الكتابة “الهيراطيقية” و “الديموطيقية”.. كتابات مصرية قديمة
- الكتابة الهيراطيقية:
الكتابة الهِيرِيَّة (Hieratic)؛ هي طريقة كتابة مصرية قديمة، ومن أوائِل وأقدم طرق الكتابة التي تستخدم طريقة الكتابة بخطوط لينة (خطوط مستمرة مقابل طريقة أشكال أحرف منفصلة)، كتبت برموز مبسطة للرموز الهيروغليفية الأصلية.
ولما كانت الهيروغليفية غير ملائمة للكتابة السريعة، نشأت طريقة مختصرة للكتابة للأغراض العملية هي ما عرف بالهيريّة حيث حل كل رمز فيها محل الهيروغليفية الأصلية.
اشتقت كلمة «هيراطيقي» من الكلمة اليونانية «غراماطا هيراطيكا» وتعنى «الكتابة الكهنوتية» وإشارة إلى أن الكهنة كانوا أكثر الناس استخداماً لهذا الخط حيث أن نسبة كبيرة من النصوص الهيريّة وخاصة في العصور المتأخرة هي نصوص دينية، وكتب معظمها بواسطة الكهنة.
الخط الهيري هو تبسيط للخط الهيروغليفي أو بمعنى آخر اختصار له وإن الخط الهيروغليفي وهو خط العلامات الكاملة لا يتناسب مع طبيعة النصوص الدنيوية والدينية التي ازدادت بازدياد حركة الحياة والتي تطلبت خطاً سريعاً، كما تطلبت مواد كتابة لا يصلح معها إلا الخط السريع مثل البردي والأوستراكا (الشقافة).
وذلك على عكس الخط الهيروغليفي – خط التفاصيل – الذي يتناسب أكثر مع المنشآت الضخمة حيث كان ينقش بالأزاميل، وأما الخط الهيري فكان يكتب بقلم البوص والحبر.
استعملت الهيريّة في مصر القديمة لمدة تقرب من 2000 سنة من الأسرات الأولى حتى عصر الدولة الحديثة وكانت مناسبة للكتابة على أوراق البردي والمستندات والتقارير وقوائم الجرد وفي المحاكم وكتبت أيضاً على الأحجار في عهد الملوك الليبيين.
وكانت الهيريّة تكتب على البردي بعود رفيع من الغاب مدبب السن يغمس في حبر أسود أو أحمر في بداية الفقرات وفي الحسابات وفي كتابة علامات الترقيم أو عند كتابة أسماء المخلوقات الشريرة وكتبت الهيريّة في سطور عمودية حتى الدولة الوسطى ثم كتبت بعدذلك بالتدريج في سطور أفقية من اليمين لليسار.
وبظهور الكتابة الديموطية حوالي 800 قم فقدت الهيريّة قوتها وحل محلها الكتابة الديموطيقية وهي الخط الشعبي وأطلق السياح الإغريق على الهيريّة الكتابة المقدسة أو خط رجال الدين وذلك لاستعمالها في النصوص المقدسة وفي العصر الروماني كتبت في سطور رفيعة ففقدت كل بهجتها القديمة.
- الكتابة الديموطيقية:
الدِّيموطية أو الديموطيقية (من اليونانية القديمة: δημοτικός dēmotikós، “الشعبية”)، هي الكتابة المصرية القديمة المشتقة من الأشكال الشمالية للهيراطيقية المستخدمة في دلتا النيل،
ومرحلة اللغة المصرية المكتوبة بهذا الخط، بعد اللغة المصرية المتأخرة والسابقة للغة القبطية. تم استخدام المصطلح لأول مرة من قبل المؤرخ اليوناني هيرودوت لتمييزه عن الكتابات الهيرية والهيروغليفية المصرية.
- معنى الاسم
وقد اشتق هذا الاسم من الكلمة اليونانية (ديموس δημός) والنسبة منها (δημοτικός ديموتيكوس) وتعني «الشعبي». ولا يعني هذا المسمى الربط بين هذا الخط وبين الطبقات الشعبية في مصر، وإنما هو خط المعاملات اليومية ويمكن أن يقارن بخط الرقعة بالنسبة للغة العربية.
- تطورها واستخدامها
الخط الديموطي الذي ظهر منذ القرن الثامن قبل الميلاد واستمر حتى القرن الخامس الميلادي، يمثل المرحلة الخطية الثالثة بعد الهيروغليفي والهيراطيقي، وجاء ظهور هذا الخط نتيجة لتعدد الأنشطة وكثرة المعاملات وخصوصاً الإدارية منها والتي تحتاج لسرعة في الإنجاز.
وقد كتب هذا الخط على مادتين رئيستين وهما البردي والأوستراكا (الشقافة). تطورت الدِّيموطية في مصر السفلى (الوجه البحري) خلال الأسرة السادسة والعشرين؛ ويرجع تاريخ أقدم وثيقة (معروفة) مكتوبة بالدِّيموطية إلى السنة الحادية والعشرين من حكم الملك إبسماتيك الأول.
وقد تطورت الدِّيموطية من الهيراطيقية، وكانت تكتب مثلها: من اليمين إلى اليسار. كما أن النصوص الدِّيموطية كانت تدون بالحبر، وباستخدام فرشاة من البوص على أوراق البردي.
وكانت تدون أيضاً على الخشب أو الكتان، أو تنحت في الحجر أو المعدن. وقد أصبحت الدِّيموطية كتابة الاستخدام اليومي، بداية من منتصف القرن الثامن قبل الميلاد؛ وحتى القرن الرابع الميلادي.
عموما؛ الدِّيموطية؛ هي تطور للغة المصرية المتأخرة وتشارك الكثير مع المرحلة القبطية اللاحقة للغة المصرية. في المراحل المبكرة من الدِّيموطية، مثل تلك النصوص المكتوبة بالخط الديموطي المبكر.
ربما كانت تمثل المصطلح المنطوق في ذلك الوقت. ولكن، نظرًا لاستخدامها بشكل متزايد للأغراض الأدبية والدينية فقط، تباعدت اللغة المكتوبة أكثر فأكثر عن الشكل المنطوق.
مما أدى إلى ازدواج اللسان بين النصوص الدِّيموطية المتأخرة واللغة المنطوقة في ذلك الوقت، على غرار استخدام الوسط الكلاسيكي المصري في العصر البطلمي.