أديبات في فصول – محاورات

في إطار اهتمامنا بتحليل الخطاب حول النّساء، أردنا أن نخصّص ملفّا عن الخطاب الأدبي النسائي.

ونحن على قناعة تامّة بأنّ الأدب لا جنس له، وأنّ مستوى الكتابة وتجويدها يتحقّقان بالتراكم الإبداعي بما هو نسيج محكم يتأتّى من جملة المتغيّرات التي يستوعبها المبدع/ة من الخارج ومن عملية تفاعله معها فنيّا وبنيويّا، ولا علاقة للأنوثة والذكورة في ذلك.

إلاّ أنّ ذلك لا يمنعنا من التأكيد على أنّ الكتابة الأدبيّة للنساء لها سياق تاريخيّ معيّن يختلف عن كتابة الرّجال، فإلى حدود الأربعينيّات من القرن الماضي ما كان للنّساء العربيّات أن يتجاوزن حجاب أوهام النقص العقلي وعدم القدرة على صناعة الحرف واجتراح الكتابة، ولكن بفضل المسيرة النضاليّة الطويلة للنساء نحو التحرّر، انجلت هذه الأوهام وتحقّقت اللحظة التاريخيّة بولادة نصوص أدبيّة بأقلام نسائيّة شرعت تتكاثر يوما بعد يوم.

وهكذا كانت الكتابة فعل تحرّر تتخطّى به النساء صروح المجتمعات الأبويّة وسلطتها الذكوريّة. وما اشتُهر بالأدب النسويّ تاريخيّاً يعدّ من أبرز تلك الجبهات التي وقفت فيها النساء لتدافع عن حقهوقهّن في مواجهة مجتمعات لا ترى في المرأة سوى زوجة وأمّا وأختا لا غير، ولتتحدّى آليّة تكميم أصواتهنّ من خلال ترسانة العادات والأعراف المتوارثة جيلا عن جيل.

وما انفكّت الكاتبات نثرا وشعرا يأخذن لأنفسهن في المشهد الأدبي مكانا يليق بهنّ، ويحصدن الجوائز الأدبيّة الكبرى في السنوات الأخيرة، ويؤكّدن بذلك على أنّهنّ لم يعدن على هامش الكتابة إنّما هنّ في قلب الأدب.. في قلب التمكين الأدبي والإبداعي…

وبناء على هذه الخلفيّة الفكريّة وسياقها التاريخي كان ملفّنا” أديبات في فصول”، ونحن نصوغه في شكل محاورات مع ثلّة من الأديبات التونسيّات نسائلهنّ ونترك لهنّ المجال كي يتحدّثن..

ولحديثهنّ شجون عن تجاربهنّ في الكتابة الأدبيّة ورؤاهنّ الأسلوبيّة والبنيويّة المعتمدة في كتاباتهنّ، وعن وعيهنّ بما يحيط بهنّ من أحداث وقضايا ولا سيما تلك المتّصلة بشأنهنّ النسويّ، وعن تفاعلهنّ مع جائحة الكورونا فضلا عمّا يمكن أن يقدّمنه من دروس حضاريّة للناشئة في ظلّ المتغيّرات التكنولوجيّة والعلميّة والتحدّيات الثقافيّة الهامّة لأنّنا على وعي بأهميّة دور الخطاب الأدبي في تشكيل الوعي الجماعي فكريّا وثقافيّا. 

زر الذهاب إلى الأعلى

You cannot copy content of this page