖ إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّاسورة مريم، آية 47.
  17. ﴿ فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ ۖ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكَ ۖ وَالسَّلَامُ عَلَىٰ مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَىٰ﴾ سورة طه، آية 47.
  18. 18. ﴿ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَىٰ ۗ آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ سورة النّمل، آية 59.
  19. 19. ﴿ وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ﴾ سورة القصص، آية 55.
  20. 20. ﴿ تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ ۚ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا ﴾ سورة الأحزاب، آية 44.
  21. 21. ﴿ سَلَامٌ قَوْلًا مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ ﴾ سورة يس، آية 58.
  22. 22. ﴿ سَلَامٌ عَلَىٰ نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ﴾ سورة الصّافات، آية 79.
  23. 23. ﴿ سَلَامٌ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَسورة الصّافات، آية 109.

24.﴿ سَلَامٌ عَلَىٰ مُوسَىٰ وَهَارُونَ ﴾ سورة الصّافات، آية120.

  1. ﴿ سَلَامٌ عَلَىٰ إِلْ يَاسِين﴾ سورة الصّافات، آية 130.
  2. ﴿ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ﴾ سورة الصافات، آية 181.
  3. 27. ﴿وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ﴾ سورة الزّمر، آية 73.
  4. ﴿ فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ ۚ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾ سورة الزّخرف، آية 89.
  5. ﴿ ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ۖ ذَٰلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ﴾ سورة ق، 34.
  6. ﴿ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا ۖ قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ ﴾ سورة الذاريات، آية 25.
  7. ﴿ فَسَلَامٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ﴾ سورة الواقعة، آية 91.
  8. ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُون ﴾ سورة الحشر، آية 23.
  9. ﴿ سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْر ﴾ سورة القدر، آية 5.
  10. ﴿ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ إِنَّا مِنكُمْ وَجِلُونَ﴾ سورة الحجر، آية 52.
  11. ﴿ لَّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا ۖ وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا ﴾ سورة مريم، آية 62.

36.﴿ قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ ﴾ سورة الأنبياء، آية 69.

  1. ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴾ سورة الفرقان، آية 63.

38.﴿ أُولَٰئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا ﴾ سورة الفرقان، آية 75.

39.﴿ إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا ﴾ سورة الواقعة، آية 26.

القراءة الأوّليّة:

تكشف نظرتنا الأوّليّة لمادّة الدّراسة النّصيّة عن الملحوظات الآتية:

* ورد المصدرمن مادّة (سلم) تسعة وأربعين مرّة.

* بلغ عدد الآيات المتضمّنة المصدر من مادّة (سلم) تسعًا وثلاثين آية في ستة وعشرين سورة.

* تكرّر ورود المصدر مرّتين في(الأنعام، يونس، الحجر، الفرقان)، في حين ورد ثلاث مرّات في (الواقعة)، وفي كلّ من (هود، مريم) ورد أربع مرّات، وفي (الصافات) ورد خمس مرّات.

* تكررت بنية المصدر(سلامًا) مفعولًا مطلقًا ثلاث مرّات في كلّ من(الذّاريات، وهود، والحجر)، ومرتين في (الواقعة) حيث أعربت في المرة الأولى بدلًا مطابقًا، وفي الثانية توكيدًا لفظيًّا، ومرة واحدة مفعولًا به في سورة (الفرقان). 

* تكررت بنية المصدر(السّلام) سبع مرّات، ثلاث منها أعربت مضافًا إليه في (المائدة، الأنعام، يونس)، ومرتين مبتدأ في (مريم، طه)، ومرّة واحدة مفعولًا به في (النساء)، وأخرى في (الحشر) حيث أعربت نعتًا.

* تكررت صيغة المصدر(سلام) سبع عشرة مرّة، حيث أعربت مبتدأ في عشر منها وهي (الأنعام، هود، الرّعد، النحل، مريم، القصص، الصّافات، الذّاريات)، وفي (يونس، وإبراهيم، والأحزاب، ويس، والزّخرف، والقدر) أعربت خبرًا.

* سُبق الاسم الوارد في الآيات بصيغة (سلام) بنوعين من الواو، الأولى منها: واو استئنافيّة وردت ثلاث مرّات في (مريم، طه، الصّافات)، والثانية: واو عاطفة تكرر ورودها أربع مرّات في (مريم، النّمل، الأنبياء، الفرقان).

* سُبق المصدر(سلام) بالفاء الرّابط لجواب الشّرط مرّة واحدة في سورة (الواقعة).

* سُبق المصدر (سلام) بــــ(أنْ) المخففة مرة واحدة في سورة (الأعراف). 

* وردت صيغة (سلام) مسبوقة بحرف الجرّ (الباء) ثلاث مرّات في(هود، الحجر، ق).

* وردت بنية المصدر (سلامًا) استثناءً منقطعًا مرّة واحدة، وذلك في سورة (مريم).

صيغة السّلام أمصدر أم جمع تكسير

اختلف أهل الّلغة في صيغة (السّلام) الصرفية، هل هي مصدر أم اسم مصدر؟، وإذا كانت مصدرًا ما فعلها المشتقّة منه؟ هل ثلاثيّ الأصول أم رباعيها؟ كما أنّ هناك من يقول إنّها جمع تكسير. وفي ما يلي تصنيف وتعقيب على الآراء المتناولة للصيغة الصّرفية للسّلام.


  • أوّلًا: مصدر من الفعل الثلاثي المزيد بحرف

ذهب بعض النحويين إلى أنّ (السّلام) مصدر فعله (سلّم) بالتضعيف، فمن ذلك قول الزجاج الذي أورده ابن الجوزي “فمنها سَلَّمْتُ سَلامًا – مصدر سَلَّمْتُ”(10)، ويشهد لهذا الرأي قول الشاعر(11): ] الطّويل [

مررنا فقلنا إيهِ سلْمٌ فسَلّمت         كما اكْتَلَّ بالبرق الغمامُ اللوائح

ذلك أنّه استعمل صيغة المضعّف سلّمت ليدل على أنّ (سلم) المذكور مراده بالسلام؛ لذا أتبعه بالفعل المضعّف، فالسّلام معدول به عن التسليم مصدر(سلّمت)، لكن طلبًا للخفة، وتلوين الخطاب انتخب لفظ السّلام. وتسمية سلام هنا بالمصدر قد يكون تجوزًا، لأنّ( المصدر) يكون موافقًا للفعل من حيث عدد الحروف، أما(اسم المصدر) فتكون مادته ناقصة عن المصدر. فـــــ(اسم المصدرِ)، نحو “أعطيتُك عَطاءً”، و”اغتسلتُ غُسلًا” و”كلّمتكَ كلامًا” و”سلّمتُ سلامًا”(12). ويؤيد ذلك ما جاء به الأستراباذي في حديثه عن مصادر فعّل “ويجيء على “فَعَال”، وهو اسم ينوب مناب المصدر، نحو: سلَّم سلامًا، وكلَّم كلاما”(13). وعلى هذا فالسّلام نائب عن التّسليم، لذا منح إعرابه. 

  • ثانيًا: مصدر من فعل ثلاثيّ (سلم)

اعتبر بعض اللغويين أنّ (السّلام) مصدر مشتق من فعل (سلم) الثّلاثي، فقد جاء في اللباب في علوم الكتاب نقلًا عن المبرد ” قالَ الْمُبَرِّدُ: وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ: السَّلَامُ مَصْدَرُ سَلِمَ” (14).

  • ثالثًا: السّلام جمع السلامة 

استنادًا لسياقات (السّلام) وتلوّن مساربه دعا المفسّرون إلى تنوّع الوجهات في صيغته، حيث نجد بعضهم يميل إلى أنّه جمع مفرده السّلامة، قال الرّازي مبينًا القول الثّاني في صيغة (السّلام) بعد أن عرض للرّأي الأوّل قائلًا:” الثَّانِي: أَنَّ السَّلَامَ جَمْعُ السَّلَامَة”(15). حصيلة القول إنّ السّلام فعّال من مادة: (س ل م)، وهل هي ثلاثيّة الأصول، أم ثلاثيّة اشتملت على حرف مزيد لإفادة معنى، ثمّ هل هو مصدر أم جمع تكسير؟، والظاهر أنّها مصدر كما ترشد إليه أكثر مواردها في القرآن العظيم، أمّا الجمع فلا يعدو فرضيّة من فرضيات أهل النحو.


  • المبحث الأوّل: صيغة (السّلام) بين الأصل المعجمي والانزياحات التّداوليّة

قبل التّطرّق إلى مسارب دلالات صيغة(السّلام) وانزياحاتها وأبعادها الدلاليّة الواردة في الخطاب القرآنيّ، لا بدّ من النّظر في مفهوم (السّلام) لمعرفة حقيقته الّلغوية والاصطلاحيّة، التي تتنازعها بنيتان: بنية المعنى (المعنى الدّلاليّ) حيث تستخدم الكلمة “وفقًا لسماتها الدلاليّة”(16) المفهومة من ظاهر اللفظ حسب قول الجرجاني (ت 1340هـ ـ):” الكلام على ضربين: ضرب أنت تصل منه إلى الغرض بدلالة اللفظ وحده”(17)، فالوصول إلى اللفظ في هذه المرحلة لا يحتاج إلى واسطة؛ لأنّ التعامل معه تعامل مجرّد في أصل وضعه، أي بعيدًا عن عوامل السّياق اللغويّ(18).

 أمّا البنية الثانية فهي بنية (السّياق اللغويّ)، المتّصل بــانحراف الّلفظ عن التّعبير المباشر إلى آخر غير مباشر، وذلك حينما” تعقل من الّلفظ معنى، ثمّ يفضي بك ذاك المعنى إلى معنى آخر”(19) بعد خرق قوانين السّمات الدّلالية، وذلك عن طريق المجاز والاستعارة والكناية إلى غير ذلك من الصّور البلاغيّة.

ومن المعلوم أنّ السّياق النحوي(التّركيبي) يشغل حيزًا في بيان الدّلالة، وذلك من خلال العلاقات البنائية (التركيبية) للجملة، التي أولاها البلاغيّون اهتمامًا؛ لأنّها “تمثّل موضوع البلاغة الأساسي، فالبلاغة عندهم لا تجري إلا في المركّب من الألفاظ”(20) التي يعتبر الإسناد جوهرها، وذلك لأنّ أصله الضمّ والاعتماد، وغايته واحدة هي” إفادة معنى يحسن السّكوت عليه ” (21).

والنّاظر في مستقرّات المعاجم، يقع على مرامي الألفاظ ومعانيها أصلًا وفرعًا؛ إذ يرى المعنى الحقيقي وثيق الصّلة المباشرة بجذر لفظه، ثمّ يمتد بصره لاحظًا ما تفرّع عن الجذر منبت المصطلح، مع الأخذ بالحسبان أنّ ذاك الاشتقاق غير مطلق المواءمة بين مفاهيم المشتقات اللفظيّة للجذر الواحد؛ إذ مع احتفاظها بالتماس مع جذرها شكلًا، لا تفارق أصل وضعه ضمنًا، كما نلحظ في مفهوميّ (السّلام، سلامًا)، إذ اللفظ المولد لأوّليات ونهايات أفكار المتكلّم، هو في الوقت نفسه وليد تصوّر ذهنيّ محكوم بالمنطق،

وبحكم التداول المكتمل بالمتلقي، فإنّ الألفاظ تؤخذ ثمّ يتم تصديق فهمها بالتصوّر المطابق لذاك التصور الأوّل، بشكل يجلّي الرمزية للألفاظ، فتدرك معانيها بشكل أسرع من إدراك كيفية إدراكها، فيترك النظر إلى تلك الكيفية عند الاكتفاء بما يقدمه الفهم العام للفظ الفرعيّ، إلا أن ذاك المتروك، هو ما تناولناه هنا ويهتم به أهل الاختصاص.

  • أصل “السّلام” وحقيقته:

لاحظت الدّراسة بعد مصاحبتها للمعجم اقتران دالّ (السّلام) وحقيقة وضعه بمدلول البراءة من الآفات، فالسّلم والسّلامة: أن يسلم الإنسان من العاهة والأذى ويتعرّى من الآفات الظّاهرة والباطنة، ويأتي – أيضًا- بمعنى الصّلح، والنّشيد الوطنيّ الرّسميّ، وضرب من الشّجر(22). ويرى كلّ من القشيريّ (ت 465هــــ) والغزالي(ت 505هـــ) وابن منظور(ت 711هـــــ) أنّ لفظ (السّلام)هو اسم من أسمائه العلى، أطلق على العليّ القدير لسلامته مما يلحق المخلوقين من العيب والنّقص والفناء(23)،

وفي قوله تعالى:﴿ لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِندَ رَبِّهِمْ﴾(24) (السّلام) هو الله تعالى وداره الجنّة، ومن (السّلام) اشتقّ– أيضاً – لفظ الإسلام(25)، حيث يتوصل إلى أنّ كلّ ” ما يكون (من) الإقرار باللسان من غير مواطأة القلب، فهو إسلام….”(26)؛ إذ يعني ذلك الخضوع والاستسلام لأمر الله تعالى والانقياد وإخلاص العبادة له؛ فالمسلم يسلم – بذا- من الإباء والامتناع(27) وهو ما أكّده الزمخشري(28) (ت 538هــ) في المختار مما فسره من ألفاظ الحديث والسّامرّائي(29) في العقيدة عند الإمام مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي.


  •  الدّلالة المقصديّة والتّداولية لمفهوم السّلام في القرآن:

أجرت الدّراسة إطلالة عامّة على آيات القرآن الكريم، الذي أعجز العرب بجماله وحسن سبكه، فلاحظت أنّ اللفظ الواحد تتخلله معانٍ متعددة تبعًا للسياقات النّصية التي يرد فيها، فهناك معانٍ كليّة ارتكز عليها (السّلام) باعتبارها مؤتلفة، هي النّواة التي تمدّ الباحث في القرآن بالمعاني التّداولية للمفهوم في النّص القرآنيّ، وتلك المعاني هي: 

أ. الانقياد والاستسلام والمتابعة: تتضح هذه الدّلالة من خلال ورود حالة (السّلام) بين طرفين أحدهما تحت إمرة الآخر، خاضع لتوجيهاته، وما يملى عليه؛ لذا جاء(السّلام) إشارة إلى ضعف المتحدّث به، وحاجته إلى متابعة الأقوى، والالتفاف حوله؛ لأنّ فيها منجاته من وقوع الضّرر عليه؛ إذ نهى الله تعالى المسلمين عن اعتماد الضّرر بالضّعفاء الذين لا قوّة لديهم غير الخضوع والانقياد(30)،

وذلك في قوله: “وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا”(31)، أَيْ: لِمَنْ صَارَ مُنْقَادًا وَمُتَابِعًا ومستسلمًا لكُمْ(32)، فعليكم أيها المسملون ألّا تتعرّضوا لهم ابتغاء أن تنالوا عرضًا من الدّنيا، فعند الله مغانم كثيرة. 

 ب. السّلامة من الشّر: وردت لفظة (السّلام) في هذا المعنى مصحوبة بالسّبل في قوله تعالى:” قيل يا نوح اهبط بسلام منّا”(33)، وقوله تعالى: “يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ”(34) أي: “طرق السّلامة والنّجاة من عذاب اللَّه أو سبل اللَّه”(35).

فالسلام في الآية سلامة المشوار الذي يخطو به المؤمن في دنياه، محفوفًا برعاية الله؛ لذا حرص هؤلاء على تتبّع رضوان الله فأرشدهم إلى السّبل الخالية من الأكدار والمكاره، إنها سبل الله المختارة لعباده المتّقين الّذين آثروا الآجل على العاجل، موقنين بموعود الله المعدّ للصّابرين المحتسبين. 

ج. الأمان: أي أمان المرء من أوحال الذّنوب التي تعيق طريقه، فتلقي به في دهاليز جهنم الآخروية، وهذا الأمان يستفاد من قوله تعالى: “لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِندَ رَبِّهِمْ “(36) فــالأمان المراد به هنا، “الْأَمَانُ الْكَامِلُ الَّذِي لَا يَعْتَرِي صَاحِبَهُ شَيْءٌ مِمَّا يَخَافُ مِنَ الْمَوْجُودَاتِ”(37).

فالله أمّن المؤمن من كلّ ما هو غائب عنه، وخاصة أهوال القيامة التي شنّع الله أوصافها؛ لذا كان المسلم في دنياه يخشى من درك يوم الحشر، من هنا حرص على تلمّس هداية الله له في الدنيا كي يؤمنه في الآخرة. 

وقيل (دار السلام): الجنة “وَإِنَّمَا سُمِّيَتِ الْجَنَّةُ بِهَذَا الِاسْمِ لِأَنَّ أَنْوَاعَ السَّلَامَةِ حَاصِلَةٌ فِيهَا بِأَسْرِهَا”(38) وقيل – أيضًا- “الله هو السّلام، والدّار الجنّة”(39). فالجنة والأمان يتعانقان في تفسير(السّلام) الوارد في الآية، ولا تمحّل في جريهما معًا عليه، بل هو أمر سائغ تقبله الأذواق السّليمة، فالسّلام جنة؛ لأنه بستان طيب عرفه، باسق أصله، فالذين اتخذوه منهجًا وسلوكًا ينعمون في حياتهم، ويرفلون في نعمهم، كما يرفل أهل الجنة في الآخرة، كما أنّ “السلام” أمان للفرد والمجتمع في الدّنيا، فكلما نشر السلام في الأرض عمت السكينة، فأصبح الناس في مأمن على نفوسهم وسير حياتهم نحو الأفضل.

د. اسم من أسماء الله: دلّ على ذلك ذكر السّلام مع أسمائه جلّ ذكره، وذلك في قوله تعالى:”هو الله الذي لا إله إلا هو الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ”(40) فالسلام هنا “اسم الله تعالى؛ لأنه سلم ممّا يلحق الخلق من الغِيَر والفناء”(41). والمفسرون هنا على طريقين في تفسيرهم معنى اسم الله بــ(السلام)، فإمّا أن يكون معناه راجعًا إلى ذاته القدسية، أو راجعًا إلى أمر متعلق بعباده المؤمنين، وهو ما أكّده الماتردي بعد ذكره الخلاف، وترجيحه للرأي الأوّل بقوله: “اختلف في تأويله منهم من قال: سمى نفسه: سلامًا؛ لما هو سالم عن الآفات، وغيره من المخلوقين لا يسلمون من حلول الآفات بهم. وقال آخرون: سمّى نفسه: سلامًا؛ لمّا سلم المؤمنين من عذابه والتّأويل الأوّل أقرب”(42)،

فتسمية الله نفسه بالسّلام دالّ على علوّ صفاته ورفعته عن المخلوقين، فهو السّلام المخلّص لهم من أردان الذنوب، والمجري عليهم الأحوال من غنى وفقر، وحياة وموت.

هــ. السّداد: وهذا وصف نعت الله به المؤمنين المستقيمين ثناء على لينهم في خطابهم مع أصحاب الغيّ والجهالة، فالمؤمن ليس فظًّا في سلوكه، وإنّما خلقه التؤدة والملاطفة؛ وذلك في نحو قوله تعالى: “وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا”(43). قال ابن قتيبة في تفسير سلامًا؛ أي: سَدادًا من القول(44) بمعنى أنّ قولهم وسط لا إفراط فيه ولا غلو، بل سداد واعتدال؛ لأنّ معهم معية الله وتوفيقه.

و. الخالص: يستفاد هذا المعنى من قوله تعالى: “سلام قولًا من رب رحيم”(45). قال الفرّاء في معناه:” أي لَهُم ما يدّعونَ مُسَلّم خالص، أي هو لهم خالص”(46) وهذا المعنى له ارتباط وثيق بمعنى الأمان؛ لأنّ السّلام بريء من كل التموجات المتدحرجة بالإنسان إلى سبل الرّدى، المفضية به إلى التّعاسة، وإنّما السّلام خالص لإرساء قواعد الأمان، وإفشائه بين أهل الأرض.

ز. القول الذي يحيا به الإنسان عند ملاقاته أو الدخول عليه: وهذا المعنى هو أكثر ما ورد به لفظ(السّلام) في القرآن الكريم، وله أساليب حيث يقع في المحاورات بين الأنبياء ورسلهم، أو أتباعهم من الثّقلين، كما يقع بين الملائكة ومن يرسلون إليه من المؤمنين، سواء كان ذلك تبشيرّا له عند نزع الروح من الجسد، أو عند دخوله الجنّة يوم الآخرة، قال تعالى عن حال الملائكة ومضيفيهم من المؤمنين الصابرين على طاعة ربهم: “والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم”(47)؛ لأنّ المؤمنين “ما يُحيَّونَ به في الجنة هو لفظ السلام الدال على الأمن والطمأْنينة والسلامة من كل مكروه”(48).

ح. اسم جامع للخير: فالسلام يجمع كلّ الخير؛ لتضمّنه السّلامة(49)، وهذا المعنى مستفاد من قوله تعالى عن وصف الجنّة بعد نزول أهلها فيها:” لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا”(50)

وعليه، فإنّ (السلام) في ثمانية استعمالات جوهريّة يرشد إليها الرسم التّالي:

فالتّلاقح الذي يجري بين الحقول الدّلاليّة مبيّنًا أدوارها في هذا التّفكيك التّداوليّ، تفكيك دال(السّلام) إلى مدلولات أخرى تختلف عن مدلول(البراءة من العيوب والآفات)، يؤكّد على أنّ العلاقة بين الدّال والمدلول متغيّرة بتغيّر الأدوار الدلاليّة والبنى المحوريّة المفترضة، التي تكسب دال(السّلام) توسّعًا في المعنى، وذلك من خلال توليد دلالات جديدة بينها علاقات وترابط نستطيع من خلالها الكشف عن معنى المفردة؛ إذ يعمل السياق على تحديد دلالة الكلمة المعيّنة تحديدًا دقيقًا لا تتبادر خلاله دلالة غيره من الكلمات في الحقل الدلاليَّ المعين(51).

فبهذه المعاني يظهر اكتناز الّلفظ القرآنيّ وشحنته الدّلالية، وهذا التنوّع المفهوميّ يحيل كلّه إلى زرع الأمان والسّلامة بين الناس في الدّنيا لتستقر حياتهم؛ لأنّ(السّلام) هو قوام الحياة يعيش الفرد والمجتمع فيه حياة طيبة، آمنين على أنفسهم وأموالهم. وهذا ما ترجمه النبي – صلى الله عليه وسلم – حين قال: “من أصبح منكم آمنا في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا”(52).

  • المبحث الثّاني: انزياحات مصدر (السّلام)

يلحظ النّاظر في الدّراسات القرآنية إشارات تشير إلى انزياح (خروج) النّص القرآني عن نسقه المثاليّ المألوف بعد تدواله إلى نسق إبداعيّ تخترق فيه الحدود المعياريّة للغة؛ حيث تنتقل فيه الألفاظ من دلالتها الأولى إلى دلالتها الثّانية وهي(دلالة التحوّل) التي تعتبر واقع المجاز الذي تتوسّع فيه الألفاظ وتختلف فيه الطّرق لتضّح الدّلالة على المعنى الواحد،

فكلّ كلمة في اللفظ العربيّ وضعت” في موضعها اللائق بها إمّا حقيقة أو على وجه المجاز”(53) الذي يوازي الحقيقة ويناظرها في الدّلالة، وذلك أنّ منطقيّة العلاقة بين الدّال والمدلول مسوّغة باعتباره “صنو الوظيفة الإبلاغيّة التواصليّة” (54) مع زيادة في قدرته على التعبير عن الدّلالات العميقة التي “يتمّ إنجازها في الدّاخل”(55)، والمتمثّلة في المستوى الإيحائي لا الشّكليّ.

  يرتبط مفهوم (الانزياح) الذي” يشكّل خاصيّة أسلوبيّة”(56) بنوعيّ المجاز(العقليّ واللغويّ) حيث يمثل النوع الأوّل منهما الانزياح التّركيبيّ، الذي لا تنقل فيه الألفاظ عن أصلها اللغوي، وإنّما يكون العقل مستنده فيُستشعر ذلك عقليًا عن طريق التركيب والإسناد(57)، فهو “إسناد الفعل أو ما في معناه إلى غير ما هو له عند المتكلّم “(58)، أمّا الثاني فيمثّل جوهر الانزياح الدّلالي.

وبالنّظر في مفهوم (السّلام) في النّصّ القرآني، الذي يشكّل قيمة جماليّة عند متلقّيه منذ بداية نزوله ففيه” ما في الكلام العربيّ من الغريب والمعاني”(59)، نلحظ العدول عن معناه المعجميّ في استعمالاته التداوليّة وعمّا ألفه الناس من” أساليب التعبير وأنماط الصّياغة “(60) فتراه تارة يترك على وضعه، وتارة أخرى يحلق بعيدًا منزاحًا عن المستوى المثالي إلى المستوى الإبداعيّ للأسلوب القرآني في مستوييه الدلاليّ والتّركيبيّ. 

  •  عدول المصدر عن النّصب إلى الرّفع في سلام النبيّ إبراهيم على الملائكة:

ترصد الدّراسة بعض الملامح الأسلوبية انطلاقًا من الحوار الذي جرى بين إبراهيم وضيفه، حيث انتقى كلّ من المحاورين ألفاظًا تناسب ما يريد أن يوصله إلى الآخر؛ إذ يكمن جوهر العدول عن النّصب إلى الرّفع في قوله تعالى:﴿ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا ۖ قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ(61) من جانبين: 

أ. جانب الاتّحاد اللفظي، الذي نعني به اتّفاق السّلامين من حيث الألفاظ التي سلّم بها بعضهم على الآخر.

خاطب القوم إبراهيم بـــ(السّلام)، فردّ عليهم (السّلام)، حيث نجد كلا الخطابين اشتركا في الجزالة، وقلّة الألفاظ، وذلك استنادًا إلى ضيق المقام، وحرج الظرفية، فالضيف عادة لا يمكث مع مضيفه إلا القليل، ثمّ ينصرف لانتهاء مهمته، أو خلدًا إلى الراحة. من هنا كان الحوار مختزلًا للمهمّة التي جاء بها الرّسل، بشارة لإبراهيم بالولد، وإعلامًا بالهلاك الّذي سيحلّ على قوم ابن أخيه لوط.

ب. الافتراق الأسلوبيّ، الذي يقصد به اختلاف الألفاظ التّركيبيّة من حيث الجمل ووحداتها التّأليفية؛ إذ توصف الجملة القرآنيّة أنّها تتبّع المعنى النفسي، فتصوّره بألفاظ لتلقيه في النّفس؛ لذا، فإنّ النّاظر إلى الآية السّابقة يلحظ اختلافًا بين التّحيّتين، فقد جاءت دلالة النّشوء في(تحيّة الملائكة) عليهم السّلام ظاهرة، وذلك على تقدير: نُسلّم سلامًا”. وعليه، تكون(سلامًا) متعلقة بمحذوف تقديره: سلّمنا عليك سلامًا(62)، فسلامًا مفعول مطلق مؤكّد لفعله المشتق منه. وعلى هذا اعتبر سلام الملائكة بصيغة الفعل الدّال على الحركة والسّيرورة والتّموج الذي يقتضي التّجدّد.

أمّا تحيّة(إبراهيم) عليه السّلام، فقد جاء التعبير عنها بالجملة الاسميّة، التي يرى النّحاة أنّ لها دلالتها الخاصّة في السياق، وذلك بالنّظر إلى علاقة المسند بالمسند إليه فتراها “موضوعة للإخبار بثبوت المسند للمسند إليه بلا دلالة على تجدّد أو استمرار إذا كان خبرها اسمًا، وقد يقصد به الدّوام والاستمرار الثّبوتيّ بمعونة القرائن” (63)،

فقوله “سلام” على تقدير محذوف. والجدير بالذّكر أنّ في المسألة خلاف حول حذف المسند إليه أو المسند(64) والأفضل أن يكون المحذوف المسند؛ لأنّ المتبدأ هو عصب الجملة الاسمية فيكون حذف غيره أولى، وحينئذ يكون مبتدأ خبره محذوف تقديره: (سَلامٌ عَلَيْكم)، و(عَلَيْكَم)، يكون لبيان مَن أُرِيدَ بِالسَّلامِ(65)، وكَوْنُ المبتدأ نكرة يحتمل في قول القائِلِ: سَلامٌ عَلَيْك، ولبّيك، وخير بين يديك، ووَيْلٌ لَك….، فهذه حروف كلّها مبتدأة مبنيّ عليها ما بعدها، والمعنى فيهنّ أنّك ابتدأت شيئًا قد ثبت عندك واستقرّ، “وإذا نصبت كنت ترجاه في حال حديثك وتعمل في إثباته”(66)،

ففي سلام(إبراهيم) عدول وانزياح إلى الضمير، بدل الاسم الظاهر(إبراهيم)، وإن كان القياس يقتضي ذكر الاسم؛ لأنّ الاسم إذا كرّر بلفظ الضمير ثم احتيج إلى إعادته كان ذلك بصيغة الظّاهر، لكن مراعاة للفواصل القرآنيّة ذكر ثالثة بالضمير. وإنما ” أتي بِالْجملة الِاسميّة فإنّها أَدلّ على الدّوام والاستقرار”(67)، والمفسّرون يميلون إلى أنّ “جملة القول الثانية جواب لسؤال مقدر تقديره فماذا قال لهم ؟ ولهذا فصلت عن الأولى فلم تعطف عليها، وأما النّحاة فقالوا: هي المقتطعة عمّا قبلها سواء كانت جوابًا عن سؤال أم لا، فالاستئناف عندهم أعم”(68).

وعليه، فإنّ الدّراسة ترى أنّ تنكير المسند إليه، والعدول به إلى الرفع على الابتداء، وهو(سلام إبراهيم) إشعار بكماله وتوفيته المراد؛ لأنّه أرادَ أنْ يَردّ عليهم بتحيّة أحسن من تحيّتهم، محققًا بذلك التّمام والكمال وبلوغ الغاية المطلوبة؛ وهي أن يكون سلامًا عامًّا ثابتًا، وهذا أوقع في الشمول من رده بـــــ(السّلام) معرفًا أو سلامًا بالنصب؛ لأنّ اللفظين لهما حدود غير متسعة إما للعهد كما في السّلام، كأنه أعاد سلامهم الآنف دون زيادة، أو للتأكيد على تقدير “سلامًا” متعلق بسلّمت. 

  • عدول الوصف عن المشتقّ إلى المصدر في اسم الله (السّلام):

تنطلق الدّراسة في هذه المسألة لتبيّن جوهر العدول في قوله تعالى:﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُون (69) بعد أن تسلّط الضّوء على ما يراد بكلّ من المصدر والوصف في هذا المقام.

اختلف أهل العربيّة(70) في مسألة أصالة (المصدر) الذي يعتبر المادّة الأولى التي يشتقّ منها؛ لاشتماله على الحروف التي يبنى عليها الفعل وغيره من الأسماء المشتقّة كاسم الفاعل واسم المفعول والصّفة المشبّهة وغيرها من المشتقات(71)، أمّا الوصف- المراد به هنا – فيتّسم بالعموم في معناه عن ذاك الّذي يرد إلى الذّهن حين يطلق عند النّحاة، وذلك أنّه “كلّ ما يُنسب إلى اسم الذّات أو اسم العين ممّا يوضّح صفته أو يسمه بسمة تزيد في توضيحه وتقرّب إدراكه إلى التّصوّر”(72) ويكون ذلك على سبيل” النّعت أي الوصف المشتمل على الموصوف اشتمال مطابقة وتبعيّة نحو”هذا زيد العالم” “(73)

وقد عدّ أكثر النّحاة الوصف بالمصدر خلاف الأصل(74)؛ إذ الأصل – عندهم – أن تكون(الصّفة) مشتقّة لا جامدة، والدّليل على ذلك ما ذكره كلّ من ابن مالك(ت 672 هــ) والأشموني (ت 929هــــ) وغيرهما من النّحاة، متجاهلين في ذلك ما ذهب إليه نحاة البصرة من أنّ المصدر هو أصل المشتقّات؛ “لاشتمال معناه بالقوّة على معنى كلّ ما يشتقّ منه من الأفعال والصّفات”(75)

وعليه، فهم يرون أنّ وظيفة المصدر في اللغة تكمن في الاشتقاق منه لا الوصف به(76)؛ لخلوّه من الدّلالة على معنى الذات، فهو اللفظ المجرّد العامّ من غير المسند؛ لأنّه يشير إلى حدث محض دون إسناد إلى ذات، لذلك له عموم في معناه لا يختصّ، وعدم اختصاصه أو تعلّقه هذا بأيّ ذات(شئ) يعتبر غياب المسوّغ الذي يربطه به، وغياب المسوّغ هذا يحرم المصدر المجرّد من الإسناد(من الارتباط) كونه مجرّد بطبيعته الأصليّة.

غير أنّ الدّراسة ترى أنّ جوهر معنى(الوصف) موجود في المصدر؛ لأنّ “معنى الحدث بسيط غير مركّب مع معنى الزّمن المعيّن أو معنى الذّات”(77)، وهو الذي يصحّ أن يخلع على أسماء الذوات، كما يخلع الثوب على لابسه فيحدّد معالم جسمه ويوضّح جوانب صورته، وهو في هذه الحالة ثوب فضفاض قابل لكلّ ما يصلح للتوليد منه والحمل عليه، فحين يؤتى به وصفًا أو خبرًا أو حالًا نحو قولنا: ” زيد عدل”، يحتمل أن يفهم منه جميع ما يراد بتلك الأوصاف التي يمكن أن تشتقّ منه ويحتملها سياق الكلام، وذلك بأنّه (عادل) و(معدّل) و(ذو عدل)، أي محكوم له بالعدالة وغير ذلك ممّا يصح وصفه به(78).

اتّجه كلّ من ابن يعيش (ت 643هــ)(79) والأشموني (ت 929هــــ)(80) بهذه المسألة وجهة بلاغيّة، فهذه المصادر كلّها تأوّل تأويلًا مجازيًّا من باب إسناد الوصف لما ليس له.

وبذا، تكون على سبيل المبالغة أو المجاز بالحذف إنْ قدّر المضاف، وذلك نحو قولنا: “رجل عدل” أي هو نفس العدل أو ذو عدل، فكأنّهم” جعلوا الموصوف ذلك المعنى لكثرة حصوله منه”(81)، وهذا استكمال يعلل الاستعمال الذي جرى في توظيف المصدر في الوصف، بأنّه لعلّة المبالغة بإطلاق المكنون الشّامل لمعنى

اللفظ من غير الاقتصار على بعض معانيه وترك بعضها، وذلك للاستغراق في دلالة أصل وضع اللفظ في اللغة، فحمل (السّلام) على النّعت بالمصدر في الآية السّابقة الذّكر أولى؛ لأنّ الغاية من العدول إلى النّعت بالمصدر الدّلالة على المبالغة التي مال إليها كثير من المفسّرين(82).

وعليه، فإنّ الدّراسة ترى أنّ المعنيّ بالمبالغة – هنا- الإطلاق الذي ليس له حدّ؛ لأنّ هذا مختصّ بصفة الله التي هي اسمه منذ أزليّته وليس وصفًا حادثًا. وفي غير ذلك فالمبالغة نسبيّة حسب معايير العقل والمنطق.

  • تأملات أسلوبية في سياقات السّلام:

تميّزت النّصوص القرآنيّة بخصوبتها ومناسبتها لدراسة سياقات السّلام، فقد حكى القرآن (سلام الله) على جملة من الأنبياء، تشريفًا وتعظيمًا لشأنهم، وتنويهًا بمقامهم، غير أنّه يلحظ فروقًا أسلوبيّة بين سلامات الله على أنبيائه وهم:

أوّلًا: سلام الله على نوح وإبراهيم وموسى وعيسى وإلياس

جميع هؤلاء ألقي عليهم (السّلام) نكرة متبوعة باسم النبي فقيل:

    • ﴿ سَلَامٌ عَلَىٰ نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ﴾ سورة الصّافات، آية 79.
    • ﴿ سَلَامٌ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ  سورة الصّافات، آية 109.
    • ﴿ سَلَامٌ عَلَىٰ مُوسَىٰ وَهَارُونَ سورة الصّافات، آية120.

 

  • ﴿ سَلَامٌ عَلَىٰ إِلْيَاسِين﴾ سورة الصّافات، آية 130.

 

لكن نوحًا اختصّ بضميمة الجار والمجرور بقوله تعالى: ﴿ فِي الْعَالَمِينَ﴾، ولم يكن هذا التخصيص اعتباطًا، وإنّما لحكمة إلهية، أجاب الزّمخشري عن بعض جوانبها بقوله: “إن قلت: فما معنى قوله فِي الْعالَمِينَ؟ قلت: معناه الدّعاء بثبوت هذه التّحية فيهم جميعًا، وأن لا يخلو أحد منهم منها، كأنّه قيل: ثبت الله التّسليم على نوح وأدامه في الملائكة والثقلين يسلمون عليه عن آخرهم”(83).

ينضاف إلى ذلك ذكر الأهل والذّرية، وكلّ الأنبياء منضوون في دين نوح عليه السّلام المعبّر عنه بأهله، الّذين التحقوا بسفينة النّجاة، حيث أخلصها الله لتكون بذرة صالحة سيكون من نتاجها قوم صالحون منهم الأنبياء المرسلون، أو لعلّ ذكر” العالمين ” فيه إيماء إلى المدّة الزّمنيّة الطويلة التي مكثها نوح بين ظهران قومه يدعوهم إلى عبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام،

وذلك في قوله تعالى:﴿ولقد أرسلنا نوحًا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عامًا﴾(84)، فهذه المدّة مفصحة عن ملاقاة نوح لجمع غفير من الناس مختلفي الأعمار والأجناس والأزمنة؛ لذا قيل في (سلامه للعالمين) إشارة إلى جسامة تضحيته وصبره. 

  • ثانيًا: سلام الله على يحيى وعيسى

 قال الله عن يحيى:﴿ وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا﴾(85)، أمّا عيسى فحكى عنه ﴿وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حيًّا﴾(86 وفي قصة عيسى عليه السّلام ” جِيءَ بِالسَّلَامِ هُنَا معرّفًا بِاللَّامِ الدَّالَّة عَلَى الْجِنْسِ مُبَالَغَةً فِي تَعَلُّقِ السَّلَامِ بِهِ حَتَّى كَانَ جِنْسُ السَّلَامِ بِأَجْمَعِهِ عَلَيْهِ. وَهَذَا مُؤْذِنٌ بِتَفْضِيلِهِ عَلَى يَحْيَى إِذْ قِيلَ فِي شَأْنِهِ وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ”(87)، والمتبادر من السّياق عكس هذا؛ لأنّ النّص يفهم منه أنّ (السّلام) على يحيى وارد من الله تعالى،

أمّا (السّلام) على عيسى، فهو من تلقاء نفسه، فقد ذكر القرطبي نقلًا عن الطّبريّ أنّ عيسى ويحيى التقيا، فطلب كلّ منهما الدعاء للآخر، غير أنّ عيسى أجاب يحيى بقوله:”بل أنت ادع الله لي فأنت خير منّي؛ لِأَنَّ الله تعالى سلم عَلَيْكَ وَأَنَا سَلَّمْتُ عَلَى نفسي”(88)، ولا مريّة أنّ سلام الله أفضل وأشرف. 

وفي تخصيص (السّلام) عليهما بذكر وقت مجيئهما إلى الدّنيا، ووقت خروجهما منها، ووقت حشر الخلائق، مزيد فضل وتعظيم لهما، إعلاء لشأنهما، وإظهارًا لمكانتهما عند الله؛ لأنّ(السّلام) عليهما ذكر في سياقات خاصّة بدأت بالتّحدث عن نشأتهما، ذلك أنّ خلقهما كان إعجازًا إلهيًّا بهر النّاس أجمعين، فيحيى ولد لشيخين جاوزا السّن المعتادة للإنجاب، حتى يئس أبواه من الذّرية مستسلمين لقضاء الله، فالأم عقيم، والأب بلغ من الكبر عتيّا لا يرجى معه النّسل،

لهذا كان ردّ زكرياء أبي يحيى عند البشارة بالولد مصحوبًا بيأس شديد ﴿ قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ ۖ قَالَ كَذَٰلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ﴾(89)، غير أنّ معجزة عيسى كانت أبهر وأعجب؛ لذا لاقت صخبًا إعلاميًّا خطيرًا؛ لأنّه عليه السّلام خلق من جهة أمّه، فلا أبا له، وهذا خارق للعادة؛ إذ ألف النّاس أن يكون الولد من أب وأم، لكنّ الله اختصّ عيسى بأن نفخ في رحم أمّه دون أن يحصل لها لقاء مع رجل. وهذا ما جعل الحاقدين يرمونها فريّا، غير آبهين بما خصّها الله وابنها من دلائل النبوّة والكرامات الخارقة، قائلين:﴿ يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا(90).

واستنادًا إلى ما قيل من كلام على يحيى وعيسى خشي منه ذووهم على سلامة حياتهم؛ لذا ضمن الله أمنهما وسلامتهما في كل الأحوال والأيام، التي ذكرت مفصّلة (يوم ولد ويوم يموت،ويوم يبعث حيا)؛ إظهارًا لنعم الله على أبويهما، وتثبيتًا لقلبيهما، وأن الأبناء محفوظون برعاية ربّ العالمين، فهو المدبّر للكون، فلا يعزب عنه شيء في الدّنيا ولا في الآخرة.

  • علاقات السّلام: 

دخل مصدر(السّلام) في سياقات تركيبية مع بعض المفاهيم القرآنية، كان ذلك على أسلوبي العطف والإضافة.

أوّلًا: العطف 

حصرت الدّراسة الأوليّة أربعة شواهد تمثّل بنية العطف، غير أنها لا تملك في هذا المقام الإلمام بها جميعها؛ لذا اكتفت بعرض شاهدين؛ لبيان ما تذهب إليه.

والمقصود به ربط الّلفظ بأداة تتقدّم عليه إشعارّا بترابطه الدلالي أو الإعرابي أو هما معًا مع اللّفظ السّابق على الأداة. وخلال تصفح الآي الحكيم، وجدت الدّراسة لفظ السلام معطوفًا ومعطوفًا عليه. 

  1. السلام معطوفًا:

 وجد لفظ (السّلام) معطوفًا على لفظين هما: 

أ. التّحية، حيث عطف لفظ السّلام عليها؛ ليدلّ على افتراقهما الدّلالي، تنبيها على أنّهما مفهومان لكلّ معناه الخاص؛ لأنّ العطف يقتضى تغاير المعطوف والمعطوف عليه، قال تعالى عن أهل الجنة: ﴿ أُولَٰئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (91).

وزعم أبو الهيثم أنّ “السّلام والتحية بمعنى واحد معناهما: السّلامة من جميع الآفات”(92). والذي تطمئن إليه النفس أنهما مختلفان، ويؤيد ذلك قول الزمخشري: التّحية: دعاء بالتّعمير. والسلام: دعاء بالسلامة(93). كما أن وقوع السّلام خبرًا عن التّحية في قوله تعالى: ﴿ تحيتهم فيها سلام ﴾ دليل على اختلافهما، فلو كانا متّحدين لما أمكن الإخبار بالسّلام عن التّحية.

ب. البرد جاء مفهوم (السّلام) عطفَا على البرد مرّة واحدة يستفاد ذا من قوله: ﴿ قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ (94) والمراد: ابردى فيسلم منك إبراهيم”(95 (.

  1. السّلام معطوفًا عليه: 

وقع لفظ (السّلام) معطوفًا عليه مرة واحدة، وذلك في سياق قصّ القرآن لقصّة نوح عليه السّلام، حيث جاء في الآية ﴿ قيل يانوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك(96) فبركات معطوفة على سلام، ذلك أنّ الله امتنّ على نوح بأن أمّنه من جميع المكاره، وأغدق عليه أنواع البركات وهي النعم المتتالية، ثم جاوزها إلى بنيه من الأمم الأخرى.

ثانيًا: الإضافة 

أضيف لفظان إلى (السّلام)، هما الدار، والسبل فقيل:

أ ـــ دار السلام: ورد لفظ الدار مضافًا إلى السّلام مرتين، ليدل على أنّ المقصود هو الجنة التي وعد الله بها عباده الموقنين بلقائه، المتبعين لهدي أنبيائه قال تعالى: ﴿وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَىٰ دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ(97)، وقال أيضا﴿ لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِندَ رَبِّهِمْ ۖ وَهُوَ وَلِيُّهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(98).

ب ــ سبل السلام: أضيف لفظ السّبل إلى السّلام مرة واحدة، والمراد به الطريق القويم الذي جعله الله منهاجًا يستبصر به عباده المصطفون قال تعالى:﴿ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ(99).  

مقاربة أسلوبيّة لسياقات السّلام:

إن المقارنة الأسلوبية بين الجوّ العام لسياقات الآيتين في قوله تعالى:﴿ وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَىٰ قَالُوا سَلَامًا ۖ قَالَ سَلَامٌ ۖ فَمَا لَبِثَ أَن جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ ﴾(100)، وقوله: ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ ۝ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا ۖ قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ﴾(101)، تتّحد معالمها، وتبرز فروقها على النحو الآتي: 

افتتحت الآية الأولى بالبشارة والسرور على طريق الخبر الذي يفيد وقوع حدث ما. وفي هذه الآيات يخبر القرآن عن بعض مجريات قصص الأنبياء وما دار بينهم وقومهم؛ لذا ناسب ذلك أسلوب الخبر الدّال على حصول أمر غبر زمانه، فتذكر القصص اعتبارًا وإخبارًا للمستمع بغية استفادته منها، لتسير سفينته نحو سبيل الرّشد الذي دأب الأنبياء عليهم السّلام على تمثله سلوكًا لهم، داعين قومهم إلى التّمسك بعراه الوثقى كما تحذر هذه القصص من اتباع الغيّ، ذاكرة المآل الوخيم الذي لحق تلك الأمم المنكرة لدعوة الرّسل، وما تلك العواقب التي أصابتهم ببعيدة عن المكذبين الملحدين في الدّين.

وقع الفعل “جاء” على إبراهيم باعتباره مفعول الفعل النّحوي، وهذا دليل على أهميّته المركزية في الخطاب؛ لأنّ عنصر المفعولية في النّسقية التأليفية للجمل أساس في فهم ما وقع عليه الحدث الفعليّ. فالمفعول وإن وسم بالفضلة في الاصطلاح النّحوي، غير أنّ ذلك لا يقلّل من شأنه في التّركيب التداولي، بل يحتفظ بمكانته في صناعة الخطاب سواء كان مذكورًا في الكلام أو محذوفًا.

وابتهاجًا بالضّيوف هرع إبراهيم إلى تقديم القرى سريعًا، فلم تكن إلا لحظات حتّى جاء بإكرام شهي، فقدّمه للضيف مؤانسة، وتقوية له على الاستراحة من وعثاء السفر، ثمّ تابع القرآن الحكي عمّا حصل بين إبراهيم وضيفه عندما لحظ فتورهم عن الطّعام وانكماشهم على أنفسهم. (فلما رأى أيديهم لاتصل إليه نكرهم) بيد أنّ إبراهيم لم يصف ضيفه مخافة أن يجفّوهم، فلمّا ظهر عليه عدم الارتياح إليهم شعر الرّسل بذلك التوجّس الّذي أصابه؛ لذا عاجلوه بمهتهم (قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط).

ذكر محاوري إبراهيم باسم الرّسل مضافين إلى الضمير” نا ” العائد إلى الله، وهي إضافة مؤذنة بقرب الملائكة من الله، وما خصّهم به عن سائر المخلوقات، من الإرسال إلى عباده المصطفين لتبليغ دينه، وهم الأنبياء عليهم السّلام. ثم إنّ التّعبير بالرّسل فيه عدول إعجازي خطير؛ لأنّهم جاؤوا إبراهيم على صورة البشر؛ لذا سمّوا باللقب المتعارف عليه في لغة العرب. ذلك أنّ كل من حمل رسالة بغية إيصالها إلى المرسل إليه سمّته العرب رسولًا.

وفي سياقات أخرى نجد القرآن يسمّي الرّسل باسمهم العلم “الملائكة”. قال تعالى:﴿ الذين تتوافهم الملائكة طيبين(102). وفي محاورات المعاندين للنّبي نجد صدى لاختيارهم اسم الملائكة استغرابًا لجنسهم ومبالغة في نفيهم لرسالة النبي (لولا أنزل عليه ملك) أو(جاء معه الملائكة مقترنين)؛ لأنّهم يعتقدون عظمة الملائكة، وأن الإرسال بالدّين والقيام بالدّعوة لا يتصوّر إلا منهم؛ لذا كذّبوا الرّسول وزعموا أنّ ما جاء به اختلاق وافتراء. قائلين (لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا) فلا يصلح في نظرهم حمل الدّين السماوي إلا لملك مقرّب من الله تعالى، متلق للأوامر دون واسطة.

وتوطينا لفؤاد النّبي ناداه ربّه أن أخبرهم يامحمد أنك بشر مثلهم صفة وعرضًا، تأكل وتشرب، وتمرض، غير أنك تميّزت برسالة الله وتبليغ دينه﴿ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلَّا بَشَرًا رَّسُولًا(103).

بدأت الآية الثانية بالاستفهام على أسلوب الإنشاء، ذلك أنّ السّياق الذي وردت فيه قصة إبراهيم وضيفه هو تثبيت لقلب النّبي محمّد وإرشاد له، ذلك أنّ الله سيعزّ دينه ويعلي شأنه، لكن اقتضت سنّته أن يكون ذلك وفق سلّم تدريجيّ، فليس نبي يبعث إلا وجد طريق الدعوة مسدودًا والإقبال عليها ضعيفا، لكن مع الصبر والمثابرة تفرج السّبل ويفزع الناس أفواجًا إلى الدّين بعد إدراكم الغيّ الذي يعشش على حياتهم والرّان الذّي غطى قلوبهم عن الانتفاع بإشراقات النّبوة. وفي البدء بالاستفهام (هل أتاك حديث ضيف إبراهيم) ” تَفْخِيمٌ لِلْحَدِيثِ وتنبيه عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ عِلْمِ رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا عَرَفَهُ بِالْوَحْيِ”(104).

واعتيادا لتكذيب القوم لرسلهم ومنافرتهم ذكر الله لمحمّد بعض جوانب ما حصل للأنبياء قبله مع قومهم، وإنّما “اخْتَارَ إِبْرَاهِيمَ لِكَوْنِهِ شَيْخَ المرسلين كون النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سُنَّتِهِ فِي بعض الأشياء، وإنذارًا لِقَوْمِهِ بِمَا جَرَى مِنَ الضَّيْفِ، وَمِنْ إِنْزَالِ الْحِجَارَةِ عَلَى الْمُذْنِبِينَ الْمُضِلِّينَ”(105).

وقع إبراهيم هنا مضافًا إليه، وهي إضافة تشريف وتكريم من جهتي الإضافة: المضاف والمضاف إليه.

أ. المضاف، وهم الملائكة رسل الله إلى إبراهيم، وهنا خصيصة أسلوبية، حيث عبّر القرآن بصيغة الضّيف لترك العدد غير محصور لا ندري ما حدّه، هل عدد كبير من الملائكة أو رفقة يسيرة ثلاثة أو ما دون العشرة؛ لذا ترك الباب مفتوحًا للتّأويل، فلو قال ضيوف، لعلم أنّهم كثير، أو قال أضياف لفهم أنّهم قلة، لكن عبر بالمصدر المحتمل للكثرة والقلة، وهو تعبير رشيق دالّ على طلاوة هذا الكتاب العزيز المرسل من رب خبير عليم.

ونظرًا لإفراد الضّيف جعل أهل التأويل يخمّنون عددهم فقيل: ” كانوا اثني عشر ملكًا. وقيل: تسعة عاشرهم جبريل. وقيل ثلاثة: جبريل، وميكائيل، وملك معهما”(106). إنّ مما يعزز مكانة الضّيف ويبيّن فضلهم دون تحديد عددهم قوله: ” المكرمين”؛ إذ المكرمون جمع مكرم، ” وَإِنَّمَا وَصَفَهُمْ بِالْمُكْرَمِينَ إِمَّا لِكَوْنِهِمْ عِبَادًا مُكْرَمِينَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ وَإِمَّا لِإِكْرَامِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِيَّاهُمْ” (107).

ب. المضاف إليه، وهو النّبي إبراهيم، والتّشريف هنا راجع للملائكة، حيث إنّ الله اختارهم ليكونوا واسطة بينه وخليله إبراهيم عليه السلام.

وهنا، بعد سلام الضّيف مباشرة اشمأزت نفس إبراهيم منهم، واصفًا لهم بقوله: ” قوم منكرون”، أمّا في الآية السّابقة، فكان الإنكار لاحقًا بعد تقديمه المأدبة؛ إذ كان صدّهم عنها هو الباعث على الإنكار عليهم، وفي سورة النّحل وردت صيغة الفعل الدّال على المضي ” نكرهم”، وقد يكون حصل إنكار دون تلفّظ بلفظ، بل لعلامات كقسمات الوجه وظهور ذلك على هيئة إبراهيم ونفسيّته؛ لذا عبّر بنكرهم المحتملة لقراءات تأويليّة متنوّعة.

ج ــ قول إبراهيم “قوم منكرون”، هنا حذف المبتدأ لظهوره في التّركيب؛ لأنّ المراد ” أنتم أو هم قوم منكرون”(108). والأحسن عندنا تقدير الضمير بصيغة المخاطب؛ لأنّ القوم حاضرون، مشاركون للمتكلّم حسًّا ومعنى، إذ هم أمامه، ولا داعي للعدول إلى الغيبة، بل المخاطبة أظهر وأمسّ في التعبير عن إحساس إبراهيم لما شعر به تجاه القوم. وهذا يبدو خافتًا لدى ذكر الغيبة؛ لما فيها من الملاطفة وصرف الكلام عن الوجه الظّاهر. ذلك أنّ المخاطبة تلائم المواجهة الّتي عبّر عنها إبراهيم بقوله:” قوم منكرون“.

وقد يكون التّعبير بــــ” قوم منكرون” مناسب مع التّسمية التي أطلقت على الرّسل، حيث إنّهم سمّوا ضيوفًا، والضّيف قد تشمئز منه النّفس لصفات خلقيّة صدرت منه، أو علامات تبدو عليه غير مألوفة، أمّا هنالك فلقّبوا رسلًا، لذلك لم يتسرّع إبراهيم في الانزواء عنهم إلّا بعد صدودهم عن مائدته؛ لأنّ من عادة القوم أن يظهر الضّيف اغتباطه لمن قدّم له القرى وأنزله في مكانه. فلمّا خالف الرّسل ما تعارف عليه عند القوم ساعتئذ نكرهم إبراهيم، مبديًا خوفه من فعلهم المخالف لسجاياه، فلربّما يكونوا أضمروا سوءًا له ولعائلته، ومن ثم خافهم.

ورغم إنكار إبراهيم للضّيف وعدم الارتياح منه، لكنّ ذا لم يثنه عن تقديم الإكرام لهم، بل بالغ في إضافتهم، حيث قدّم لهم عجلًا طهيًا، وكان يكفيهم جدي أو جزء منه، غير أنّ شرف إبراهيم وسخاء نفسه لم يريا إلّا إرخاص الدّنيا وتهوينها؛ لذا أمتع الضّيف مقدمًّا لهم أحسن الطعام وألذّه.

وسبب الإنكار هنا راجع لعدم معرفة سابقة للضيف أو لهيئة اتصفوا بها، فهؤلاء إبراهيم” ليسوا من معارفه أو من جنس الناس الذّين عهدهم… أو رأى لهم حالًا وشكلًا خلاف حال النّاس وشكلهم” (109)؛ لذا قال لهم “قوم منكرون“، أي منكرون في ذواتكم وصفاتكم، فليس لي بكم ألفة.

  • الخاتمة:

لقد عشنا في هذه الدّراسة مع القرآن تدبرًا لمعانيه، واستشرافًا للوقوف على دلالة مفهوميّة للفظ السّلام، وقد طفنا بجملة من التفاسير الّتي اعتنت بألفاظ القرآن مفردة حينًا ومجملة حينًا آخر، مستقصين المعاني الجليلة التي حملها مفهوم السّلام في التّداول القرآني، فضلًا عن المعاني الّلغوية الّتي ذكرها أصحاب المعاجم أنّها هي النّواة التي صدر عنها المفهوم القرآني للسّلام باختلاف معانيه.

وانطلاقًا من تمحيص دلالات السّلام خلصت الدّراسة إلى أنّ السّلام مقصد سام يسعى القرآن من خلال تداوله إلى بناء مجتمع مسالم، يعيش فيه الفرد آمنا في سربه، يتقلب في كنف الحياة دون أن يجد ما يعوقه عن إكمال مساربه ترويعًا وظلمًا. وإنّما يطلّ على الحياة سلامًا وأمنًا. وهذا هو السّلام الّذي دعا إلى الإسلام ممثلًا في القرآن دستور الإسلام ومشرّعه الأساسي.

انتقت الدّراسة آيات ورد فيها مفهوم السّلام جاعلًا منها محور الدّراسة الأسلوبيّة، حيث وقف من خلالها على فروقات جوهريّة وأخرى أسلوبيّة عزّزت مكانة السّلام ومركزيّته في الاستعمال القرآنيّ، سعيًا في بلورة مفهومه وإبرازًا لخصائصه التّداولية. 

 حكى القرآن سلام الله على بعض رسله تكريمًا لهم، ورفعة لمكانتهم، وقد أومأت الدّراسة إلى تلك السلامات، مفصحة عن مميزاتها الأسلوبية وخصائصها الإعجازية، مركزة على ما اختص به أبو الأنبياء نوح عليه السّلام.


الهوامش:

(1) انظر: شعير، محمّد رزق، الفنولوجيا وعلاقتها بالنّظم في القرآن الكريم، تقديم: تمّام حسّان، (د. ن)، (د. ب)، (د. ط)، (د.ت)، ص 77.

(2) انظر: حمد، عبدالله خضر، مناهج النّقد الأدبيّ الحديث، دار الفجر، القاهرة، ط1، 2017، ص 134-135.

(3) السّكاكي: يوسف بن محمّد (ت 626 هــ)، مفتاح العلوم، حقّقه وقدّم له وفهرسه: عبد الحميد هنداوي، دار الكتب العلميّة، بيروت – لبنان، (د. ط)، 2014، ص 125.

(4) فرغل، حنان، 2013، خصائص تراكيب الإجمال والتّفصيل في أحاديث صحيح البخاري “دراسة نحويّة”، أطروحة ماجستير، كليّة دار العلوم، جامعة القاهرة، مصر، 2003، ص 7.

(5) عبد اللطيف، محمد حماسة، الإبداع الموازي، دار غريب، مصر، (د. ط)، 2001، ص 11. 

 (6) انظر: عجينة، خليل، العلاقات الفعليّة في كتاب سيبويه ” دراسة في التراث النّحويّ وعلم اللغة الحديث”، دار النّهضة العربيّة، بيروت – لبنان، ط1، 2014، ص 18-19. 

(7) انظر: بخولة: بن الدين، المعنى من الدلالة الحسية إلى الدلالة المعنوية العقلية المجرّدة، جامعة وهران، الجزائر، ص 142-143.

(8) الجواري: أحمد عبد الستار، الوصف بالمصدر” نظرة أخرى في قضايا النحو”، مجلّة المجمع العلميّ العراقي، العراق- بغداد، ط1، 1984، ص 3.

(9) عبد الباقي، محمّد فؤاد، المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، دار الحديث ومطبعة دار الكتب المصريّة، القاهرة، (د. ط)، (د. ت)، ص 356-357.

(10) ابن الجوزي: جمال الدّين (ت 597هــ)، نزهة الأعين النّواظر في علم الوجوه والنّظائر، وضع حواشيه: خليل المنصور، دار الكتب العلميّة، بيروت – لبنان، (د. ط)، (د. ت)، ص 159.

(11) لم نهتد إلى قائله، وهو في البحر المحيط 6/ 179. 

(12) غلاييني، مصطفى، جامع الدّروس العربيّة، المكتبة العصريّة، صيدا – بيروت، ط28، 1993، ص 34. 

(13) الأسترابادي: حسن بن محمد (ت 715هــ)، شرح شافية ابن الحاجب، المحقق: عبد المقصود محمد، مكتبة الثقافة، ط1، 2004، 1/ 297.

(14) الحنبليّ: عمر بن عليّ (ت 880هــ)، اللباب في علوم الكتاب، تحقيق وتعليق: عادل عبد الموجود، وعلي معوّض، دار الكتب العلميّة، بيروت- لبنان، ط1، 1998، 10/ 303.

(15) الرّازي: محمد بن عمر بن الحسن (ت 606هــ)، تفسير الفخر الرّازي المشتهر بالتفسير الكبير، الطبعة البهية المصريّة، (د.ب)، ط1، 1938، 13/ 3.

(16) الخولي، محمّد، مدخل إلى علم اللغة، دار الفلاح، عمان – الأردن، (د. ط)، 2010، ص 136.

 (17) الزّنكي، نجم الدّين، نظريّة السياق “دراسة أصوليّة”، دار الكتب العلميّة، بيروت – لبنان، (د. ط)، (د. ت)، ص 123.

(18) القرافي: أحمد بن إدريس(ت 648 هــــ)، العقد المنظوم في الخصوص والعموم، تحقيق: علي معوّض وعادل عبد الموجود، دار الكتب العلميّة، بيروت – لبنان، (د. ط)، (د. ت)، ص 86.

(19) ضالي، فطنة، النظم بين القرآن والشعر في دلائل الإعجاز في علم المعاني، دار العنقاء، عمان- الأردن، (د. ط)، 2013، ص90.

(20) دعمس، أحمد، الجملة معناها وأقسامها عند النحويين والبلاغيين “دراسة”، دار الجندي، القدس، ط1، 2012، ص59.

(21) القليوبي: شهاب الدّين أحمد بن أحمد(ت 1069هـــ)، حاشية القليوبيّ على شرح الأزهريّة، تحقيق ودراسة: رمضان الجلجموني، دار الكتب العلميّة، بيروت –لبنان، (د. ط)، (د. ت)، 1/ 265.

(22) أنيس، إبراهيم، وعبد الحليم منتصر، وعطية الصوالحي، ومحمد أحمد، المعجم الوسيط، أشرف على الطّبع: حسن عطية، ومحمد أمين، مجمع اللغة العربية، مصر، ط2، (د. ت)، 1/ 446.

(23) ابن منظور: جمال الدّين محمّد بن مكرم (ت 711ه)، لسان العرب، دار الحديث، القاهرة – مصر، (د. ط)، 1423ه/ 2003، 4/ 660.

 (24) سورة الأنعام، آية 127.

(25) الحسيني: صديق بن حسن (ت 1307 هــ)، فتح البيان في مقاصد القرآن، وضع هوامشه: إبراهيم شمس الدين، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، (د. ط)، (د. ت)، 3/ 228.

(26) المعيني: محمد بن محمود بن أحمد (ت 855 هـــ)، عمدة القاري” شرح صحيح البخاري”، (د. ن)، (د. ب)، (د. ط)، (د. ت)، 1/ 378.

(27) انظر: سنكاوي، فاتح، معجم مصطلحات الفكر الإسلامي المعاصر” دلالتها وتطورها”، تقديم: رياض عثمان، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، (د. ط)، (د. ت)، ص 110.

(28) فتاح، بشير، المختار مما فسره الزمخشري من ألفاظ الحديث في أساس البلاغة ” تأسيس لغوي ودراسة سياقية”، (د. ن)، (د.ب)، (د. ط)، (د. ت)، ص 130.

(29) السامرائي، جاسم، العقيدة عند الإمام مجد الدين مجد بن يعقوب الفيروزآبادي، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، (د. ط)، (د. ت)، ص 137.

(30) انظر: البروسوي: إسماعيل (ت 1137هــ)، تفسير روح البيان، دار الفكر، بيروت – لبنان، طبعة جديدة منقّحة، 2018، 7/202. 

(31) سورة النّساء، آية 94.

(32) انظر: الرّازي: تفسير الفخر الرّازي المشتهر بالتفسير الكبير ومفاتيح الغيب 7/ 171.

(33) سورة هود، آية 48.

(34) سورة المائدة، آية 16. 

(35) النّسفيّ: عبدالله بن أحمد(ت 710هــ)، تفسير النّسفيّ ” مدارك التنزيل وحقائق التأويل”، ضبطه وخرّج آياته وأحاديثه: زكريا عميرات، دار الكتب العلمية، (د. ب)، طبعة جديدة مصححة ومنقحة، (د. ت)، 1/ 305.

(36) سورة الأنعام، آية 127. 

(37) ابن عاشور: محمد الطّاهر (ت 1394هــــ)، تفسير التّحرير والتّنوير، الدّار التّونسيّة، (د. ط)، 1984، 8/ 83.

(38) الرّازي: تفسير الفخر الرّازي المشتهر بالتفسير الكبير ومفاتيح الغيب 13/ 198.

(39) البغدادي: عليّ بن محمّد (ت 735هــ)، تفسير الخازن ” لباب التأويل في معاني التّنزيل”، ضبطه وصححه: عبد السّلام شاهين، دار الكتب العلميّة، بيروت – لبنان، (د. ط)، (د. ت)، 2/ 438. 

(40) سورة الحشر، آية 23. 

(41) الهروي: محمد بن أحمد(ت 370 هــ)، تهذيب اللغة، تحقيق: أحمد مخيمر، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، (د. ط)،  (د.ت)، 9/ 546.

(42) الماتردي: محمّد بن أحمد (ت 333هــ)، تفسير الماتردي، تحقيق: مجدي باسلوم، (د. ن)، (د. ب)، ط1، 2005، 9/ 604. 

(43) سورة الفرقان، آية 63. 

(44) ابن القيم الجوزيّة: محمد بن أبي بكر (ت 751هــ)، بدائع الفوائد، (د. ن)، (د. ب)، (د. ط)، (د. ت)، 2/ 638. 

(45) سورة يس، آية 58. 

(46) انظر: الفرّاء: يحيى بن زياد (ت 207هــ)، معاني القرآن، تحقيق ومراجعة: محمد علي النّجار، مطبعة دار الكتب والوثائق القوميّة، القاهرة، (د. ط)، 2013، 2/ 380. 

(47) الغزالي: محمّد بن محمّد (ت 505هــ)، سراج الطالبين على منهاج العابدين إلى جنّة ربّ العالمين، شرح الشيخ: إحسان الكديري، ضبطه وصححه وخرّج آياته: عبد الوارث محمّد علي، دار الكتب العلميّة، بيروت، (د. ط)، (د. ت)، 2/ 142. 

(48) طنطاوي: محمّد سيّد (ت 2010هــ)، التفسير الوسيط للقرآن الكريم، دار نهضة مصر للطباعة والنّشر، مصر، 1997، 4/ 56. 

(49) الشافعي: محمد علي بن محمد علّان (ت 1057هــ)، الفتوحات الرّبانيّة على الأذكار النّواويّة، دار إحياء التّراث العربيّ، بيروت – لبنان، (د. ط)، (د. ت)، 5/ 356. 

(50) سورة مريم، آية 62.

(51) نهر، هادي، علم الدّلالة التطبيقي في التّراث العربيّ، تقديم: علي حمد، دار الأمل، إربد- الأردن، ط1، 2007، ص461 – 465.

(52) الغزالي: محمّد بن محمّد (ت 505هــ)، إحياء علوم الدّين، اعتنى بتحقيقه وتنقيحه وضبط كلماته وتخريج أحاديثه: عبد الله الخالدي، دارالأرقم بن أبي الأرقم، لبنان، (د. ط)، (د. ت)، 1/ 145. 

(53) الخفاجي: عبد الله بن محمّد (ت 455 هــ)، سرّ الفصاحة، قدّم له واعتنى به ووضع حواشيه: إبراهيم شمس الدّين، كتّاب ناشرون، (د. ب)، (د. ط)، (د. ت)، ص 147. 

(54) عبد الجليل، منقور، علم الدّلالة أصوله ومباحثه في التّراث العربيّ، مركز اتّحاد الكتاب العرب، دمشق، (د. ط)، 2001، ص 239. 

(55) كاطع، فلاح، التكوينات النّحويّة للمجاز المرسل في القرآن الكريم، دار الكتب العلميّة، بيروت، ط1، 2008، ص 43. 

(56) الخرشة، أحمد، أسلوبيّة الانزياح في النّصّ القرآنيّ، الأكاديميّون للنشر والتوزيع، عمّان – الأردن، ط1، 2014، ص60.

(57) انظر: المرجع السّابق، ص 60.

(58) انظر: العثيمين، محمّد بن صالح، شرح البلاغة من كتاب اللغة العربيّة، مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين، (د. ب)، (د. ط)، (د. ت)، ص 305.

(59) إسماعيل، هناء، النّحو القرآنيّ في ضوء لسانيّات النّصّ، تقديم: كريم الخالدي، دار الكتب العلميّة، بيروت – لبنان، (د. ط)، (د. ت)، ص 289.

(60) انظر: المرجع السّابق، ص 59.

(61) سورة الذّاريات، آية 25. 

(62) انظر: الأندلسي: محمد بن يوسف(ت 754ه)، تفسير البحر المحيط، دراسة وتحقيق وتعليق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، شارك في تحقيقه: زكريا النوتي، أحمد الجمل، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، ط1، 1993، 5/ 241، وذكر الطّبريّ أنّ (سلامًا) معمول لــــ(قالوا) حيث قال: ” ونصب ” سلامًا” بإعمال ” قالوا” فيه، كأنّه قيل: قالوا قولًا وسلّموا تسليمًا” الطّبري: محمّد بن جرير الطّبريّ(ت 310ه)، تفسير الطّبري المسمّى جامع البيان في تأويل القرآن، دار الكتب العلميّة، بيروت – لبنان، 15(د. ط)، (د. ت)، 7/ 67.

(63) الكفويّ: أيّوب بن موسى الحسينيّ (ت 1094هــ)، الكلّيات، إعداد: عدنان درويش ومحمد المصريّ، مؤسسة الرّسالة، دمشق، ط2، (د. ت)، 1/ 140، وعبدالله، شكر محمود، دلالة الجملة الاسميّة في القرآن الكريم، دار دجلة، الأردن، ط1، 2009، ص58.

(64) وسلام: إمّا مبتدأ وخبره محذوف، تقديره: سلام عليكم، وجاز الايتداء، لأنّه في معنى الدّعاء أو خبر مبتدأ محذوف، تقديره: أمري سلام عليكم”. انظر: الحنبليّ: عمر بن عليّ (ت 880هــ)، اللباب في علوم الكتاب، تحقيق وتعليق: عادل عبد الموجود، وعلي معوّض، دار الكتب العلميّة، بيروت- لبنان، ط1، 1998، 16/ 248، وعمران، حمدي، أصول التفسير اللغوية ” دراسة وصفية”، (د. ن)، (د. ب)، (د. ط)، (د. ت)، ص 232.

(65) انظر: الرّازي: فخر الدّين (ت 604هــ)، تفسير الفخر الرّازي المشتهر بالتفسير الكبير 28/ 212.

(66) ابن يعيش: موفّق الدّين (ت 643 هــ)، شرح المفصّل للزّمخشري، قدم له ووضع هوامشه وفهارسه: إميل يعقوب، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، (د. ط)، (د. ت)، ص300.

(67) الرّازي: تفسير الفخر الرّازي المشتهر بالتفسير الكبير ومفاتيح الغيب، 28/ 175.

(68) الدرويش، محيي الدين، إعراب القرآن الكريم وبيانه، اليمامة، دمشق- بيروت، دار ابن كثير، دمشق- بيروت، ط 3، 1992، 8/ 251.

(69) سورة الحشر، آية 23.

(70) اختلف الكوفيّون والبصريّون حول أصالة المصدر، وذهب الكوفيّون إلى أنّ الفعل هو الأصل في الاشتقاق. انظر: الأنباري: كمال الدّين عبد الرّحمن (ت 577هــ)، الإنصاف في مسائل الخلاف، قدّم له ووضع هوامشه وفهارسه: حسن حمد، بإشراف: إميل يعقوب، دار الكتب العلميّة، بيروت – لبنان، ط1، 1998، 1/ 17- 23. 

(71) أحمد الجواري، ] بحث سابق [ ص 3.

(72) انظر: الجواري، ] بحث سابق [ ص 4.

(73) انظر: الجواري، ] بحث سابق [، ص 4.

(74) منهم ابن مالك حيث قال:” وانعت بمشتقّ كصعب وذرب….”، والأشمونيّ حيث أكّد ذلك بقوله: “ونعتوا بمصدر كثيرًا، وكان حقّه أن لا ينعت به لجموده”. الشّاطبيّ: إبراهيم بن موسى(ت 790 هـــــ)، شرح الشّاطبي لألفيّة بن مالك المسمّى” المقاصد الشّافية في شرح الخلاصة الكافية”، تحقيق: محمد عثمان، دار الكتب العلميّة، بيروت – لبنان، (د. ط)، (د. ت)، 4/ 203، والأشموني: نور الدّين عليّ بن محمّد (ت 918 هــ)، حاشية الصّبان على شرح الأشمونيّ، ضبطه وصححه وخرج شواهده: إبراهيم شمس الدّين، دار الكتب العلميّة، بيروت –لبنان، (د. ط)، (د. ت)، 3/ 93.

(75) أحمد الجواري، ] بحث سابق [ ص 14.

(76) انظر: عبد المجيد، محمد، دلالة المصدر التركيبية في الآيات القرآنيّة. المؤتمر الثالث للغة العربية وآدابها ” الاتجاهات الحديثة في الدراسات اللغوية والأدبية”، مجلّة الدراسات القرآنيّة، الجامعة الإسلامية العالمية، ماليزيا، السنة 2011، المجلّد 2، ص 254.

(77) أحمد الجواري، ] بحث سابق [ ص 6.

(78) انظر: جودي: عبد العزيز، النّعت بالمصدر وبلاغته في القرآن الكريم. مجلّة المعيار، جانفي، العدد43، السنة 2018، ص47.

(79) قال ابن يعيش ما نصّه:” ويجوز أن يكونوا وضعوا المصدر موضع اسم الفاعل اتّساعًا، فعدل بمعنى عادل، وماء غور بمعنى غائر”. ابن يعيش: شرح المفصّل للزّمخشري 2/ 237.

(80) كان تأويل الأشموني على سبيل المجاز المرسل، حيث قال:” إن زعم أن في قولنا:” زيد عدل” مضافًا محذوفًا هو ” ذو” أو ما يشابهها، أو على المجاز المرسل الذي علاقته التعلق إن أوّل المصدر”. الأشموني: حاشية الصّبان على شرح الأشمونيّ، 3/94.

(81) علي، ميثم، الظواهر اللغوية والنحوية في كتب الغريبين” غريب القرآن وغريب الحديث”، دار الكتب العلميّة، بيروت، (د.ط)، (د. ت)، ص 442.

(82) انظر مثلًا: ابن عاشور: تفسير التحرير والتنوير، 28/ 120، الصّنعاني: محمّد بن إسماعيل(ت 1182هــ)، سبل السّلام “شرح بلوغ المرام من جمع أدلة الأحكام”، تعليق وتخريج: عادل بن سعد، محتوية على أحكام العلامة المحدّث الألبانيّ، الكتاب العالميّ للنشر، بيروت – لبنان، (د. ط)، (د. ت)، 1/ 269. 

(83) الزّمخشري: جار الله محمود بن عمر (ت 538 هــ)، الكشّاف عن حقائق غوامض التنزيل، رتّبه وضبطه وصححه: محمد عبد السلام شاهين، دار الكتب العلميّة، بيروت، (د. ط)، (د. ت)، 4/ 46. 

(84) سورة العنكبوت، آية 14.

(85) سورة مريم، آية 15.

(86) سورة مريم، آية 33.

(87) ابن عاشور: تفسير التحرير والتّنوير، 16/ 100-101.

(88) غير أنّ الرّازي لا ينصر هذا الرّأي؛ إذ يقول معلّقًا على الرّأي المذكور في المتن” هذا ليس يقوى لأنّ سلام عيسى على نفسه يجري مجرى سلام الله على يحيى لأنّ عيسى معصوم لا يفعل إلا ما أمره الله به” الرّازي: تفسير الفخر الرّازي المشتهر بالتفسير الكبير ومفاتيح الغيب 2/ 518.

(89) سورة آل عمران، آية 40.

(90) سورة مريم، آية 28.

(91) سورة الفرقان، آية 75.

(92) الواحديّ: أحمد بن محمّد (ت 468 هــ)، التفسير البسيط، تحقيق: محمد الفايز، دققه ونقحه وصححه: عبد العزيز السعود، وتركي العتيبي، مؤسسة العبيكان، الرّياض، ط2، 2018، 8/ 158.

(93) الزّمخشري: الكشّاف عن حقائق غوامض التنزيل 18/ 19. 

(94) سورة الأنبياء، آية 69.

(95) الزّمخشري: الكشّاف عن حقائق غوامض التنزيل 3/ 123.

(96) سورة هود، آية 48.

(97) سورة يونس، آية 25.

(98) سورة الأنعام، آية 27.

(99) سورة المائدة، آية 16.

(100) سورة هود، آية 69.

(101) سورة الذّاريات، آية 24.

(102) سورة النّحل، آية 32.

(103) سورة الإسراء، آية 93.

(104) الزّمخشري: الكشّاف عن حقائق غوامض التنزيل 4/ 17.

(105) الرّازي: فخر الدّين(604هـــ)، تفسير الفخر الرّازي المشتهر بالتّفسير الكبير ومفاتيح الغيب 28/ 210.

(106) الأفقهيّ: ابن عماد (ت 867هــ)، الإرشاد إلى ما وقع في الفقه وغيره من الأعداد أو الذريعة إلى معرفة الأعداد الواردة في الشريعة، تحقيق وتعليق: عادل عبد الموجود، وعلي معوّض، وزكريا النوتي، شارك في تحقيقه: مصطفى صميدة، دار الكتب، بيروت – لبنان، (د. ط)، (د. ت)، 2/ 234.

(107) الرّازي: تفسير الفخر الرّازي المشتهر بالتفسير الكبير ومفاتيح الغيب 28/ 210.

(108) انظر: سعيد، مصطفى، الاتّساق الدّلالي في قصص القرآن الكريم، (د. ن)، (د. ب)، (د. ط)، (د. ت)، ص105.

(109) الزّمخشريّ: الكشّاف عن حقائق غوامض التنزيل 4/ 401.

المصادر والمراجع: 

  1. إبراهيم أنيس، وعبد الحليم منتصر، وعطية الصوالحي، ومحمد أحمد، المعجم الوسيط، أشرف على الطّبع: حسن عطية، ومحمد أمين، مجمع اللغة العربية، مصر، ط2، (د. ت).
  2. ابن الجوزي: جمال الدّين (ت 597هــ)، نزهة الأعين النّواظر في علم الوجوه والنّظائر، وضع حواشيه: خليل المنصور، دار الكتب العلميّة، بيروت – لبنان، (د. ط)، (د. ت).
  3. ابن القيم الجوزيّة: محمد بن أبي بكر (ت 751هــ)، بدائع الفوائد، (د. ن)، (د. ب)، (د. ط)، (د. ت).
  4. ابن عاشور: محمد الطّاهر (ت 1394هــــ)، تفسير التّحرير والتّنوير، الدّار التّونسيّة، (د. ط)، 1984.
  5. ابن منظور: جمال الدّين محمّد بن مكرم (ت 711ه)، لسان العرب، دار الحديث، القاهرة – مصر، (د. ط)، 1423ه/ 2003.
  6. ابن يعيش: موفّق الدّين (ت 643 هــ)، شرح المفصّل للزّمخشري، قدم له ووضع هوامشه وفهارسه: إميل يعقوب، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، (د. ط)، (د. ت).
  7. الأسترابادي: حسن بن محمد (ت 715هــ)، شرح شافية ابن الحاجب، المحقق: عبد المقصود محمد، مكتبة الثقافة، ط1، 2004.
  8. إسماعيل، هناء، النّحو القرآنيّ في ضوء لسانيّات النّصّ، تقديم: كريم الخالدي، دار الكتب العلميّة، بيروت – لبنان، (د. ط)، (د. ت).
  9. الأشموني: نور الدّين عليّ بن محمّد (ت 918 هــ)، حاشية الصّبان على شرح الأشمونيّ، ضبطه وصححه وخرج شواهده: إبراهيم شمس الدّين، دار الكتب العلميّة، بيروت –لبنان، (د. ط)، (د. ت).
  10. الأفقهيّ: ابن عماد (ت 867هــ)، الإرشاد إلى ما وقع في الفقه وغيره من الأعداد أو الذريعة إلى معرفة الأعداد الواردة في الشريعة، تحقيق وتعليق: عادل عبد الموجود وعلي معوّض وزكريا النوتي، شارك في تحقيقه: مصطفى صميدة، دار الكتب، بيروت – لبنان، (د. ط)، (د. ت).
  11. الأنباري: كمال الدّين عبد الرّحمن (ت 577هــ)، الإنصاف في مسائل الخلاف، قدّم له ووضع هوامشه وفهارسه: حسن حمد، بإشراف: إميل يعقوب، دار الكتب العلميّة، بيروت – لبنان، ط1، 1998.
  12. الأندلسي: محمد بن يوسف(ت 754ه)، تفسير البحر المحيط، دراسة وتحقيق وتعليق: عادل عبد الموجود، وعلي معوض، شارك في تحقيقه: زكريا النوتي، وأحمد الجمل، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، ط1، 1993،.
  13. بخولة: بن الدين، المعنى من الدلالة الحسية إلى الدلالة المعنوية العقلية المجرّدة، جامعة وهران، الجزائر.
  14. البروسوي: إسماعيل (ت 1137هــ)، تفسير روح البيان، دار الفكر، بيروت – لبنان، طبعة جديدة منقّحة، 2018.
  15. البغدادي: عليّ بن محمّد (ت 735هــ)، تفسير الخازن ” لباب التأويل في معاني التّنزيل”، ضبطه وصححه: عبد السّلام شاهين، دار الكتب العلميّة، بيروت – لبنان، (د. ط)، (د. ت).
  16. الجواري: أحمد عبد الستار، الوصف بالمصدر” نظرة أخرى في قضايا النحو”، مجلّة المجمع العلميّ العراقي، العراق- بغداد، ط1، 1984.
  17. جودي: عبد العزيز، النّعت بالمصدر وبلاغته في القرآن الكريم. مجلّة المعيار، جانفي، العدد43، السنة 2018.
  18. الحسيني: صديق بن حسن (ت 1307 هــ)، فتح البيان في مقاصد القرآن، وضع هوامشه: إبراهيم شمس الدين، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، (د. ط)، (د. ت).
  19. حمد، عبدالله خضر، مناهج النّقد الأدبيّ الحديث، دار الفجر، القاهرة، ط1، 2017.
  20. الحنبليّ: عمر بن عليّ (ت 880هــ)، اللباب في علوم الكتاب، تحقيق وتعليق: عادل عبد الموجود، وعلي معوّض، دار الكتب العلميّة، بيروت- لبنان، ط1، 1998.
  21. الخرشة، أحمد، أسلوبيّة الانزياح في النّصّ القرآنيّ، الأكاديميّون للنشر والتوزيع، عمّان – الأردن، ط1، 2014.
  22. الخفاجي: عبد الله بن محمّد (ت 455 هــ)، سرّ الفصاحة، قدّم له واعتنى به ووضع حواشيه: إبراهيم شمس الدّين، كتّاب ناشرون، (د. ب)، (د. ط)، (د. ت).
  23. الخولي، محمّد، مدخل إلى علم اللغة، دار الفلاح، عمان – الأردن، (د. ط)، 2010.
  24. الدرويش، محيي الدين، إعراب القرآن الكريم وبيانه، اليمامة، دمشق- بيروت، دار ابن كثير، دمشق- بيروت، ط 3، 1992.
  25. دعمس، أحمد، الجملة معناها وأقسامها عند النحويين والبلاغيين “دراسة”، دار الجندي، القدس، ط1، 2012.
  26. الرّازي: فخر الدّين(ت 604هــ)، تفسير الفخر الرّازي المشتهر بالتفسير الكبير ومفاتيح الغيب، دار الفكر، (د. ب)، ط1، 1981.
  27. الرّازي: محمد بن عمر بن الحسن (ت 606هــ)، تفسير الفخر الرّازي المشتهر بالتفسير الكبير ومفاتيح الغيب، الطبعة البهية المصريّة، (د. ب)، ط1، 1938.
  28. الزّمخشري: جار الله محمود بن عمر (ت 538 هــ)، الكشّاف عن حقائق غوامض التنزيل، رتّبه وضبطه وصححه: محمد عبد السلام شاهين، دار الكتب العلميّة، بيروت، (د. ط)، (د. ت).
  29.  الزّنكي، نجم الدّين، نظريّة السياق “دراسة أصوليّة”، دار الكتب العلميّة، بيروت – لبنان، (د. ط)، (د. ت).
  30. السامرائي، جاسم، العقيدة عند الإمام مجد الدين مجد بن يعقوب الفيروزآبادي، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، (د. ط)، (د. ت)، ص 137.
  31. سعيد، مصطفى، الاتّساق الدّلالي في قصص القرآن الكريم، (د. ن)، (د. ب)، (د. ط)، (د. ت).
  32. السّكاكي: يوسف بن محمّد (ت 626 هــ)، مفتاح العلوم، حقّقه وقدّم له وفهرسه: عبد الحميد هنداوي، دار الكتب العلميّة، بيروت – لبنان، (د. ط)، 2014.
  33. سنكاوي، فاتح، معجم مصطلحات الفكر الإسلامي المعاصر” دلالتها وتطورها”، تقديم: رياض عثمان، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، (د. ط)، (د. ت). 
  34. الشّاطبيّ: إبراهيم بن موسى(ت 790 هـــــ)، شرح الشّاطبي لألفيّة بن مالك المسمّى” المقاصد الشّافية في شرح الخلاصة الكافية”، تحقيق: محمد عثمان، دار الكتب العلميّة، بيروت – لبنان، (د. ط)، (د. ت).
  35. الشافعي: محمد علي بن محمد علّان (ت 1057هــ)، الفتوحات الرّبانيّة على الأذكار النّواويّة، دار إحياء التّراث العربيّ، بيروت – لبنان، (د. ط)، (د. ت).
  36. شعير، محمّد رزق، الفنولوجيا وعلاقتها بالنّظم في القرآن الكريم، تقديم: تمّام حسّان، (د. ن)، (د. ب)، (د. ط)، (د. ت).
  37. الصّنعاني: محمّد بن إسماعيل(ت 1182هــ)، سبل السّلام” شرح بلوغ المرام من جمع أدلة الأحكام”، تعليق وتخريج: عادل بن سعد، محتوية على أحكام العلامة المحدّث الألبانيّ، الكتاب العالميّ للنشر، بيروت – لبنان، (د. ط)، (د. ت). 
  38. ضالي، فطنة، النظم بين القرآن والشعر في دلائل الإعجاز في علم المعاني، دار العنقاء، عمان- الأردن، (د. ط)، 2013.
  39. الطّبري: محمّد بن جرير الطّبريّ(ت 310ه)، تفسير الطّبري المسمّى جامع البيان في تأويل القرآن، دار الكتب العلميّة، بيروت – لبنان، (د. ط)، (د. ت).
  40. طنطاوي: محمّد سيّد (ت 2010هــ)، التفسير الوسيط للقرآن الكريم، دار نهضة مصر للطباعة والنّشر، مصر، 1997.
  41. عبد الباقي، محمّد فؤاد، المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، دار الحديث ومطبعة دار الكتب المصريّة، القاهرة، (د. ط)، (د.ت).
  42. عبد الجليل، منقور، علم الدّلالة أصوله ومباحثه في التّراث العربيّ، مركز اتّحاد الكتاب العرب، دمشق، (د. ط)، 2001.
  43. عبد اللطيف، محمد حماسة، الإبداع الموازي، دار غريب، مصر، (د. ط)، 2001.
  44. عبد المجيد، محمد، دلالة المصدر التركيبية في الآيات القرآنيّة. المؤتمر الثالث للغة العربية وآدابها ” الاتجاهات الحديثة في الدراسات اللغوية والأدبية”، مجلّة الدراسات القرآنيّة، الجامعة الإسلامية العالمية، ماليزيا، السنة 2011، المجلّد 2.
  45.  عبدالله، شكر محمود، دلالة الجملة الاسميّة في القرآن الكريم، دار دجلة، الأردن، ط1، 2009.
  46. العثيمين، محمّد بن صالح، شرح البلاغة من كتاب اللغة العربيّة، مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين، (د. ب)، (د. ط)، (د. ت).
  47. عجينة، خليل، العلاقات الفعليّة في كتاب سيبويه “دراسة في التراث النّحويّ وعلم اللغة الحديث”، دار النّهضة العربيّة، بيروت – لبنان، ط1، 2014.
  48. علي، ميثم، الظواهر اللغوية والنحوية في كتب الغريبين” غريب القرآن وغريب الحديث”، دار الكتب العلميّة، بيروت، (د. ط)، (د. ت).
  49.  عمران، حمدي، أصول التفسير اللغوية ” دراسة وصفية”، (د. ن)، (د. ب)، (د. ط)، (د. ت).
  50. الغزالي: محمّد بن محمّد (ت 505هــ)،

– سراج الطالبين على منهاج العابدين إلى جنّة ربّ العالمين، شرح الشيخ: إحسان الكديري، ضبطه وصححه وخرّج آياته: عبد الوارث محمّد علي، دار الكتب العلميّة، بيروت، (د. ط)، (د. ت).

– إحياء علوم الدّين، اعتنى بتحقيقه وتنقيحه وضبط كلماته وتخريج أحاديثه: عبد الله الخالدي، دارالأرقم بن أبي الأرقم، لبنان، (د.ط)، (د. ت).

  1. غلاييني، مصطفى، جامع الدّروس العربيّة، المكتبة العصريّة، صيدا – بيروت، ط28، 1993.
  2. فتاح، بشير، المختار مما فسره الزمخشري من ألفاظ الحديث في أساس البلاغة ” تأسيس لغوي ودراسة سياقية”، (د. ن)، (د.ب)، (د. ط)، (د. ت).
  3. الفرّاء: يحيى بن زياد (ت 207هــ)، معاني القرآن، تحقيق ومراجعة: محمد علي النّجار، مطبعة دار الكتب والوثائق القوميّة، القاهرة، (د. ط)، 2013.
  4. فرغل، حنان، 2013، خصائص تراكيب الإجمال والتّفصيل في أحاديث صحيح البخاري “دراسة نحويّة”، أطروحة ماجستير، كليّة دار العلوم، جامعة القاهرة، مصر، 2003.
  5. القرافي: أحمد بن إدريس(ت 648 هــــ)، العقد المنظوم في الخصوص والعموم، تحقيق: علي معوّض، وعادل عبد الموجود، دار الكتب العلميّة، بيروت – لبنان، (د. ط)، (د. ت).
  6. القليوبي: شهاب الدّين أحمد بن أحمد(ت 1069هـــ)، حاشية القليوبيّ على شرح الأزهريّة، تحقيق ودراسة: رمضان الجلجموني، دار الكتب العلميّة، بيروت –لبنان، (د. ط)، (د. ت).
  7. كاطع، فلاح، التكوينات النّحويّة للمجاز المرسل في القرآن الكريم، دار الكتب العلميّة، بيروت، ط1، 2008. 
  8. الكفويّ: أيّوب بن موسى الحسينيّ (ت 1094هــ)، الكلّيات، إعداد: عدنان درويش ومحمد المصريّ، مؤسسة الرّسالة، دمشق، ط2، (د. ت).
  9. الماتردي: محمّد بن أحمد(ت 333هــ)، تفسير الماتردي، تحقيق: مجدي باسلوم، (د. ن)، (د. ب)، ط1، 2005.
  10. المعيني: محمد بن محمود بن أحمد (ت 855 هـــ)، عمدة القاري” شرح صحيح البخاري”، (د. ن)، (د. ب)، (د. ط)، (د. ت).
  11. النّسفيّ: عبدالله بن أحمد(ت 710هــ)، تفسير النّسفيّ ” مدارك التنزيل وحقائق التأويل”، ضبطه وخرّج آياته وأحاديثه: زكريا عميرات، دار الكتب العلمية، (د. ب)، طبعة جديدة مصححة ومنقحة، (د. ت).
  12. نهر، هادي، علم الدّلالة التطبيقي في التّراث العربيّ، تقديم: علي حمد، دار الأمل، إربد- الأردن، ط1، 2007.
  13. الهروي: محمد بن أحمد(ت 370 هــ)، تهذيب اللغة، تحقيق: أحمد مخيمر، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، (د. ط)، (د.ت).
  14. الواحديّ: أحمد بن محمّد (ت 468 هــ)، التفسير البسيط، تحقيق: محمد الفايز، دققه ونقحه وصححه: عبد العزيز السعود، تركي العتيبي، مؤسسة العبيكان، الرّياض، ط2، 2018.

Peace in the Quran Text: a Look at the Significance and Purports

The Verbal Noun as a Model

الباحثان:

د. نهلة زهدي إبراهيم الشّلبي

أستاذة مساعدة في اللغة والنّحو

د. التار ولد عبدالله

أستاذ مساعد في الشّريعة والقانون

جامعة العين / الإمارات- أبو ظبي

كليّة التربية والعلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة – قسم إعداد معلم اللغة العربيّة والتّربية الإسلاميّة

نهلة شلبي

نهلة الشّلبي؛ كاتية وباحثة أردنية، حصلت على شهادتي ( الماجستير ) و( الدكتوراه ) من جامعة اليرموك في ( الأردن ) بتقدير ( جيد جدًا )، وهي إحدى عضوات هيئة التدريس برتبة أستاذ مساعد في جامعة العين ( الإمارات العربية المتحدة). عملت الشلبي سابقًا أستاذة للنحو العربي في ( جامعة الإسراء ) في ( عمّان ). صدر لها كتابان في حقل اختصاصها، عنون الأوّل منهما بـ( الألفاظ الاجتماعيّة في سورة النساء " دراسة تأصيليّة، صرفيّة، دلاليّة" )، أمّا الثاني فعنون بـــــ ( التوجيه النحوي بين الزمخشري وأبي حيّان " سورة البقرة نموذجًا" )، وقد نشرت – أيضًا - العديد من الأبحاث العلميّة في مجلات علميّة محكّمة متخصصة منها: ( السلام في النّص القرآني: نظرات في الدلالة والمقاصد " المصدر نموذجًا" ، تمثيلات الصبرفي النص القرآني: بحث في خطاب الأمر ). شاركت الشلبي في العديد من النّشاطات والندوات والمؤتمرات العلميّة وورش العمل التي أقيمت في الأردن والإمارات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

الإعلانات هي مصدر التمويل الوحيد للمنصة يرجى تعطيل كابح الإعلانات لمشاهدة المحتوى