نظام “DEFCON”: مقياس الخطر النووي في الاستراتيجية العسكرية الأمريكية

يُعد نظام ديفكون (DEFCON) من أبرز أدوات الولايات المتحدة في إدارة الأزمات العسكرية وتقدير التهديدات للأمن القومي. ورغم ارتباطه في الوعي العام بإمكانية اندلاع حرب نووية، فإن هذا النظام يعكس من جهة أخرى فلسفة الردع النووي والعقيدة الأمنية الأمريكية القائمة على التفوق والجهوزية القصوى.

في هذه المقالة، نُحلل هذا النظام من حيث النشأة، المستويات، آليات العمل، واستخداماته في سياقات تاريخية محددة كأزمة الصواريخ الكوبية وحرب الخليج.

نظام حالة الاستعداد الدفاعي أو ما يُعرف اختصارا بـ DEFCON (Defense Readiness Condition)، هو مقياس مُعتمد من قبل القوات المسلحة الأمريكية يحدد درجة الجاهزية العسكرية استجابة لأي تهديد محتمل على الأمن القومي.

يتكون النظام من خمسة مستويات تدريجية، حيث يمثّل DEFCON 5 أدنى مستوى استعداد في الظروف العادية، بينما يُعد DEFCON 1 أقصى درجات الاستعداد التي تشير إلى اقتراب نزاع نووي وشيك.

تم تطوير النظام في خمسينيات القرن العشرين من قبل هيئة الأركان المشتركة الأمريكية ومراكز القيادة الموحدة التابعة لوزارة الدفاع (البنتاغون)، وذلك في سياق الحرب الباردة وتصاعد سباق التسلح النووي مع الاتحاد السوفيتي.

المستوى التسمية التوصيف
DEFCON 5 أدنى درجات الاستعداد الوضع الطبيعي في أوقات السلم
DEFCON 4 زيادة في رصد الأنشطة الاستخباراتية تعزيز المراقبة، دون تحركات ميدانية ملحوظة
DEFCON 3 جاهزية متوسطة القوات في استعداد جزئي، وتكثيف الاتصالات العسكرية
DEFCON 2 جاهزية عالية القوات على بعد خطوة واحدة من الحرب، مثل القوات الجوية في أزمة كوبا
DEFCON 1 الاستعداد للحرب تأهب شامل مع احتمالية اندلاع حرب نووية وشيكة

ملاحظة: لم تُفعّل الولايات المتحدة رسميا DEFCON 1 في تاريخها أبدا.

يُعد DEFCON جزءا من منظومة أوسع من أنظمة الاستجابة الدفاعية:

آلية التحكم والتفعيل

يتم التحكم في نظام DEFCON من قبل:

وهذا يُؤكد مركزية القرار العسكري الاستراتيجي في يد القيادة السياسية العليا.

من المهم أن نُشير إلى أن فروع القوات المسلحة (الجيش، البحرية، القوات الجوية، مشاة البحرية، خفر السواحل) ليست ملزمة بأن تكون على نفس مستوى DEFCON في آن واحد، بل يمكن تفعيل مستويات مختلفة بحسب التهديد الجغرافي أو نوع القوة المستهدفة.

1. أزمة الصواريخ الكوبية (1962)

📎 مصدر: JFK Library – Cuban Missile Crisis

2. حرب الخليج الأولى (1991)

📎 مصدر: Smithsonian Magazine – DEFCON

تحليل استراتيجي: ديفكون كأداة ردع وهيمنة

يُجسد DEFCON أحد أوجه العقيدة العسكرية الأمريكية القائمة على الردع النووي، حيث تسعى الولايات المتحدة من خلاله إلى:

ولذا، فإن ديفكون لا يُعد مجرد مؤشر تقني، بل أداة جيوسياسية ذات دلالات استراتيجية عميقة، خصوصا في مناطق النفوذ الأمريكي مثل أوروبا، الشرق الأوسط، والبحر الكاريبي.

يُظهر نظام DEFCON كيف تُسخر الولايات المتحدة أدواتها الدفاعية لخدمة استراتيجيات الردع والهيمنة العالمية. فرغم أن النظام لم يبلغ مستواه الأقصى في تاريخه، إلا أن مجرد التلويح به يكفي في بعض الحالات لقلب موازين القوى. وبينما يُصنف ضمن آليات الأمن القومي، فإنه في واقع الأمر يعكس منطقا أكثر اتساعا يتصل بـ”السيطرة الجيوعسكرية” على النظام الدولي.

المراجع

Exit mobile version