ما هي “حمى الضنك” وكيف يتم علاجها؟
حمى الضنك؛ عدوى فيروسية تنتقل إلى الإنسان عن طريق لدغة بعوضة أنثى من جنس الزاعجة مصابة بالعدوى. ويتفرّع فيروس حمى الضنك إلى أربعة أنماط مصلية (DEN 1 وDEN 2 وDEN 3 و DEN 4).
وتظهر أعراض المرض خلال فترة تتراوح بين 3 أيام و14 يوماً (من 4 إلى 7 أيام في المتوسط) عقب اللدغة المُعدية. والجدير بالذكر أنّ حمى الضنك مرض يشبه الأنفلونزا ويصيب الرضّع وصغار الأطفال والبالغين.
ولا يوجد علاج محدّد ضدّ حمى الضنك. أمّا حمى الضنك الوخيمة فهي من مضاعفات المرض التي قد تؤدي إلى الوفاة، غير أنّه يمكن،غالباً، إنقاذ أرواح المصابين بها بتشخيص المرض في مراحل مبكّرة وتدبير العلاج بالعناية اللازمة من قبل أطباء وممرضين متمرّسين.
وينوء إقليما جنوب شرق آسيا وغرب المحيط الهادئ بأكثر من 70% من عبء حمى الضنك. وسُجّلت، في الأعوام الأخيرة، زيادة سريعة في نسبة وقوع المرض ووخامته في منطقة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي.
وسجّل إقليما أفريقيا وشرق المتوسط كذلك عدداً أكبر من فاشيات المرض في السنوات العشر الأخيرة. كما أبلغ، في عام 2010، عن انتقال المرض بشكل واطن في بلدين من بلدان الإقليم الأوروبي.
وقد أسهم كل من التوسّع العمراني والحركة السريعة للأشخاص والسلع والظروف المناخية المناسبة ونقص العاملين المدرّبين في استفحال حمى الضنك على الصعيد العالمي.
حقائق أساسية
- حمى الضنك عدوى فيروسية يسبّبها فيروس حمى الضنك، وتنتقل إلى البشر عند تعرضهم للسعات البعوض الحامل لهذه العدوى.
- ما يقرب من نصف سكان العالم معرّضون لخطر الإصابة بحمى الضنك في الوقت الراهن، حيث تشير التقديرات إلى حدوث نحو 100 إلى 400 مليون حالة عدوى سنوياً.
- تظهر حمى الضنك في المناخات المدارية وشبه المدارية في العالم، ولا سيما في المناطق الحضرية وشبه الحضرية.
- على الرغم من أن الكثير من حالات العدوى بفيروس حمى الضنك عديمة الأعراض أو لا تسبّب إلا اعتلالات خفيفة، فإن فيروس حمى الضنك يمكن أن يسبّب أحياناً حالات أكثر وخامة، وحتى الموت.
- تعتمد الوقاية من حُمّى الضنك ومكافحتها على مكافحة نواقلها. ولا يوجد علاج محدد لحمى الضنك/ حمى الضنك الوخيمة، غير أن الكشف المبكر عن عدواها وإتاحة الرعاية الطبية اللازمة يقلّلان إلى حد كبير من معدلات إماتة حمى الضنك الوخيمة.
- لمحة عامة
حمى الضنك (الحمى المؤلمة للعظام) هي عدوى فيروسية تنتقل من البعوض إلى البشر، وهي أكثر شيوعاً في المناخات الاستوائية وشبه الاستوائية.
ومعظم الأشخاص الذين يصابون بحمى الضنك لا تظهر عليهم أعراض. ولكن، بالنسبة للأشخاص الذين يصابون بها، تتمثل الأعراض الأكثر شيوعاً في الحمى الشديدة والصداع وآلام الجسم والغثيان والطفح الجلدي.
كما أن الحالة الصحية لمعظم هؤلاء تتحسّن في غضون أسبوع إلى أسبوعين. ويُصاب بعض الأشخاص بحمى الضنك الوخيمة، ويلزم إدخالهم إلى المستشفى من أجل الحصول على الرعاية.
وفي الحالات الوخيمة، يمكن أن تكون حمى الضنك مميتة.
يمكنك الحد من خطر إصابتك بحمى الضنك عن طريق تجنّب لسعات البعوض، ولا سيما خلال النهار. وتُعالج حمى الضنك بمسكنات الألم لأنه لا يوجد علاج محدد في الوقت الحالي.
- الأعراض
تظهر على معظم المصابين بحمى الضنك أعراض خفيفة أو لا تظهر عليهم أي أعراض على الإطلاق، وتتحسّن حالتهم الصحية في غضون أسبوع إلى أسبوعين. وفي حالات نادرة، قد تكون حمى الضنك وخيمة وتسبّب الوفاة.
وفي حال ظهور الأعراض، فإنها تبدأ عادةً في الظهور بعد 4 إلى 10 أيام من الإصابة بالعدوى وتستمر لمدة تتراوح من يومين إلى 7 أيام. وقد تشمل الأعراض ما يلي:
- الحمى الشديدة (40 درجة مئوية/ 104 درجة فهرنهايت)
- الصداع الوخيم
- ألم خلف محجر العين
- آلام العضلات والمفاصل
- الغثيان
- التقيؤ
- تورم الغدد
- الطفح الجلدي.
ويعد الأفراد الذين يصابون بالعدوى للمرة الثانية أكثر عرضة من غيرهم لخطر الإصابة بحمى الضنك الوخيمة. وغالباً ما تظهر أعراض حمى الضنك الوخيمة بعد زوال الحمى:
- الألم الشديد في البطن
- التقيؤ المستمر
- التنفس السريع
- نزيف اللثة أو الأنف
- الإرهاق
- التململ
- وجود دم في القيء أو البراز
- الشعور بالعطش الشديد
- شحوب الجلد وبرودته
- الشعور بالوهن.
وينبغي للأشخاص الذين تظهر عليهم هذه الأعراض الوخيمة أن يلتمسوا الرعاية على الفور. وقد يشعر الأشخاص الذين أصيبوا بحمى الضنك بالتعب لعدة أسابيع عقب تعافيهم من المرض.
- وسائل التشخيص والعلاج
يمكن علاج معظم حالات حمى الضنك في المنزل باستعمال مسكنات الألم. ويعد تجنّب لسعات البعوض أفضل طريقة لتوقّي الإصابة بحمى الضنك. ولا يوجد علاج محدد لحمى الضنك. وينصب التركيز على علاج أعراض الألم فقط.
وغالباً ما يُستعمل الأسيتامينوفين (الباراسيتامول) للتحكم في الألم. ويجري تجنّب استعمال العقاقير المضادة للالتهاب اللاستيرويدية مثل الإيبوبروفين والأسبرين لأنها يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بالنزيف.
وهناك لقاح يُطلق عليه دينغفاكسيا (Dengvaxia) يُعطى للأشخاص الذين أصيبوا بحمى الضنك مرة واحدة على الأقل والذين يعيشون في أماكن ينتشر فيها المرض.
أما بالنسبة للأشخاص المصابين بحمى الضنك الوخيمة، فيعد دخولهم إلى المستشفى ضرورياً في غالبية الحالات.
- العبء العالمي
لقد ازدادت معدلات الإصابة بحمى الضنك زيادة معتبرة في جميع أنحاء العالم خلال العقود الأخيرة، حيث ارتفع عدد الحالات التي أُبلغت بها المنظمة من 430 505 حالة في عام 2000 إلى 5,2 مليون حالة في عام 2019.
وتكون معظم حالات الإصابة بها عديمة الأعراض أو خفيفة ومدبرة العلاج ذاتياً، ويقلّ بالتالي معدل الإبلاغ عن الأعداد الفعلية لحالات الإصابة بها. كما يُخطأ في تشخيص الكثير من الحالات بوصفها من الاعتلالات الحموية الأخرى (1).
ويشير أحد التقديرات المتعلقة بوضع النماذج إلى وقوع 390 مليون حالة عدوى بفيروس حمى الضنك سنوياً، وتظهر أعراض سريرية واضحة على نحو 96 مليون حالة منها (2).
وتشير دراسة أخرى في تقديراتها عن معدلات انتشار حمى الضنك إلى أن نحو 3,9 مليار شخص معرّضون لخطر الإصابة بعدوى فيروسات حمى الضنك.
وقد أصبح المرض الآن متوطناً في أكثر من 100 بلد من البلدان الواقعة في الإقليم الأفريقي وإقليم الأمريكيتين وإقليم شرق المتوسط وإقليم جنوب شرق آسيا وإقليم غرب المحيط الهادئ التابعة للمنظمة.
وتعتبر أقاليم الأمريكتين وجنوب شرق آسيا وغرب المحيط الهادئ الأكثر تأثراً بالمرض، حيث ترزح آسيا تحت وطأة ما نسبته 70% من عبئه العالمي.
وتمتد رقعة انتشار حمى الضنك إلى مناطق جديدة، بما فيها أوروبا، وتحدث فاشيات مروّعة. وقد أُبلغ لأول مرة عن انتقال المرض محلياً في فرنسا وكرواتيا في عام 2010 وكُشف عن حالات وافدة في 3 بلدان أوروبية أخرى.
وأُبلغ في عام 2019 عن أكبر عدد من حالات الإصابة بحمى الضنك على الإطلاق في العالم. وتأثرت جميع أقاليم المنظمة بالمرض وسُجِّل لأول مرة انتقال عدوى حمى الضنك في أفغانستان.
وأبلغ إقليم الأمريكتين عن 3,1 مليون حالة، منها أكثر من 000 25 حالة صُنِّفت بأنها وخيمة. وأُبلغ عن عدد كبير من حالات الإصابة بالمرض في كل من بنغلاديش (000 101 حالة) وماليزيا (000 131 حالة) والفلبين (000 420 حالة) وفييت نام (000 320 حالة) في آسيا.
ولا تزال حمى الضنك تؤثر على البرازيل وكولومبيا وجزر كوك وفيجي والهند وكينيا وباراغواي وبيرو والفلبين وجزر ريونيون وفيت نام منذ عام 2021.
- طرق انتقال المرض
انتقال المرض عبر التعرّض للسعات البعوض
ينتقل الفيروس إلى الإنسان بواسطة لسعات إناث البعوض الحاملة لعدواه، وهي أساساً من نوع الزاعجة المصرية. وثمة أنواع أخرى تنتمي إلى البعوض الزاعج بإمكانها أيضاً أن تتحول إلى نواقل للمرض، بيد أن إسهامها في نقله يعد ثانوياً مقارنة بالزاعجة المصرية.
وبعد أن تتغذى البعوضة على دم شخص مصاب بعدوى فيروس حمى الضنك، يتكاثر الفيروس في معدتها الوسطى قبل أن ينتشر في أنسجتها الثانوية، بما فيها الغدد اللعابية.
ويُسمى الوقت الذي تستغرقه البعوضة انطلاقاً من تناولها للفيروس وحتى نقلها له فعلياً إلى مضيف جديد بفترة الحضانة الخارجية. وتستغرق هذه الفترة ما بين 8 أيام و12 يوماً تقريباً عندما تتراوح درجة حرارة المحيط بين 25 و28 درجة مئوية.
ولا تتأثر الاختلافات في فترة الحضانة الخارجية بدرجة حرارة المحيط فحسب؛ بل يوجد العديد من العوامل مثل حجم التقلبات الطارئة على درجات الحرارة يومياً، والنمط الجيني للفيروس، وتركيزات الفيروس الأولية التي يمكن أن تغير أيضاً الوقت الذي تستغرقه البعوضة في نقله. وبمجرد أن تصبح البعوضة معدية، يمكنها أن تنقل الفيروس طوال الفترة المتبقية من حياتها.
- انتقال المرض من الإنسان إلى البعوض
يمكن أن يصاب البعوض بعدوى مرض حمى الضنك عن طريق الأشخاص الذين يحملون فيروسه في دمهم. ويمكن أن يكون هذا الشخص مصاباً بعدوى حمى الضنك المصحوبة بأعراض، أو شخصا لم تظهر عليه أعراض الإصابة بها بعدُ، بل حتى من الأشخاص الذين لا تظهر عليهم أعراض الإصابة أبدا (أشخاص عديمو الأعراض).
ويمكن أن تُنقل العدوى من الإنسان إلى البعوض قبل يومين من ظهور أعراض الاعتلال على الشخص، وبعد يومين من زوال الحمى عنه.
ويزداد احتمال إصابة البعوضة بعدوى المرض بارتفاع وجود الفيروسات في دم المريض وارتفاع درجة حرارة جسمه؛ وبخلاف ذلك، فإن ارتفاع مستويات الأجسام المضادة لفيروس حمى الضنك تحديداً في الدم يرتبط بانخفاض احتمال إصابة البعوضة بعدوى المرض. ويبقى الفيروس في دم معظم الناس لمدة تتراوح بين 4 و5 أيام، ولكن بقاءه قد يستمر إلى 12 يوماً.
- انتقال العدوى من الأم إلى الجنين
تعتمد طريقة الانتقال الرئيسية لفيروس حمى الضنك بين البشر على نواقله من البعوض. ولكن ثمة بيّنات تشير إلى إمكانية انتقال الفيروس من الأم (الحامل إلى جنينها).
وفي الوقت نفسه، تبدو معدلات انتقال الفيروس من الأم إلى الجنين منخفضة، نظراً إلى ارتباط مخاطر انتقاله بهذه الطريقة على ما يبدو بتوقيت الإصابة بعدوى حمى الضنك أثناء الحمل.
وفي حال ما إذا كانت الأم مصابة فعلاً بعدوى فيروس حمى الضنك أثناء الحمل، فإن طفلها قد يولد قبل أوانه وقد يعاني من انخفاض وزنه عند الولادة ومن الضائقة الجنينية.
- طرق الانتقال الأخرى
سُجِّلت حالات نادرة لانتقال العدوى عن طريق منتجات الدم، والتبرع بالأعضاء ونقل الدم. وبالمثل، سجلت أيضا حالات انتقال للفيروس بطريق المبيض عند البعوض.
- عوامل خطر
تزيد الإصابة السابقة بحمى الضنك من احتمال إصابة الأفراد بعدوى حمى الضنك الوخيمة.
ويرتبط التوسع العمراني (ولا سيما غير المنظم) بنقل عدوى حمى الضنك من خلال عدة عوامل اجتماعية وبيئية: الكثافة السكانية، وتنقّل البشر، والحصول على مورد مياه موثوق، وممارسة تخزين المياه، وغير ذلك.
وتتوقف مخاطر تعرض المجتمع المحلي للإصابة بحمى الضنك أيضا على مدى معرفة السكان بحمى الضنك ومواقفهم وممارستهم إزاءها، فضلا عن تنفيذ أنشطة روتينية مستدامة لمكافحة النواقل في المجتمع المحلي.
وبناء على ذلك، يمكن أن تتغير مخاطر المرض وأن تتبدل في ظل تغير المناخ في المناطق المدارية وشبه المدارية، وقد تتأقلم النواقل مع ظروف البيئة والمناخ الجديدة.
- الوقاية من المرض ومكافحته
ينشط البعوض الذي ينشر حمى الضنك أثناء النهار. فقلّل من خطر إصابتك بحمى الضنك من خلال حماية نفسك من لسعات البعوض باستعمال:
- الملابس التي تغطي أكبر جزء ممكن من جسمك
- الناموسيات إذا كانت تنام أثناء النهار، ويُستحسن رش الناموسيات بمواد طاردة للحشرات
- سواتر النوافذ
- مواد طاردة للبعوض (تحتوي على مادة DEET أو Picaridin أو IR3535)
- الوشائع وأجهزة التبخير.
وفي حال إصابتك بحمى الضنك، فمن المهم القيام بما يلي:
- خذْ قسطاً من الراحة
- اشرب كميات كافية من السوائل
- استعمِل أسيتامينوفين (باراسيتامول) للتخفيف من الألم
- تجنَّب العقاقير المضادة للالتهاب اللاستيرويدية، مثل الإيبوبروفين والأسبرين
- ارصد الأعراض الوخيمة واتصل بطبيبك في أقرب وقت ممكن إذا لاحظت أيا منها.
وقد جرى اعتماد وترخيص لقاح واحد (دينغفاكسيا) في بعض البلدان حتى الآن. بيد أن هذا اللقاح لا يحمي إلا الأشخاص الذين توجد بيّنات تثبت إصابتهم سابقاً بعدوى حمى الضنك. ويجري حالياً تقييم المزيد من اللقاحات المرشحة المضادة لحمى الضنك.
- استجابة منظمة الصحة العالمية
فيما يلي الطرق التي تستجيب المنظمة من خلالها لحمى الضنك:
- دعم البلدان في تأكيد الفاشيات المندلعة عبر شبكة المختبرات المتعاونة معها؛
- تزويد البلدان بالدعم والإرشاد التقنيين فيما يتعلق بإدارة فاشيات حمى الضنك بفعالية؛
- دعم البلدان في النهوض بنظمها المعنية بالإبلاغ وتحديد العبء الحقيقي للمرض؛
- إتاحة التدريب في مجال التدبير العلاجي السريري للمرض وتشخيصه ومكافحة نواقله على المستوى الإقليمي بمعية بعض المراكز المتعاونة معها؛
- صياغة استراتيجيات وسياسات مسندة بالبيِّنات؛
- دعم البلدان في وضع استراتيجيات بشأن الوقاية من حمى الضنك ومكافحتها واعتماد الاستجابة العالمية الخاصة بمكافحة النواقل (2017–2030)
- استعراض عملية استحداث أدوات جديدة، بما فيها منتجات مبيدات الحشرات وتكنولوجيات تطبيقها، والتوصية بتلك العملية؛
- جمع سجلات رسمية عن معدلات الإصابة بحمى الضنك وحمى الضنك الوخيمة من أكثر من 100 دولة عضو؛
- نشر مبادئ توجيهية وكتيبات موجهة إلى الدول الأعضاء بشأن ترصّد حمى الضنك، وتدبير حالاتها علاجياً، وتشخيصها، والوقاية منها ومكافحتها.
- المراجع
1. Bhatt, S., et al., The global distribution and burden of dengue. Nature, 2013. 496(7446): p. 504–507.
2. Brady, O.J., et al., Refining the global spatial limits of dengue virus transmission by evidence-based consensus. PLOS Neglected Tropical Diseases, 2012. 6(8): p. e1760