أديبات في فصول – مليكة العمراني
” كالنورس المزروع في دفء العشايا…غيمة سكبت جروحا في عروق الأرض”
- كيف تقدّم مليكة العمراني نفسها ؟
شاعرة وكاتبة وناقدة من مواليد تونس العاصمة. متحصّلة على الأستاذيّة في اللغة والآداب العربية من كليّة الآداب منّوبة بتونس. أنشط في الحقل الثقافي التونسي والعربي منذ أواسط التسعينات. في رصيدي مجموعة شعريّة بعنوان ” شرّدني الطين ذات تفاحة” صدر عن دار البدوي للنشر سنة 2013، ومجموعة قصصيّة بعنوان ” نقوش في جسد من رخام” صدرت عن دار ميارة سنة 2018 وفازت بجائزة زبيدة بشير للكتابات النسائية باللغة العربية.
صدرت لي ثلاث مجموعات شعريّة بالاشتراك مع شعراء وشاعرات من أبناء جيلها آخرها مجموعة شعرية صدرت بالجزائر سنة 2017 بعنوان ” إبداعات نسوية مغربية لأجل أطفال سوريا”.
في رصيدي مئات المقالات والحوارات المنشورة في الصحافة التونسيّة والعربيّة. ولي العديد من المساهمات القيّمة في المهرجانات الثقافيّة والتظاهرات الشعريّة.
أسّست العديد من النوادي الثقافيّة في فترة دراستي بالجامعة التونسية وبعدها، من قبيل ملتقى الشعراء الطلبة، وشغلت فيه خطة عضو بالهيئة المديرة، وجمعية أولاد أحمد تونس الشاعرة. عضو بنادي القصة ” أبو القاسم الشابي” بالوردية، وعضو برابطة الكتاب الأحرار.
ساهمت في إنتاج العديد من البرامج الثقافية وتنشيطها. ولدي مشاركات قيّمة في العديد من البرامج الثقافيّة في الإذاعة الثقافيّة والاذاعة التونسية. ومتحصّلة على العديد من التكريماتوشهائد التقدير.
- القادح للكتابة وبداية مسارك الأدبي، متى وكيف تمّ ذلك؟
يتمثل في كوني أصبت بحادث منزلي سنة1992 حيث سقطت من سطح المنزل. ومثّل ذلك الحادث منعرجا بالنسبة إليّ حيث جعلني أعيش تجربة المرض الأليم بشكل مبكّر، وتفتحت في ذهني بوادر وعي مبكّر بالموت. ومن هنا بدأت تجربة الكتابة في شكل خربشات صغيرة على كراساتي المدرسيّة حيث كنت طوال إقامتي بالمستشفى أقرأ بكثافة ثمّ أكتب محاولات بسيطة لم تكن ترضيني في البداية ولكنّها كانت تعبّر عن عمق إحساسي وأكتبها بصدق كبير وبدفق عاطفيّ متوهّج. وتطورت تلك المحاولات فأصبحت قصائد شعرية ونصوص نثرية وقصص أنشرها تباعا في الصحف والمجلات.
- تقنيات الكتابة الأدبية، ما الأسلوب المستخدم وآليات السرد في عملية كتابتك ؟
بالنسبة إلى تقنيات الكتابة الشعريّة، أستعمل التخييلي والاستعارة والمجاز والصور الشعرية والدلالات الايحائية المشحونة بالرموزالدينية. كما أستلهم قاموسي الشعري من الأسطورة بمختلف مكوناتها. أمّا بالنسبة إلى الكتابات السرديّة فأنا أستعمل الوصف والحوار والتقنيات السرديّة الحديثة مثل الومضة الورائية والاسترجاع.
كما أنني أستعمل في السّرد الأسلوب الشعري الذي يساعدني كثيرا على تكثيف نصّي وشحنه بمدلولات رمزيّة فلا أكتفي بالأسلوب الكلاسيكي الخطّي في الكتابة بل أكسره عمدا حتى أضفي على نصّي نوعا من الجمالية الخاصة.
- ما مدى حضور الشأن المجتمعي في كتاباتك وكيف يتجلّى ؟
مواضيع الكتابة بالنّسبة إليّ تتجاوزني شخصيّا لتعبّر عن صوت الإنسان المثقّف في كلّ زمان ومكان. وصوت المرأة المثقّفة والعادية أيضا فنحن لا نكتب لأنفسنا وإنما نكتب حتى نفيد المجموعة البشرية والإنسان بشكل عام، مجتمعي هو مجتمع يعيش صعوبات كبيرة وأتمنى أن تسعفني الحياة بتعرية المخفي والسكوت عنه والبحث عن إيجاد الحلول الثقافية والفكرية المناسبة للمشاكل الكثيرة في مجتمعي وهي لا تحصى ولا تعد المسكوت عنه.
- ما حدود اهتمامك بالشّأن النسوي وقضاياه ؟
أنا أعتبر أن الإبداع هو قضية إنسانيّة برمّتها وقضيّة الإنسان عامّة، والجانب الاجتماعي يبرز في نصوصي السرديّة ومقالاتي خاصة حيث كتبت عن قضية المرأة المثقفة ووضعيّتها في المجتمع، كما كتبت عن الهويّة الجندرية للمرأة المثقّفة التي تولد متساوية مع الرجل ولكن المجتمع هو الذي يضفي عليها خانات جندريّة جديدة حيث يقول لها كوني جميلة واصمتي لذلك قمت في هذا المجال ببحث جامعي في مستوى الماجستير حول مقامات السلطة في ” مذكراتي في سجن النساء” للدكتورة نوال السعداوي وبيّنت من خلاله أنّ المرأة المثقّفة هي امرأة لها مقامات سلطة خاصّة في مجتمعها باعتبارها كائنا وذاتا تفكّر، لذلك ارتبطت هويّتها الجندريّة بالقيم والمعنى على عكس الرجل الذي تبنى هويّته الكتابيّة على اللذّة كما يقول رولان بارت.
وتناولت في كتاباتي القصصيّة قضيّة وجود المرأة الكاتبة في المجتمع كيف ينظر إليها المجتمع نظرة دونيّة. واهتديت في ذلك بتجارب الكاتبات العربيّات والغربيّات على حدّ السواء. فأنا قد اطلعت على التجارب النسويّة العربية وأعجبت أيّما إعجاب بطريقة طرحهنّ لأفكارهن، ولذلك أعتبر أن الشّأن المجتمعي والشأن النسوي متلازمين في قضايا الكتابة التي أتناولها.
- عن التفاعل مع راهن الواقع التونسي والعالمي في ظلّ الكورونا، كيف تنظّمين الوقت وتمضينه في الحجر الموجّه ؟
بالنسبة إلى ” كورونا” هذا الكائن العجيب اللامرئي الذي فاجأني مثلما فعل مع مليارات البشر في العالم أكيد أنه سيغيّر الكثير من المعطيات في العالم، وشخصيّا هو فرصة بالنسبة إلي لمراجعة قناعاتي في ما يتعلّق بقضيّة الموت ومنزلة الإنسان في الوجود وقيمة الوقت في حياتي وأهميّة التواصل الإنساني والعلاقات الاجتماعية والروابط الأسرية.
- ما دعوتك المقدّمة للناشئة اليوم في علاقتها بالأدب والحاجة إليه؟
الشباب له أهميّة كبرى في تاريخ المجتمعات البشرية، وهو باني الإنسانية وتعوّل عليه الأمم في نهوضها. لذلك أنصح كلّ الشباب الطموح بمواصلة الحلم وعدم الكفّ عنه، فبالعزيمة وحدها نستطيع أن نربط بين الماضي والحاضر وأن نؤسّس للمستقبل بشكل جيّد.
لذلك أوجّه إليهم دعوة لطيفة بأن يواصلوا الطريق بعزم وثبات وبأن يواجهوا الصعاب بقلوب كبيرة والمجد الحقيقي يأتي بالمثابرة والعمل الجدّي وعدم الخضوع للقيود والعراقيل والمكبّلات. كما أوجه إليهم دعوة لطيفة بأن يهتمّوا بالكتاب.