في عام 2014 قرّر المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات – ترشيد العمل على تأليف سلسلة كتب مدرسيّة في التاريخ العالميّ للصفوف من السادس حتّى العاشر باللغة العربيّة، لتستخدم بصفتها أحد العناصر الأساسيّة لمنهاج التاريخ في الأكاديميّة العربيّة الدوليّة في قطر، التي أنشأتها ترشيد، ولتوفير هذه الكتب للمدارس الأخرى، وللمعلّمين، والتربويّين للإفادة منها.
المحرّك الرئيس لإنجاز هذا العمل كان الوعي بأهمّيّة مادّة التاريخ في بلورة الهويّة، وتعزيز الانتماء للمجتمع، وفهم التاريخ بصورة معمّقة ناقدة، والمساهمة في تعزيز فهم الطلبة لتاريخ الحضارة العربيّة الإسلاميّة، وتاريخ المجتمعات والثقافات الأخرى ضمن رؤية إنسانيّة شاملة.
وعبر نقاشات واجتماعات أوّليّة، تبعتها حلقات دراسيّة، وورشات شارك فيها مؤرّخون وتربويّون متخصّصون، وُضعت أسس العمل في هذا المشروع، وتحدّدت أهدافه، وضُبطت التصوّرات الناظمة لهذه الكتب، والمنهجيّة اللازمة لإعدادها.
وبعد إعداد الكتب، وتأليف مادّتها الرئيسة، طُرحت لنقاش وتقييم ونقد داخليّ للتثبّت من تحقيقها الغايات المرجوّة، والتقائها مع التصوّرات المؤسّسة لهذا المشروع، وصولًا إلى إقرارها، ونيلها الموافقات التحكيميّة والرسميّة.
جاء هذا المقرّر الدراسيّ ليحقّق الأهداف العامّة لتعليم التاريخ من جهة المعرفة، والمهارات المراد تطويرها لدى الطلبة، خاصّة تلك المتعلّقة بالبحث، والاستقصاء، والتفكير الناقد، والتواصل، ومن أجل تبنّي أساليب واستراتيجيّات تعليميّة حديثة تعتمد الطالب محورًا لعمليّة التعليم والتعلّم بعيدًا عن الحفظ والتلقين.
استخدم فيه العديد من المصادر المتنوّعة مثل الوثائق الأصليّة، والصور، والمتاحف، والنصب التذكاريّة، والأفلام التاريخيّة. وتضمّنت الكتب العديد من الأنشطة المرتبطة بالوحدات الدراسيّة لتعزيز التعلّم لدى الطلبة.
أشرف على المنهاج علميًّا وتربويًّا الأستاذ خليل مكاري، المستشار التربويّ للعلوم الاجتماعيّة والإنسانيّة، المنسّق لبرامج اللغة العربيّة للناطقين بغيرها. وحكّمها علميًّا الدكتور المؤرّخ عبد الرحيم بنحادة، أستاذ التاريخ بمعهد الدوحة للدراسات العليا، عميد سابق بالمعهد، وبجامعة محمّد الخامس في الرباط، إلى جانب الأستاذ المؤرّخ جمال باروت، المحرّر العلميّ للمركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات. وراجع أنشطة المقرّر جميعها الأستاذ خالد المصريّ، رئيس قسم مادّة التاريخ ومدرّسها للمرحلة الثانويّة في الأكاديميّة العربيّة.
يعرّف الأستاذ خليل مكاري هذا المشروع بأنّه مشروع منهاج للتاريخ العالميّ باللغة العربيّة، هدفه الأوّل كتابة تاريخ عالميّ، مع بعض التركيز على التاريخ المحلّيّ، باللغة العربيّة، وهدفه الثاني أن يحاكي ذكاء الطلّاب ليتفاعلوا مع مادّة التاريخ بوصفها مادّة علميّة بلغتهم الأمّ، لا مادّة للتلقين والحفظ، مع إكسابهم المهارات النقديّة والتاريخيّة للتعبير عن آرائهم شفهيًّا وكتابيًّا.
نخصّص هذه المساحة في منهجيّات لمراجعة هذه السلسلة وعرضها، وذلك عبر مداخلتين، الأولى للفريق الذي عمل على تأليف السلسلة وإعدادها ومراجعتها، من أجل بيان أهمّيّة المشروع، ومزاياه، والإضافة التي يقدّمها من وجهة نظرهم. والثانية هي قراءة في السلسلة لمتخصّصين، ومراجعة نقديّة لها بوصفها مقرّرًا مدرسيًّا. (اقرأ هنا)
- نظرة على سلسلة “التاريخ العامّ” التعليميّة
في الأهمّيّة والمزايا والأهداف
من أهمّ عناصر الرؤية في هذا المشروع حسب المؤرّخ الدكتور عبد الرحيم بنحادة (تحكيم علميّ) الانتقال بالدرس التاريخيّ من درس في الذاكرة إلى درس تاريخيّ بكلّ ما في الكلمة من معنًى، وتجاوز الطرائق النمطيّة المعمول بها في العديد من الكتب المدرسيّة.
ويبرز المؤرّخ جمال باروت (تحكيم علميّ) فرادة المشروع، بكون المؤسّسات التعليميّة الخاصّة دأبت على اعتماد مقرّرات جاهزة، غالبًا ما تكون بلغة أجنبيّة، أو مترجمةً منها، لا إعدادها كما جرى في سلسلة كتب التاريخ هذه. تضمّن هذا الإعداد عقد عدّة ورشات متخصّصة حول منهج الكتابة الذي سيحكم تدوين المقرّر، ونقاشات معمّقة حول وحداته، ومفرداته، والمراحل التي يغطّيها،
وكان أهمَّ ما في النقاشات تحديدُ المنهج، لما لمقرّر التاريخ من دور تكوينيّ في بناء الوعي بالذات، وبتاريخ الأمّة التي تنتمي إليها، أي إنتاج تاريخ عربيّ مبنيّ على معرفة عمليّة أكاديميّة دقيقة بمراحل التاريخ العربيّ، ومجرياته، ومحطّاته الفاصلة، والأساسيّة.
يرى الأستاذ باروت أنّ المنهاج الذي وضعت المقرّرات في ضوئه يتميّز بالتكامل، والاستمراريّة حسب المرحلة الصفّيّة، والشمول؛ إذ يخرج التلميذ في نهاية الدراسة بمعرفة تاريخيّة واسعة تدفعه إلى مزيد من التعمّق في الذي تعلّمه، كما يتميّز المنهاج بانطلاقه من رؤية عربيّة للتاريخ العربيّ، واستمراريّته في تكوين الوعي بالذات، وتأثيره في الاتّجاهات السلوكيّة، ورؤية العالم والآخر.
ما يميّز هذه الكتب، بتعبير الأستاذة كريمان منكو (تأليف)، هو أنّها كتب عامّة عن تاريخ العالم، ليست تابعةً لأيّ وزارة تعليم، ولا تركّز على تاريخ بلد محدّد، كما أنّها تبتعد عن مقاربة معالجة التاريخ من منظور أوروبّيّ، وتتبنّى مقاربةً أكثر توازنًا لفهم الماضي، وأنّها ترتكز على الطالب (الطالب هو محور العمليّة التعلّميّة)،
وتشمل كثيرًا من الأنشطة التي تعتمد على البحث في المصادر الخارجيّة التي تتطلّب من الطالب القراءة المعمّقة، ثمّ تقييم هذه المصادر بصورة ناقدة. وتركّز الكتب بوضوح على اكتشاف الأصل، والهدف، والقيمة، وحدود المصادر (إمكانيّات المصادر المحدودة)، بكلمات أخرى: هذه الكتب تحفّز التفكير النقديّ، وتطوّر مهارات المؤرّخ لدى الطالب، ولا تحدّده أو تفرض عليه روايةً واحدةً للتاريخ.
أهمّيّة المنهاج تكمن في كونه الأوّل في العالم العربيّ الذي يتضمّن تسلسلًا عالميًّا من بداية الحياة البشريّة، ويواكب تطوّرها عبر العصور والحضارات، حسب الأستاذ خالد المصري (مراجعة الأنشطة)، وبالإضافة إلى هذا التسلسل المحكم، أضفت النشاطات الملحقة بالدروس المقرّرة جمالًا فكريًّا، وحافزًا أكاديميًّا، وأضافت مهارات التفكير التاريخيّ للطالب، فكسرت الصورة النمطيّة عن ماهيّة مادّة التاريخ، وغيّرتها.
أمّا الخاصّيّة الفريدة التي تميّز هذا المنهاج عن أيّ منهاج آخر، فهي كما تقول الأستاذة منى درويش (تأليف): تركيزه على المنطقة العربيّة بوصفها جزءًا من التاريخ الإنسانيّ العامّ ضمن سياق موضوعيّ محايد، يبتعد عن ثقافة تأطير آليّات الطلبة الفكريّة لتخدم هدفًا سياسيًّا، أو أيديولوجيًّا معيّنًا. كُتب هذا المنهاج في الأصل لهدف محدّد، هو تمكين الطلبة من تطوير مهاراتهم الفكريّة، وتطوير معارفهم التاريخيّة باستقلاليّة تحترم قدراتهم العقليّة، وكونَهم مفكّرين مستقلّين.
يلخّص الأستاذ خليل مكاري (إشراف علميّ وتربويّ) الأهداف التي صُمّم هذا المنهاج ليحقّقها: تمكين الطالب العربيّ من المحافظة على إرثه، وتحسين لغته الأمّ وتطويرها، وتكوين فهم لأحداث تاريخيّة بطريقة منظّمة تميّز بين أنماط عامّة دون الإغراق في التفاصيل، ثمّ الحصول على المعرفة بمستوًى عالٍ منافس. وهذا يؤهّل الطلبة لمتابعة تطوير المعرفة بالتاريخ خارج نطاق المدرسة.
- في المنهجيّة والموضوعات
في كتابة هذه الكتب وتأليفها، اعتمدت الحرّيّة الفكريّة بوصفها أساسًا لكتابة تاريخ يبتعد قدر الإمكان عن المقاربة الأورو- مركزيّة (Euro- Centric)، ويحلّل الأحداث المحلّيّة والعالميّة ضمن السياق العامّ للتاريخ العالميّ، حسب توصيف الأستاذ خليل مكاري.
كَتَب هذه السلسلة معلّمات ومعلّمون من ذوي الخبرة الطويلة في تعليم مادّة التاريخ؛ فالنصوص ليست مكتوبةً كمجموعة أحداث أو مناسبات، ولا تركّز على تاريخ قادة، أو حروب، أو توجّهات وطنيّة محدّدة. يقول المؤرّخ باروت: تركّز هذه الكتب على العالم كوحدة واحدة،
وتنظر إلى الظواهر التي كان لها تأثير على الإنسانيّة جمعاء. هذا أسلوب رياديّ في التحليل لإغناء فهمنا، وقابليّتنا للمقارنة بين الثقافات المختلفة، والأنماط العالميّة المتعدّدة التي سادت حياة الإنسان في الماضي.
يطلعنا الدكتور بنحادة على عملية الكتابة، قائلًا: وُضعتْ خطّة محتويات كلّ جزء (كتاب لصفّ)، واستُند في صياغتها إلى آخر النتائج التي انتهى إليها البحث التاريخيّ، مع الحرص على تقديم كلّ ذلك بطريقة مبسّطة تراعي مستوى المتلقّي.
كما يدلّل الدكتور على ذلك بمثال، هو الطريقة التي قُدّمت بها الاكتشافات الأثريّة المتعلّقة بعصور ما قبل التاريخ. وانطلاقًا من التسليم بأنّ التاريخ ليس شيئًا مضى وانقضى، بل هو ممتدّ في ذواتنا الحاضرة، يشكّلنا بقدر ما نشكّله من خلال فهمنا له، وإدراك معنى الذات، وأبعادها الحضاريّة في سياق تاريخيّ وفق الأستاذ باروت، كان تحفيز المتعلّم على المشاركة في إنتاج المعرفة محدِّدًا رئيسًا في المنهاج.
تجري هذه المشاركة من خلال بحث المتعلّم الخاصّ الذي يعطيه المنهاج مفاتيحَه الأساسيّة للتعمّق فيه، ومعرفته معلوماتيًّا، ونقديًّا، وفرصةَ بناء استنتاجاته الخاصّة.
تشير الأستاذة كريمان منكو: عند كتابة السلسلة، راعى المؤلّفون أنّها موجّهة للطلبة العرب. لذلك، أدخلوا عناصر من التاريخ المحلّيّ والإقليميّ للبلدان العربيّة في بعض كتبها. وتستطرد: اعتمدنا على أحدث المصادر من أبحاث ودراسات عربيّة وغربيّة.
وقد صُمّمت الكتب مع مراعاة تطبيقها في مدارس تعتمد برنامج البكالوريا الدوليّة في المرحلة المتوسّطة دون أن تكون مقتصرةً عليها، وبهذا فهي الكتب الوحيدة من نوعها باللغة العربيّة، بالإضافة إلى استخدام النصوص ذات التوجّه المفاهيميّ، وتضمّنها أنشطةً صفيّةً، وأسئلةً بحثيّةً تعتمد منهجيّة الاستقصاء.
“انطلاقًا من تنوّع الأنشطة وتعدّدها وتميّزها في المنهاج، فقد عُمل على تجربتها، وصقلها، وتأمّلها لتخدم المعلّم والمتعلّم إلى أقصى حدّ ممكن.” حسب الأستاذ خالد المصريّ، وهو يعتقد أنّ المعلّم باستطاعته تكييف المنهاج مع أيّ منهاج آخر يجري تدريسه، أو يُعتمد من قبل مؤسّسته التعليميّة، فلا يفرض هذا المنهاج أسلوبًا واحدًا على المعلّم، أو نمطًا محدّدًا، بل يساعد المعلّم على توسعة مدارك الطلّاب، وتشكيل مفاهيمهم، وصقل مهاراتهم. وبذلك يتقدّم المعلّم، ويتميّز عن زملائه.
أمّا حول التوجّه السياسيّ، فتقول الأستاذة درويش: يتميّز المنهاج برفضه الارتكاز على أيّة دعاية سياسيّة، أو أيديولوجيّة. وعليه، يمكن استعمال المنهاج في عدّة بلدان عربيّة.
وتشير إلى النقلة النوعيّة التي حقّقها هذا المشروع باستعمال محتوًى تاريخيّ يركّز على الفهم التاريخيّ المفاهيميّ، وتعزيز مهارات مختلفة مستلهمة من أدبيّات برنامج البكالوريا الدوليّة مثل: أخذ الملاحظات، والتحليل والاستنتاج، والتفكير الناقد؛ إذ يعمل الطلبة على الوصول إلى استنتاجات مختلفة حول موضوع تاريخيّ، فتُقبل استنتاجاتهم كلّها ما دامت مدعّمةً بالدلائل التاريخيّة.
لذلك، فإنّ الطريقة المتّبعة في المنهاج بعيدة عمّا درجت عليه الأنظمة الشموليّة في تعليم مادّة التاريخ، ما يعطي المنهاج خاصّيّة تجعله نقلةً أو تحوّلًا في المحتوى، والمعايير المتعارف عليها في المنطقة العربيّة فيما يتعلّق بكتابة التاريخ.
- في إمكانيّات الإفادة منه في المدرسة وخارجها
يُمكن إجمال عناصر الإفادة من المنهاج بالنسبة لمعلّم التاريخ في نقاط يقترحها الأستاذ خليل مكاري:
– هيكليّة السلسلة تساعد المعلّم على التخطيط لسنة أكاديميّة كاملة لكلّ صفّ، وفي كلّ كتاب لكلّ مرحلة صفّيّة، ثمّة مقدّمة عامّة توضّح حقبةً تاريخيّةً معيّنةً، ما يساعد المعلّم، ومن ثمّ الطالب، على تشكيل أفضل فهم للأحداث التاريخيّة في هذه الحقبة بالتحديد.
وتشجّع المقدّمة المعلّم على جمع موادّ إضافيّة بوصفها مصادر تغطّي أحداثًا محلّيّةً، أو إقليميّةً تساعد الطالب في ربط الأحداث.
– يوفّر وجود الأنشطة المختلفة في الكتب على المعلّم وقتًا وجهدًا في تحضير الأنشطة. تغطّي الأنشطة مهارات مختلفةً في تعلّم التاريخ، واكتساب المفاهيم، ويمكنه استخدامها مع طلّابه لفائدتها في عمليّة التعلّم. ورغم أنّ تحضير هذه الأنشطة مبنيّ على نهج برنامج البكالوريا الدوليّة، فهي تناسب جميع البرامج التعليميّة في المدارس الخاصّة أو العامّة.
– في المدارس الرسميّة، وبعد تمكين الأساتذة عن طريق الورشات، يمكنهم أن يرتقوا بالطلّاب إلى مستويات عالية من التفكير الناقد، والتفكير التاريخيّ. بالإضافة إلى ذلك، مع اعتماد سلسلة التاريخ العالميّ “الوحدة التمهيديّة” لكلّ حقبة تاريخيّة، بإمكان الأساتذة في أيّ بلد عربيّ استخدامُها كإطار تاريخيّ مع إدماج أحداث التاريخ المحلّيّ لكلّ بلد ضمن السياق العامّ.
أمّا عن استخدام المنهاج في مختلف الدول العربيّة، فيقول الدكتور عبد الرحيم بنحادة: إنّ التحضير للمنهاج وصياغته لم يبقَ سجين الكرونولوجيا (الترتيب الزمنيّ)، ولا سجين مجال جغرافيّ معيّن. لذلك، يمكن أن يُتبنّى المنهاج، ليس فقط في كلّ مدارس الوطن العربيّ، بل وفي مدارس خارج هذا المجال؛ ففي هذا المنهاج نرى تاريخ العالم في حلّة مبسّطة بطريقة سلسة للغاية.
لا تقتصر الإفادة من سلسلة كتب التاريخ بوصفها منهاجًا دراسيًّا، بل ويمكن حسبانها وفق توصيف الأستاذة منى درويش “مراجعَ مهمّةً” لأيّ معلّم تاريخ أو اجتماعيّات في المنطقة العربيّة؛ إذ توفّر هذه الكتب للمعلّمين إرشادات مهمّةً في تطويع محتويات منهاجهم لتعزّز المهارات المشار إليها في كتب المنهاج الخمسة.
وتعرّض الكتب المعلّمين والطلبة إلى مهارات خاصّة بمادّة التاريخ مثل: التعامل مع مصادر المعلومات الأوّليّة والثانويّة بأنواعها، وتعزيز استعمال المصطلحات التاريخيّة، وتقدّم السياقات والمفاهيم الرئيسة وذات الصلة، ومهارات التعلّم. وهذه مناظير تجعل المنهاج مميّزًا مختلفًا.
تَعرّض المعلّمين وطلبتهم في بلدان عربيّة مختلفة لإطار معرفيّ كهذا سيترك أثرًا مهمًّا في منطقتنا، حسب الأستاذة درويش.
من خلال هذا الكتب “يستطيع المعلّم تكوينَ معرفة بما أهملته المقرّرات التي يدرّسها، وإغناءَ المعرفة التي يقدّمها، والتعرّفَ أكثر على تحقيبات تاريخيّة موضوعيّة أدقّ وأوضح لمعرفة الزمن التاريخيّ وامتداده في الماضي، وتملّكَ وظيفة المقرّر في تشكيل رؤية للذات والعالم مبنيّة على عمقها الحضاريّ التاريخيّ”، كما يستطيع، وهذا مهمّ جدًّا حسب تشديد الأستاذ جمال باروت، الإفادة ممّا يشتمل عليه المقرّر من مهارات تفاعليّة بين المعلّم والمتعلّم.
عند التمعّن في الأنشطة تحديدًا، يظهر تجاوز فائدتها البرامج التعليميّة المطبّقة في المدرسة، أو المنهاج المدرّس، بل يمكن الاعتماد عليها، وفق الأستاذة كاريمان منكو، والأستاذ خالد المصري، لتنفيذ أنشطة صفّيّة بحثيّة، أو لقراءات إضافيّة، أو العمل مع الطلّاب على مشاريع تعلّميّة بحثيّة.
- في الحاجة إلى مقرّر التاريخ عربيًّا
بتجاوزه المركزيّةَ الأوروبّيّة في تقديم تاريخ العالم، واعتماده تاريخًا عربيًّا في قلب تاريخ العالم، وتجاوزه لمحلّيّة مناهج التاريخ في كلّ دولة عربيّة وانتقائيّتها، إلى شموليّة الرؤية العربيّة لتاريخ متشابك راسخ ما زلنا نتفاعل معه، وتوفيره أدوات نقديّة تحليليّة باللغة العربيّة ترتكز على كون الطالب محور عمليّة التعلّم، يأخذ مقرّر التاريخ العامّ موقعًا مميّزًا بين المشاريع التربويّة العربيّة، ويتجاوز حدودَه بوصفه كتبًا مدرسيّةً ليصير مرجعًا تاريخيًّا للمعلّم، والطالب، والباحث، والمهتمّ.
بذلك، تتّضح الحاجة إلى هذا المنهاج في السياق العربيّ، والثقة بأنّه “سيترك أثرًا كبيرًا في الطلبة الذين سيتعرّضون له، ويسهم في التغيير الثقافيّ طويل المدى”، كما ترى الأستاذة المؤلّفة منى درويش.
وبالأخذ في الاعتبار “غياب مثيل هذه الكتب في العالم العربيّ”، حسب الأستاذة المؤلّفة كاريمان منكو، يقارب الأستاذ خالد المصريّ الكتب بوصفها فرصةً يستطيع من خلالها المعلّم والطالب العربيّ رؤية تاريخ العالم من منظور عربيّ يضاهي المناهج الأجنبيّة وينافسها.
وإن أخذنا في الاعتبار المقاربة التاريخيّة، ونوعيّة السرد التاريخيّ (النصوص)، والنشاطات التفاعليّة، كما يقول الأستاذ خليل مكاري: “فهذه السلسلة توازي المقرّرات الدوليّة الأخرى، إن لم نقل تتقدّم عليها”.