سباق الذكاء الاصطناعي بين فيسبوك وغوغل
خلال الأعوام القليلة الماضية، أثبتت تقنية تدعى “التعلم العميق” قدرتها على التعرف على الصور، وفهم الكلام، والترجمة من لغة إلى أخرى؛ وغير ذلك من القدرات الذكية التي أغرت الشركات في وادي السليكون، وتحديدا فيسبوك وغوغل، على الاستثمار وتكثيف الأبحاث فيها.
وتساعد هذه التقنية غوغل على تطوير خدماتها بشكل كبير، فمثلا وبفضل هذه التقنية يمكن لهاتف الأندرويد فهم أوامر مستخدمه، والترجمة الفورية للعبارات المكتوبة بلغة أجنبية على اللافتات في الطرقات، كما تساهم التقنية في دعم محرك البحث غوغل الذي يعتبر أبرز منتجات الشركة.
أما بالنسبة لفيسبوك، فيسمح التعلم العميق -وهو أحد تقنيات الذكاء الاصطناعي- للشبكة الاجتماعية بالتعرف على الوجوه في الصور، واختيار المحتوى المناسب وعرضه للمستخدم على صفحة آخر الأخبار، ودعم المساعد الشخصي الرقمي التابع لفيسبوك “أم”، وغير ذلك من الوظائف.
ويتوجب على كل من فيسبوك وغوغل لتحقيق أهدافهما في مجال الذكاء الاصطناعي امتلاك أدوات هندسية رائدة، ومجموعات من الباحثين المتميزين في مجالات التعلم العميق.
ولتقوية مركزها في قطاع الذكاء الاصطناعي، أطلقت غوغل في نوفمبر/تشرين الثاني المنصرم إصدارها المفتوح المصدر من محركها للذكاء الاصطناعي “تينسور فلو”، لتتيح بذلك الوصول إلى الكود المصدري لأي شخص وتعديله وفقا للضرورة.
في حين أعلنت فيسبوك هذا الشهر فتح مصدر تصاميم خادماتها التي صممت لتشغيل أحدث خوارزميات الذكاء الاصطناعي، وتضم بداخلها عددا من وحدات معالجة الرسوميات المهيأة خصيصا للتعامل مع تقنيات التعلم العميق.
ويهدف فتح مصدر تقنيات الذكاء الاصطناعي الذي لجأت إليه هاتان الشركتان إلى تحسين هذه التقنيات من خلال جعلها أكثر استخداما وتداولا، وفقا لما أشار إليه مسؤول الذكاء الاصطناعي لدى فيسبوك، يان لي كن.
بعد عام ونصف من تطويره، أصبح “بيغ سور” أسرع بمرتين من نظام فيسبوك السابق الذي استخدمته الشركة لتدريب شبكاتها العصبية الاصطناعية
- بيغ سور
وتملك فيسبوك بوك جهاز الذكاء الاصطناعي “بيغ سور”، وقد أتاحت تصميم هذه الجهاز للمطورين بهدف جذب المتحمسين لهذه التقنية بما يتيح لها انتقاء المبدعين في مجال الذكاء الاصطناعي وضمهم إليها، بحسب ما أشار إليه المدير الهندسي لدى مجموعة الذكاء الاصطناعي في فيسبوك، سيركان بيانتينو.
ويضم “بيغ سور” ثماني وحدات معالجة رسوميات، وعلى الرغم من أن هذه الوحدات تستخدم عادة في معالجة الصور كجزء أساسي في الحواسيب التقليدية، فإنها أثبتت تفوقا في معالجة البيانات في الحواسيب المخصصة لتقنية التعلم العميق.
يعتمد التعلم العميق على الشبكات العصبية الاصطناعية، وهي تقنية تحاكي في معالجتها للبيانات طريقة الدماغ البشري، وقد أثبتت وحدات معالجة الرسوميات كفاءة أكبر في هذا المجال مقارنة مع المعالجات التقليدية، الأمر الذي دفع شركات مثل فيسبوك وغوغل وبايدو إلى الاعتماد على هذه المعالجات في أجهزة الذكاء الاصطناعي التابعة لها.
وبعد عام ونصف من تطويره، أصبح “بيغ سور” أسرع بمرتين من نظام فيسبوك السابق الذي استخدمته الشركة لتدريب شبكاتها العصبية الاصطناعية، ليفتح بذلك الباب أمام الباحثين والمهتمين متيحا لهم تطوير الشبكات العصبية بشكل أسرع أو بكميات مضاعفة من البيانات، بما يؤدي في نهاية المطاف إلى شبكات عصبية بقدرات أعلى، وبالتالي إلى أنظمة تعلم عميق قد تساهم في تطوير خدمات فيسبوك بشكل أكبر.
إن إتاحة “بيغ سور” للمطورين من شأنها أن تجلب معها فوائد عديدة تعود آثارها الإيجابية على شركة فيسبوك نفسها وعلى تقنية التعلم العميق خصوصا والذكاء الاصطناعي عموما، حيث يؤدي انتشار تصاميم الجهاز وازدياد الطلب عليه إلى خفض تكاليف إنتاجه، وبالتالي انتشاره بشكل أوسع ونمو أبحاث التعلم العميق بشكل أكبر.
——————-
المصــدر : موقع الجزيــرة