
كتب الناقد المغربي عبد الفتاح كيليطو:
عهد شهريار إلى كُتّاب ديوانه تسجيل حكايات شهرزاد، ولم يُسنِد إليها الأمر، مع أنها أديبة تملك ألف كتاب.
لأن الكتابة نشاط رُجولي. وحسب علمي، ليس في الثقافة العربية القديمة كتاب من تأليف امرأة أو منسوب إليها.
لم يكن بإمكان النساء، إلى العصر الحديث، الطموح إلى وضع كتاب أو اسم الكاتب أو المؤلف، ولا حتى إلى وضع الناقل أو الناسخ، مع بعض الاستثناءات طبعا.
أكيد كانت هناك نساء متعلمات وعالمات وشاعرات، غير أن إنتاجهن كان في أغلب الأحيان مقصورا على الشفوي.
يعكس هذا الاقتباس للناقد المغربي عبد الفتاح كيليطو، قراءة نقدية عميقة لبنية الثقافة العربية التقليدية، حيث يربط بين رمزية حكايات «ألف ليلة وليلة» وموقع المرأة في الإنتاج المعرفي.
اختيار كيليطو لمشهد “شهريار” و”شهرزاد” ليس اعتباطيا، بل يكشف عن مفارقة تاريخية: فشهرزاد، التي تمتلك الخيال والمعرفة والقدرة على السرد، لا يُسمح لها بتوثيق كلامها بنفسها، بل يتولى الرجال مهمة الكتابة والتسجيل، وكأن فعل الكتابة ذاته محاط بهالة ذكورية احتكارية.
الكشف عن طبقات من الإقصاء الرمزي:
- البنية الذكورية للمعرفة: يؤكد كيليطو أن الكتابة في الثقافة العربية القديمة كانت نشاطا رجوليا بامتياز، ليس فقط من حيث الممارسة، بل من حيث الاعتراف الاجتماعي، حيث يُهمَّش أي إنتاج نسوي مكتوب أو يُمحى من الذاكرة التاريخية.
- الشفوي مقابل المكتوب: يبرز النص الفجوة بين الشفوية التي كانت فضاء أوسع لنساء العالم العربي والإسلامي، والمكتوب الذي ظل ساحة مغلقة أمامهن، إلا في حالات استثنائية نادرة.
- الإرث المفقود: من خلال الإشارة إلى وجود نساء عالمات وشاعرات، يلمح كيليطو إلى أن التاريخ الأدبي العربي غير مكتمل لأنه لم يسجّل، أو تعمد إغفال، جزءا مهما من الإنتاج الثقافي النسوي.
البعد الأوسع لهذا الاقتباس هو دعوته الضمنية لإعادة قراءة التراث بعيون نقدية تُنصف الصوت النسائي، وتكشف كيف أن التاريخ الأدبي ليس سجلا محايدا، بل نتاج علاقات قوة تحدد من يُسمح له بالكتابة ومن يُقصى منها.
إنه نص يدفعنا للتساؤل: لو أتيح للنساء في الثقافة العربية القديمة أن يكتبن بحرية، كيف كان سيتغير شكل الموروث الأدبي والمعرفي الذي وصلنا اليوم؟