ميكيل سيرفيتوس: الفيلسوف الذي أحرقته الكنيسة

يُعد ميكيل سيرفيتوس (Michael Servetus) واحدا من أكثر الفلاسفة والعلماء جدلا في القرن السادس عشر، إذ خاض مواجهة فكرية حادة مع الكنيسة الكاثوليكية والبروتستانتية بسبب نقده لعقيدة الثالوث المقدس وطرحه لتفسيرات جديدة في اللاهوت والعلوم الطبيعية. ورغم مساهماته العلمية والفلسفية، إلا أن أفكاره قوبلت باتهامات بالزندقة، مما أدى إلى إعدامه حرقا في جنيف عام 1553، بأمر من جون كالفن، أحد أبرز المصلحين البروتستانت.

ولد ميكيل سيرفيتوس عام 1511 في قرية فيلانويفا دي سيخورا (إسبانيا الحالية)، ونشأ في بيئة كاثوليكية صارمة. أظهر اهتماما مبكرا باللاهوت والفلسفة، لكنه سرعان ما تحول إلى دراسة الطب وعلم الفلك والجغرافيا، مما أكسبه معرفة موسوعية جعلته شخصية استثنائية في عصر النهضة.

دراساته العلمية والدينية:

نقده لعقيدة الثالوث المقدس وأسباب اتهامه بالهرطقة

كان نقد ميكيل سيرفيتوس لعقيدة الثالوث المقدس أهم الأسباب التي جعلته في مواجهة مع الكنيسة، حيث رأى أن مفهوم الثالوث لا يتوافق مع العقل والمنطق، واعتبره تحريفا للعقيدة المسيحية الأصلية. في كتابه “On the Errors of the Trinity” (1531)، طرح رؤيته التي تقول إن الله واحد وليس ثلاثة أقانيم، مما أثار غضب الكنيسة الكاثوليكية والبروتستانتية على حد سواء.

أبرز أفكاره المثيرة للجدل:

  1. رفضه للثالوث المقدس، معتبرا أنه لم يكن جزءا من العقيدة المسيحية الأولى، بل تطور لاحقا تحت تأثير الفلسفة اليونانية.
  2. تبنيه لمفهوم وحدانية الله، والذي كان قريبا من بعض المذاهب المسيحية غير التقليدية آنذاك.
  3. نقده لفكرة الخلاص التقليدية، حيث رأى أن الإيمان وحده لا يكفي للخلاص، بل يجب أن يقترن بالأعمال الصالحة.

ردود الفعل على أفكاره:

إعدامه حرقا:

في عام 1553، وبعد سنوات من الهروب والتنقل، وقع ميكيل سيرفيتوس في قبضة السلطات الدينية في جنيف، بعد أن تعرف عليه أتباع جون كالفن. تم اعتقاله واتهامه بالزندقة، وخضع لمحاكمة صارمة انتهت بالحكم عليه بالإعدام حرقا.

تفاصيل محاكمته وإعدامه:

إرثه وتأثيره في الفلسفة والعلوم

رغم نهايته المأساوية، لم تمت أفكار ميكيل سيرفيتوس معه، بل استمرت في التأثير على الفلسفة واللاهوت عبر القرون.

أبرز تأثيراته:

خلاصة:

يُعد ميكيل سيرفيتوس مثالا بارزا على المفكرين الذين تحدوا سلطة العقيدة الدينية في العصور الوسطى، ودفعوا حياتهم ثمنا لأفكارهم. إن قضيته ليست مجرد قصة تاريخية، بل تمثل صراعا مستمرا بين الفكر الحر والتعصب الديني، وهو صراع لا يزال مستمرا بأشكال مختلفة حتى اليوم.

Exit mobile version