قبيلة هوازن: من حرب الفجار إلى قلب العالم الإسلامي

جذور وأدوار لا تنتهي

“قبيلة هوازن”؛ هي إحدى أمهات القبائل العربية العدنانية، تنتسب إلى هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وهي بذلك تعود في نسبها إلى قيدار بن إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام.

وقد شكّلت هوازن قوة اجتماعية وعسكرية ضخمة في قلب جزيرة العرب، خاصة في منطقة الطائف ونجد، وامتدت أذرعها لاحقا إلى كل من الشام، العراق، المغرب العربي، وحتى الأندلس.

عشية بزوغ الإسلام، كانت قبيلة هوازن في ذروة قوتها القبلية والعسكرية، تخرج من سلسلة انتصارات في حرب الفِجار، وهي صدامات دامية بين قريش ومن معها من كنانة وبين قبائل قيس، وعلى رأسهم هوازن. وقد لعب هذا الانتصار النفسي دورا في تعالي القبيلة عن الانصياع المبكر للدعوة الإسلامية، إذ رأت نفسها الندّ الحقيقي لقريش.

وفي عام الفتح، وبعد دخول النبي محمد ﷺ مكة منتصرا، أيقنت هوازن أن دورها في المواجهة قادم، فاستبقت المعركة عبر التجمع في أوطاس قرب الطائف، تحت قيادة مالك بن عوف النصري، وهو من فرسان العرب وساستها. لكن المعركة التاريخية المعروفة بـ غزوة حنين انتهت بهزيمتهم الساحقة، رغم عددهم الكبير، بسبب عنصر المفاجأة وتكتيك الكمين الذي اعتمده المسلمون. وغنم المسلمون يومها أضخم غنائم في تاريخ الفتوحات الأولى.

ما لبثت هوازن أن تجاوزت الهزيمة سريعا، فبادرت وفود زعمائها إلى القدوم للرسول ﷺ معلنين الإسلام، وكان من بينهم وفد بني سعد، الذين تعود إليهم حليمة السعدية مرضعة النبي ﷺ. فرح النبي بهذا التحول وأحسن وفادتهم، حتى أنه أعاد إليهم السبايا والغنائم، ما ساهم في ترسيخ الولاء العميق بين الدولة الإسلامية الوليدة وهذه القبيلة العريقة.

بعد القرن الأول الهجري، شاركت بطون هوازن في الفتوحات الكبرى، واستقرت فروع كثيرة منها في الشام والعراق ومصر والمغرب العربي والأندلس. ويُعدّ بنو جودي السعديون في غرناطة وإشبيلية من أشهر فروعهم الأندلسية. أما في شمال إفريقيا، فقد كان لـ التغريبة الهلالية في القرن الخامس الهجري الدور الأكبر في تعزيز الوجود الهوازني، حيث استقرت بطون من بني هلال وبني سليم وبني عامر في السهول الأطلسية والسهول الشرقية من المغرب والجزائر، خاصة في مناطق الحوز، الغرب، الشاوية، دكالة، وعبدة.

أبرز البطون والفروع المعاصرة لهوازن:

لا تزال قبيلة هوازن تُشكّل بنية قبائلية ضخمة ومترامية، من أبرز فروعها الحالية:

الديار والرموز:

من أشهر ديارهم سراة بني سعد بالطائف، وتحديدا قرية الشوحطة، التي شهدت نشأة النبي ﷺ في بيت حليمة السعدية. أما في شمال إفريقيا، فتنتشر هوازن في مناطق واسعة من المغرب، الجزائر، تونس، ليبيا، حيث شكّلوا نسيجا قبليا مدمجا في المجتمعات المحلية. ولا تزال أسماء القرى والأسر والمناطق المرتبطة بهم شاهدة على امتدادهم، مثل بنو فروة، بنو بعجة، وبنو جودي.

مراجع:

  1. ابن حزم الأندلسي، جمهرة أنساب العرب – تحقيق عبد السلام هارون.
  2. ابن سعد، الطبقات الكبرى – دار صادر، بيروت.
  3. البلاذري، فتوح البلدان – دار الفكر.
  4. جواد علي، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام – الجزء الخامس.
  5. القلقشندي، نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب – مكتبة الثقافة الدينية.
  6. موسوعة المغرب الكبير التاريخية – المعهد الوطني للتراث بالمغرب.
Exit mobile version