هو محمد بن مكرم بن على، أبو الفضل، جمال الدين ابن منظور الأنصاري الرويفعى الإفريقي المصري. ولد في محرم سنة 630 هـ/ 1232 م، واختلفت الأقاويل حول مكان ولادته، قيل بقفصة تونس، وقيل بطرابلس ليبيا، وقيل بمصر. ويعدّ من نسل رويفع بن ثابت الأنصاري.
يعود نسبه إلى الصحابي رويفع بن ثابت الأنصاري الذي شهد معركة خيبر مع الرسول صلى الله عليه وسلم، وعيّنه معاوية بن أبي سفيان واليا على طرابلس سنة 46 للهجرة، إلا أن جلَّ من ترجموا لابن منظور قد توقفوا عند جده السابع منظور وإليه نسب وعرف في الأدب العربي والإسلامي.
ويوثّق ابن منظور نسبه إلى رويفع في تقديمه لمعجمه “لسان العرب” فيقول: رويفع ابن ثابت هذا هو جدنا الأعلى من الأنصار، كما رأيته بخط جدي نجيب الدين والد مكرم.
اختلف المؤرخون بشأن مكان ولادته، فمنهم من رأى أنه ولد في القاهرة ومنهم من رأى أنه ولد بطرابلس الغرب، إلا أن الثابت أنه نشأ بمصر.
تتلمذ على يد عبد الرحمن بن الطفيل، ومرتضى بن حاتم، ويوسف المخيلي، وأبي الحسن علي بن المقير البغدادي، والعالم الصابوني. خدم في ديوان الإنشاء بالقاهرة، ثم ولي القضاء في طرابلس. عمي في آخر عمره وتوفي في مصر في شعبان سنة 711 هـ/1311 م.
كان ابن منظور ذا صيت حسن، وأهّله عمله وتقواه للعمل في دار الإنشاء في القاهرة، وتولي القضاء في طرابلس الغرب.
ومن أشهر أعمال ابن منظور معجمه الشامل “لسان العرب” الذي يعتبر أكثر المعاجم العربية موسوعية وشمولا، ومرجعا يعول عليه في أوساط علماء لغة الضاد.
وقد أسس ابن منظور معجمه على خمسة معاجم سابقة هي “تهذيب اللغة” للأزهري و”المحكم” لابن سيده و”الصحاح” للجوهري و”حاشية الصحاح” لابن بري “والنهاية في غريب الحديث” لعز الدين بن الأثير.
ولم يقلّل ابن منظور في تقديمه للسان العرب من جهود من سبقوه، وبيّن أن غرضه من وضع معجم لسان العرب هو إعادة الفهرسة وإعادة الإنتاج بطابع علمي سلس يسهل على الدارس الوصول إلى غايته.
يقول في تقديمه للسان العرب “وليس في هذا الكتاب فضيلة أمت بها، ولا وسيلة أتمسك بسببها سوى أني جمعت فيه ما تفرق في تلك الكتب من العلوم (…) وما تصرفت فيه بكلام غير ما فيها من النص، فليتقيد من ينقل عن كتابي هذا أنه ينقل عن هذه الأصول الخمسة”.
ويعد ما ذكره ابن منظور في تقديمه على أنه مثال حي لترسخ مبدأ الحقوق الأدبية في الأدب العربي وأن احترام ذلك الحق والالتزام به نابع من شعور بالمسؤولية، وهو ما يعرف اليوم بقوانين حقوق الملكية الفكرية التي أصبحت تتمتع بقوانين جنائية صارمة.
- مؤلفاته
عمل على اختصار وتلخيص عدد هائل من كتب الأدب المطولة، وقال عنه ابن حجر: «كان مغرى باختصار كتب الأدب المطوّلة»، ويقول الصفدي: «لا أعرف في الأدب وغيره كتابا مطولا إلا وقد اختصره، وأخبرني ولده قطب الدين أنه ترك بخطه خمسمائة مجلدة».
أشهر أعماله وأكبرها هو لسان العرب، عشرون مجلداً، جمع فيها أمهات كتب اللغة، فكاد يغني عنها جميعاً.
- أهم مؤلفاته:
معجم لسان العرب في اللغة.
مختار الأغاني في الأخبار والتهاني، وهو مختصر كتاب الأغاني للأصفهاني.
مختصر تاريخ بغداد للخطيب البغدادي في عشرة مجلدات.
مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر.
مختصر مفردات ابن البيطار.
مختصر العقد الفريد لابن عبد ربه.
مختصر زهر الآداب للحصري.
مختصر الحيوان للجاحظ.
مختصر يتيمة الدهر للثعالبي.
مختصر نشوان المحاضرة للتنوخي.
مختصر الذخيرة.
أخبار أبي نواس.
- شعره
له شعر رقيق. ومنه:
الناس قد أثموا فينا بظنهم ***** وصدّقوا بالذي أدري وتدرينا
ماذا يضرُّك في تصديق قولهم***** بأن نحقق ما فينا يظنونا
حملي وحملك ذنبًا واحدًا ثقة **** بالعفو أجمل من إثم الورى فينا
وقال أيضاً:
توهم فينا الناس أمرًا وصمّمَتْ **** على ذاك منهم أنفس وقلوبُ
وظنوا وبعض الظن إثم ***** وكلهم لأقواله فينا عليه ذنوبُ
تعالَي نحققْ ظنهم لنريحهمْ ***** من الإثم فينا مرة ونتوبُ
عاد بعد انتهاء مهمة توليه القضاء في طرابلس إلى القاهرة، وبقي فيها إلى أن توفي عن عمر ناهز 82 عاما، وقيل إنه عمي قبيل وفاته.