رقمنة ومعلوميات

هل يجب أن نخشى الذكاء الصناعي ؟

يقود عالم الحاسوب الكندي يوشوا بينغيو واحدة من أبرز مجموعات الأبحاث العاملة على تطوير التقنية المعروفة باسم “التعلم العميق”، إحدى أهم تقنيات الذكاء الصناعي التي بدأت الظهور منذ عدة سنوات جالبة معها قدرات تسمح بالتعرف على الصوت البشري وتصنيف الصور وغير ذلك من مهارات كانت محصورة بالإنسان في الماضي.

ويزداد الحديث في الآونة الأخيرة عن القدرات التي يمكن لتقنيات الذكاء الصناعي الوصول إليها، وإن كانت ستضاهي قدرات الإنسان أو تتجاوزها في المستقبل، خاصة بعد التحذيرات التي صدرت عن شخصيات معروفة مثل الفيزيائي البريطاني ستيفن هوكينغ والمخترع والمستثمر الأميركي إلون ماسك؛ بأن الذكاء الصناعي يشكل خطرا وجوديا يهدد الإنسانية.

ويستثمر ماسك وغيره ملايين الدولارات في أبحاث لاكتشاف المخاطر المحتملة للذكاء الصناعي وكيفية التعامل معها، في حين يرى بعض الخبراء المختصين في دراسة التقنيات الذكية أنها لن تتسبب في أي مخاطر على الجنس البشري، ومنهم بينغيو أستاذ علم الحاسوب بجامعة مونتريال.

يرى بينغيو أنه لا ينبغي القلق من التقنيات الذكية، فهي تحتاج إلى سنوات كثيرة من التطور البطيء والتدريجي قبل أن تصل إلى المدى الذي يخشاه المحللون، حيث تستند في تطورها إلى علوم وأفكار ما تزال في بداياتها الأولى في هذه الأيام.

ويؤكد أن الوصول إلى الذكاء الصناعي بشكله المنتظر لن يكون مفاجئا، أي ليس كما يشبهه البعض باكتشاف وصفة سحرية خارقة على حد تعبيره، فما زال إنتاج أنظمة الذكاء الصناعي المتكاملة بحاجة إلى تطور علوم حالية وابتكار علوم جديدة، أي -بتعبير آخر- لن يخرج أحد العلماء بتقنية ذكية من شأنها تغيير العالم بين ليلة وضحاها كما في أفلام الخيال العلمي.


في المقابل، تسمح تقنيات “تعلم الآلة” للنظام الذكي بتعليم نفسه ذاتيا، إلا أن هذا لا يعني أنه قد يخرج عن السيطرة، فلكي ينجح النظام الذكي في تعلم وظيفة بسيطة يتطلب الأمر منه فترة زمنية طويلة من خلال عرض ملايين الأمثلة أمامه وبطرق خاصة بالشكل الذي يسمح له بتطوير نفسه تدريجيا، وبالتالي فإن المخاوف من قيام النظام الذكي بالتعلم من تلقاء نفسه والقيام بأفعال مدمرة أمر غير وارد في المدى المنظور.

ويعمد العلماء في هذه الأيام إلى تعليم الآلة عبر إخبارها عن تفاصيل المحتوى المراد منها التعامل معه، فمثلا لكي تستطيع السيارات الذاتية القيادة فهم المشهد المحيط بها، يتم عرض كميات هائلة من الصور لتدريبها على التمييز بين الأشياء المجاورة لها، أي معرفة ما إن كان ما تراه إنسانا أو طريقا أو سيارة أخرى، وهو الأمر الذي يتطلب العمل لأوقات طويلة جدا قبل الحصول على نتائج مرضية.

ولسنوات طوال، كانت قدرات الذكاء الصناعي محبطة للغاية، حيث يكافح العلماء لجعلها أكثر ذكاء، إلا أنها ما تزال غبية على حد تعبير بينغيو الذي أشار إلى تفضيله تسمية هذه التقنيات الذكية باسم “الغباء الصناعي” لا “الذكاء الصناعي”، حيث يصف هذه التقنيات بأنها غبية للغاية وبأن عمل العلماء ينحصر هذه الأيام في جعلها أقل غباء.

ورغم خشية الكثير من العلماء والشخصيات المشهورة من القدرات التخريبية لأنظمة الذكاء الصناعي في حالة خروجها عن السيطرة، فإن آخرين يرون أن المخاوف الحقيقية تكمن فعليا في الاستخدامات الخاطئة لهذه التقنيات، والتي قد تكون في مجالات عسكرية أو أمنية.


المصدر : البوابة العربية للأخبار التقنية

بالعربيّـة

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

الإعلانات هي مصدر التمويل الوحيد للمنصة يرجى تعطيل كابح الإعلانات لمشاهدة المحتوى