النص التفاعلي والأبعاد المتعددة
النص الرقمي نص متعد الوسائط متعدد الأبعاد متعدد الأعماق، قابل لأن يُتصرفَ فيه بالزيادَة والنقص والحذف والتقديم والتأخير والتكثيف والتناص ما لم يُطبعْ على الورق، قابل لأن يُزوَّدَ بالصوت والصورة والحركة والألوان ، النص الرقمي نص تفاعلي Texte interactif نص تفاعلي بامتياز؛ لأنه يُخاطبُ مخاطَباً ويُتيح له استجابةً ومشاركةً وتفاعلاً مثلما هو الشأن في نصوص المشاركات في المنتديات والتعليقات والتعقيبات والحواشي.
غير أنه وإن عدَّدَ المُعدّدُ مزايا النص الرقمي التفاعلي فإنّه لَن يُسقط عن النص الورقي المَخْطوط خِصِّيصى يمتازُ به دون سواه: جَماليّة الخطّ اليدويّ، إذ تختلف خُطوط الأيدي وهندساتها ، وأنت تعلم أنّ المخطوطات القديمةَ ذات قيمة في المكتبات والحُصولُ عليْها دونَه خرطُ القَتاد، ويُباهي المَغاربةُ بالخطّ المغربيّ الأندلسيّ الجَميل الذي يُهيمن على غالبيّة المخطوطات العربيّة المنتشرة في مكتباتِ العالَم.
ومع ذلك أضحى للنص الرقميّ قيمتُه العمليّةُ والعلميّةُ والفنّيّة على النّحو الذي حدّده بها الباحثون ومنهم سعيد يقطين في كتابَيْه: «من النصّ إلى النصّ المترابط، مدخل إلى جماليات الإبداع التفاعلي». و«النص المترابط ومستقبل الثقافة العربية»، ونبيل علي في كثير من كتبه التي نشرتها سلسلة عالَم المعرفة الكويتية…
ولا يبدو أنّ النصّ الرقمي، بما أتيحَ له من قُدراتٍ هائلةٍ على الارتقاء بالنص والانتقال به وتطويره وتوسيع مَداه وأبعاده وأعماقه، لا يبدو أنّه سينتهي بالنص الورقي إلى القضاء عليه وتعويضه، ووَقْف نزيف المَطبوعات والمنشورات الورقيّة،
وإنّما الذي يبدو العكسُ من ذلك: حركة حَوْسَبَة النّصّ الغنية الهائلة، لا يبدو عليْها إلاّ شيء واحد: أنّها تجري لمُستَقَرّ لها: أن تخرُج على الورق ليطّلعَ عليْها من ألِف َالورقَ ومَن اعتادَ الحاسوب، ولكنّ الاحتفاظ للنّصّ الورقيّ بنسخته الإلكترونيّة أصبحَ شرطاً لازماً، وذلك لإعادة إخراجه والتّصرّف فيه وتطويرِه