البحث العلمي

حرب لقاحات كورونا الكبرى .. تعرف على أطرافها

 

يتسارع السباق بين الدول الكبرى من روسيا إلى الولايات المتحدة لتطوير لقاح لفيروس كورونا المستجد، فهل نحن أمام “حرب لقاحات” وسباق محموم”، خاصة بعد التشكيك الأميركي باللقاح الروسي الذي أعلن عنه الرئيس فلاديمير بوتين الثلاثاء؟

يشبه هذا السباق المحموم لتطوير لقاح لفيروس كورونا إحدى روايات الجاسوسية، إذ اتهمت المملكة المتحدة والولايات المتحدة وكندا أجهزةَ المخابرات الروسية بالوقوف وراء هجمات قراصنة لسرقة أبحاث حول لقاحات. وفي الولايات المتحدة، وجه الاتهام إلى صينيين لأسباب مماثلة. ونفت كل من موسكو وبكين هذه الاتهامات.

  • في هذا التقرير نتعرف على أبرز الأطراف التي تعمل حاليا على تطوير لقاح لكورنا، وما طبيعة اللقاحات التي تطورها.

بعد ثمانية أشهر على ظهور لفيروس كورونا في الصين، لم يثبت أي لقاح اختباري حتى الآن فعاليته ضد وباء فيروس كورونا المستجد “سارس كوف 2” المسبب لمرض “كوفيد-19” خلال تجارب سريرية، غير أنه تم رغم ذلك شراء ما لا يقل عن 5.7 مليارات جرعة مسبقا في العالم من اللقاح الروسي الجديد، وفقا لوكالة الأنباء الفرنسية.

وبات التوصل إلى لقاح أمرا أساسيا أكثر من أي وقت مضى، في حين تتجدد الإصابات في العديد من الدول مما ينذر بموجة ثانية من الوباء، بعدما كان انتشار المرض قد أظهر بوادر تباطؤ.

وجرى في جميع أنحاء العالم تسريع إجراءات تطوير لقاح بطرق غير مسبوقة. وقد بدأت الدول والمؤسسات الكبيرة بجمع الأموال على المستوى الدولي.

ويسمح هذا للشركات البدء بالتصنيع التجاري للقاح في الوقت نفسه الذي تعمل فيه على تطويره، وتكونان في العادة مرحلتين منفصلتين.


  • كم عدد اللقاحات التجريبية في العالم؟

في آخر توضيح لها في 31 يوليو/تموز، أحصت منظمة الصحة العالمية 26 لقاحا مرشحا في العالم يجري تقييمها خلال تجارب سريرية على البشر، في مقابل 11 لقاحا تجريبيا في منتصف يونيو/حزيران.

وما زال معظم هذه التجارب في “المرحلة الأولى” التي تهدف بشكل أساسي إلى تقييم سلامة المنتج، أو “المرحلة الثانية” حين يتم بالفعل استكشاف مسألة الفعالية.

بينما هناك خمسة لقاحات منها فقط في “المرحلة الثالثة” الأكثر تقدما، حين تقاس الفعالية على آلاف المتطوعين: وهذا ينطبق على اللقاحات التجريبية التي طوّرتها شركتا بيونتك الألمانية وفايزر الأميركية، ومختبرات مودرنا الأميركية ومختبرات سينوفارم وسينوفاك الصينية وجامعة أكسفورد بالتعاون مع أسترازينيكا البريطانية.

وتجري اختبارات على لقاحات تجريبية أخرى على نطاق واسع في بلدان أخرى. وقد بدأت إندونيسيا الثلاثاء تجربة لقاح آخر على 1600 متطوع هو بالفعل في المرحلة الثالثة.

اللقاح الروسي الذي طوّره مركز نيكولاي غاماليا لعلم الأوبئة والأحياء الدقيقة بالتعاون مع وزارة الدفاع الروسية مدرج في المرحلة الأولى بقاعدة بيانات منظمة الصحة العالمية.

ولكن مع ذلك، يؤكد صندوق الثروة السيادي الروسي المشارك في تطويره بدء المرحلة الثالثة من التجارب السريرية، وتقول السلطات الطبية الروسية إن المعلمين والطاقم الطبي بدؤوا بتلقي اللقاح ابتداء من أغسطس/آب الجاري، قبل طرحه للتداول في الأول من يناير/كانون الثاني 2021.


  • ما التقنيات المستخدمة؟

تعمل بعض الفرق على لقاحات تقليدية باستخدام فيروس “ميت”، وهذه اللقاحات هي فئة اللقاحات “المعطلة”.

وهناك أيضا ما يسمى لقاحات “الوحيدات” التي تعتمد على البروتينات (المستضدات الفيروسية) التي تحدث استجابة مناعية دون أن تحتوي على الحمض النووي الفيروسي.

وهناك لقاحات أخرى تعرف باسم لقاحات “ناقلات الفيروس” وهي أكثر ابتكارا إذ تستخدم فيروسا حميدا كناقل يتم تحويله وتكييفه لمكافحة “كوفيد-19″، وهذه هي التقنية التي اختارها الروس وكذلك جامعة أكسفورد وهي تستخدم فيروسات غدية من الشمبانزي وهي عائلة فيروسية شائعة جدا.

وأخيرا، تعتمد المشاريع الأخرى على لقاحات تحتوي على الحمض النووي (دي إن إيه) DNA أو مرسال الحمض النووي “آر إن إيه” (Messenger RNA) وهي منتجات تجريبية تستخدم قطعا من المادة الوراثية المعدلة.


  • ما النتائج؟

تؤكد وزارة الصحة الروسية أن لقاحها يسمح “بتكوين مناعة طويلة” الأمد، مقدرة أن تستمر الاستجابة المناعية مدة “عامين”، لكن المشكلة تكمن في أنه لم يتم نشر البيانات التي تستند إليها هذه الادعاءات.

بشكل عام، لم تنشر سوى نتائج أولية للتجارب الجارية أي للمرحلتين الأولى والثانية وآخرها للقاح الذي تعمل عليه جامعة أكسفورد وشركة كانسينو الصينية وقد نشرت في 20 يوليو/تموز وبينت أن المرضى يتحملونه جيدا وأنه يحدث “استجابة مناعية قوية”.


  • أبرز أطراف معركة اللقاحات

أميركا

تراهن حكومة الولايات المتحدة على العديد من اللقاحات التجريبية وقد استثمرت مليارات الدولارات في برامج مختلفة للحصول على 300 مليون جرعة لقاح.

وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الثلاثاء عن عقد بقيمة 1.5 مليار دولار مع شركة مودرنا الأميركية لقاء 100 مليون جرعة من لقاح اختباري تطوره، وهو سادس عقد من نوعه منذ مايو/أيار.

وقال ترامب “لقد توصلنا لاتفاق مع مودرنا لتصنيع وتقديم 100 مليون جرعة من لقاحهم المحتمل لفيروس كورونا”.

وأضاف “ستمتلك الحكومة الاتحادية تلك الجرعات من اللقاح، إننا نشتريها”.

يشار إلى أن شركة التكنولوجيا الحيوية الأميركية مودرنا في المرحلة الثالثة من التجارب على لقاحها المحتمل.

وأضاف ترامب موضحا أن الحكومة الأميركية تدخل أيضا في شراكة مع شركة “جونسون أند جونسون” وعدة شركات أميركية أخرى لدعم إنتاج لقاحاتها على نحو واسع النطاق.


  • الأرجنتين-المكسيك-بريطانيا

قال الرئيس الأرجنتيني ألبرتو فرنانديز الأربعاء، إن الأرجنتين والمكسيك ستشتركان في إنتاج ملايين الجرعات من لقاح لفيروس كورونا الذي طوّرته جامعة أكسفورد البريطانية مع شركة الأدوية العملاقة “أسترا زينيكا” لأميركا اللاتينية.

وأضاف فرنانديز أن بلاده والمكسيك ستكونان مسؤولتين عن إنتاج اللقاح الذي طوّرته الجامعة البريطانية المرموقة ومجموعة الأدوية السويدية البريطانية في أميركا اللاتينية بمجرد حصولهما على الموافقة التنظيمية.

وقال إن أسترا زينيكا وقعت اتفاقا لإنتاج ما بين 150 إلى 250 مليون جرعة لجميع دول أميركا اللاتينية باستثناء البرازيل، وسيكون ذلك متاحا في النصف الأول من عام 2021.

وأثبتت تجارب شملت أكثر من ألف شخص أن اللقاح آمن وينتج مناعة، وحجزت بريطانيا بالفعل 100 ألف جرعة من اللقاح الذي يخضع حاليا للمرحلة الثالثة من التجارب.


  • روسيا

يوم الثلاثاء الماضي، ودون كشف موسكو عن الدراسات المفصلة لنتائج تجاربها السريرية التي تسمح بالتأكد من نتائج اللقاح، أعلن الرئيس فلاديمير بوتين تسجيل بلاده أول لقاح في العالم ضد كورونا.

وأعلن رئيس الصندوق السيادي الروسي كيريل ديمترييف، أن نحو 20 دولة حول العالم طلبت مليار جرعة من  لقاح “سبوتنيك في” ضد فيروس كورونا، بشكل مسبق، والذي تم إنتاجه وتطويره محليا.

وبينما لم تكشف موسكو عن هوية الدول الـ 20، أعلنت الفلبين اليوم الخميس أنها سوف تنضم إلى المرحلة النهائية من التجارب السريرية للقاح فيروس كورونا الروسي اعتبارا من أكتوبر/تشرين الأول.

ونقلت وكالة “بلومبيرغ” للأنباء عن المتحدث الرئاسي هاري روكي أن لجنة من الخبراء الفلبينيين سوف تراجع نتائج ما خلصت إليه روسيا مبدئيا بشأن اللقاح قبل بدء التجارب على نطاق واسع على البشر.

وقال إن روسيا سوف تمول المرحلة الثالثة من التجارب السريرية في الفلبين.

ووقّعت روسيا مذكرة تفاهم مع ولاية بارانا البرازيلية أمس الأربعاء للتعاون في تطوير لقاح لفيروس كورونا المستجد، حسبما ذكرت وسائل إعلام برازيلية.


وتعمل حكومتا روسيا وبارانا الآن معا لاختبار وإنتاج لقاح “سبوتنيك في”، بينما يتم التفاوض على نقل تقنية تطوير اللقاح، وسيتم تشكيل مجموعة عمل للسماح لموسكو بمشاركة نتائج تجارب المرحلتين الأولى والثانية للقاح مع ولاية بارانا ومع الحكومة البرازيلية.

وقال خورخي كالادو، رئيس معهد التكنولوجيا “تيكبار” في كوريتيبا، إنه قد تتم تجربة المرحلة الثالثة في بارانا لاختبار اللقاح على عدد كبير من الناس.


  • ألمانيا

أعلن معهد باول أيرليش المسؤول في ألمانيا عن إصدار تصاريح اللقاحات عن تفاؤله بالوصول إلى لقاح ضد كورونا في نهاية العام الجاري.

وقال كلاوس سياشوتيك رئيس المعهد الأحد الماضي 9 أغسطس/ آب الجاري إن التصاريح الأولى ستصدر في نهاية العام أو في بداية العام المقبل شرط أن تنجح المرحلة الثالثة من اختبار البيانات التي تؤكد هل اللقاح يحمي بالفعل من الإصابة.

وكان رئيس المعهد الألماني قد صرح في وقت سابق من الأسبوع الماضي للقناة الألمانية الثانية (ZDF.. Zweites Deutsches Fernsehen) بأنه متفائل جدا وبأن أخبارا سارة سيعلن عنها قريبا.


  • الهند

تعمل الهند على تطوير لقاح اسمه “كوفاكسين” (Covaxin)، عبر شركة “بهرات بيوتيك إنديا” (Bharat Biotech India) بالتعاون مع المعهد الوطني للفيروسات في الهند (National Institute of Virology) التابع للمجلس الهندي للأبحاث الطبية (Indian Council of Medical Research).

لقاح كوفاكسين هو “لقاح معطل” (Inactivated vaccine)، أي تم صنعه باستخدام جزيئات من فيروسات كورونا تم قتلها، مما يجعلها غير قادرة على العدوى أو التكاثر.


المصدر : الجزيرة + وكالات + مواقع إلكترونية

بالعربية

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى