مقامات بديع الزمان الهمذاني

مقامة الأدب والذهب – بديع الزمان الهمذاني

 

كتب بديع الزمان إلى  مستميح عاوده مراراً وقال له : لم لا تديم الجود بالذهب ، كما تديمه بالأدب ؟ فكتب البديع :

– عافاك الله – : مثل الإنسان في الإحسان ، مثل الأشجار في الإثمار ، وسبيل في ابتداء بالحسنة ، أن يرفه إلى السنة ، وأنا كما ذكرت لا أملك عضوين من جسدي ، وهما فؤادي ويدي ، أما اليد فتولع بالجود ، وأما الفؤاد فيتعلق بالوفود ، ولكن هذا الخلق النفيس ، لا يساعده إلا الكيس ، وهذا الخلق الكريم ، لا يحتمله إلا الكريم ، ولا قرابة بين الأدب والذهب ، فلم جمعت بينهما ؟ والأدب لا يمكن ثرده في قصعة ، ولا صرفه في ثمن سلعة ، وقد جهدت جهدي بالطباخ ، أن يطبخ لي من جيمة الشماخ لوناً فلم يفعل ، وبالقصاب ، أن يذبح أدب الكتاب فلم يقبل ، وأنشدت في الحمام ، ديوان أبي تمام ، فلم ينجع ، ودفعت إلى الحجام ، مُقطعات اللجام ، فلم يأخذ ، واحتيج في البيت إلى شيء من الزيت ، فأنشدت ألفاً ومائتي بيت ، من شعر الكميت ، فلم يغن ، ودفعت أرجوزة العجاج ، في توابل السكباج ، فلم ينفع ، وأنت لم تقنع ، فما أصنع ؟ فإن كنت تحسب اختلافك إلي ، إفضالاً منك علي ، فراحتي ألا تطرق ساحتي ، وفرجي ألا تجيء والسلام
————
المصدر : معجم الأدباء / الحموي

 

بالعربية

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى