ذي المجاز، هو أحد أسواق العرب الأدبية في الجاهلية كانت العرب ترحل اليه بعد فراغها من سوق مجنة لقربه من جبل عرفات حيث يقيمون فيه حتى يبدأ موسم الحج فيدخلون مكة لحج البيت الذي يعظمه جميع العرب.و هو من أهم الأسواق التي كان يلتقي فيها قوافل التجار. ويقع في شرق مكة المكرمة ويبعد عنها مسافة 21 كم.
يقع هذا السوق على يمين القادم من عرفة من جهة المغمس قبل وصوله الطريق السريع المؤدي إلى السيل، حيث يشاهد على بعد حوالي 2 كم، وهو عباره عن شعب يسيل من كبكب غربا فيدفع في وادي عرنة في الطرف الشرقي من المغمس، يبعد عن علمي حدود مكة الشرقية حوالي 8 كم، وشمال شرقي عرفة على بعد 5 كم، يكتنفه جبل كبكب من الشرق والجنوب والشمال، وجبل قرضه والمغمس من الغرب.
ينطوي هذا السوق على أهمية تاريخية وأثرية وحضارية كبيرة بوصفه من أشهر الأسواق في الجزيرة العربية من العصر الجاهلي حتى فجر الإسلام، لذلك قامت وكالة الاثار والمتاحف بوزارة المعارف بتسويره.
توجد في هذا الموقع التاريخي اطلال مباني متهدمة وآبار، بعضها مدفونا، ومن المؤمل أنه إذا ماأجريت فيه حفريات أثرية منظمة مستقبلا العثور على مكتشفات أثرية متنوعة، مثل: الفخار، والخرف، والزجاج، والعملات المعدنية، والادوات والاواني الحجرية، علاوة على الابار، وعظام الإبل التي كانت تنحر فيه وخلاف ذلك، مما يسلط الضوء على النشاطات التي كانت تعتلج فيه “.
من أسواق العرب التي اقترنت بسوق عكاظ وسوق مجنة، كان الرسول ﷺ يتردد عليه في المواسم ليعرض الإسلام على القبائل العربية عند اجتماعها به من أول ذي الحجة إلى اليوم الثامن منه.
وجاء في كتاب الجامع لأحكام القرآن للامام القرطبي في تفسير قوله تعالى:{تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ}.
«قال طارق بن عبد الله المحاربيّ: إني بسوق ذي المجَاز، إذ أنا بإنسان يقول: يا أيها الناس، قولُوا لا إلٰه إلاّ الله تُفْلِحُوا، وإذا رجل خلفه يرميه، قد أدمى ساقيه وعرقوبيه ويقول: يا أيها الناس، إنه كذاب فلا تصدقوه.
فقلت: مَنْ هذا؟ فقالوا: محمد، زعم أنه نبي. وهذا عمه أبو لهب يزعم أنه كذاب. وروى عطاء عن ابن عباس قال: قال أبو لهب: سَحَركم محمد! إن أحدنا ليأكل الجَذَعة، ويشرب العُسّ من اللبن فلا يشبع، وإن محمداً قد أشبعكم من فخِذ شاة، وأرواكم من عُسّ لبن.» اهـ
وجاء في المستدرك على الصحيحين للإمام محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري.
“أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن ابن حمدان الجلاب بهمدان، ثنا أبو حاتم الرازي، ثنا سعيد بن أبي مريم، ثنا ابن أبي الزناد أخبرني أبي، حدثني ربيعة بن عباد الدؤلي الكناني قال: رأيت رسول الله ﷺ في الجاهلية بسوق ذي المجاز وهو يقول: يا أيها الناس، قولوا لا إله إلا الله تفلحوا قال: يرددها مرارا والناس مجتمعون عليه يتبعونه، وإذا وراءه رجل أحول ذو غديرتين، وضيء الوجه، يقول: أنه صابئ كاذب، فسألت: من هذا؟ فقالوا: عمه أبو لهب” اهـ
عن طارق المحاربي قال: رأيت رسول الله ﷺ بسوق ذي المجاز فمر وعليه جبة له حمراء وهو ينادي بأعلى صوته: يا أيها الناس! قولوا: لا إله إلا الله – تفلحوا، ورجل يتبعه بالحجارة وقد أدمى كعبيه وعرقوبيه وهو يقول: يا أيها الناس! لا تطيعوه فإنه كذاب؛ قلت: من هذا؟ قالوا: غلام من بني عبد المطلب، قلت: فمن هذا يتبعه يرميه؟ قالوا: هذا عمه عبد العزى – وهو أبو لهب “.