قبيلة أسلم: أحفاد مزيقياء وأحد دعائم الدولة الإسلامية

قبيلة أسلم واحدة من أعرق قبائل العرب التي حافظت على وجودها الجغرافي والقبلي عبر العصور، بين مكة والمدينة، وامتدت مساهماتها من زمن الجاهلية إلى صدر الإسلام وحتى العصور الأندلسية. تعد القبيلة اليوم فرعًا من قبيلة حرب الحجازية، لكن جذورها تضرب في عمق التاريخ العربي القديم.

أصل ونسب قبيلة أسلم: بين مزيقياء وإلياس بن مضر

تباينت أقوال النسابة في نسب أسلم بن أفصى، الذي تنتمي إليه القبيلة، وقد دار الجدل بين مدرستين نسبيتين:

ورغم الاختلاف، إلا أن موقعهم الجغرافي والتاريخي ظل ثابتًا في نواحي المدينة المنورة ومكة، وخاصة وادي حجر، الذي يعد المعقل التاريخي للقبيلة حتى اليوم.

سكن بنو أسلم تقليديًا في منطقة تمتد من مر الظهران إلى عسفان وقديد، ومن الجحفة إلى الفرع، ومرورًا بـالسائرة، وهي من أهم ديارهم، بالإضافة إلى مناطق الأبواء، العرج، مريين، حرة الوبرة وشدخ.

واليوم، تستقر فروع القبيلة الرئيسية في منطقة وادي حجر (السائرة) قرب المدينة المنورة، وهي تنقسم إلى ثلاث فروع أساسية:

  1. آل ريان (الرياني الأسلمي)
  2. آل الحوايصة (الحويصي الأسلمي)
  3. آل المنقاشي (المنقاشي الأسلمي)

وتصنّف القبيلة ضمن فروع بني مسروح من قبيلة حرب، مما يربطها بالنظام القبلي المعاصر في الحجاز.

قبيلة الصحابة والشعراء والقادة

عرفت قبيلة أسلم بأنها أنجبت ثلة من الصحابة الكرام، الذين شاركوا في الفتح الإسلامي، ومن أبرزهم:

كما أن من نسلهم شاعران كبيران:

ومن أبرز القادة المنتمين للقبيلة كذلك:

ولعبت القبيلة دورًا بارزًا في دعم الدعوة العباسية، سواء من خلال التأثير القبلي أو الارتباط الأدبي بالشعراء المعارضين للأمويين.

قبيلة أسلم في الأندلس: الهجرة الكبرى والاستقرار

استقرت جماعة من بني أسلم في الأندلس ضمن موجات الفتح الإسلامي، خاصة مع جيوش موسى بن نصير وطارق بن زياد، وشاركوا في تأسيس الحواضر الإسلامية الكبرى في الشمال الأفريقي والأندلسي. وتشير بعض الدراسات إلى استمرار وجود أحفادهم في مناطق متعددة من الأندلس الشرقية.

تكمن أهمية هذا الخلاف النَسَبي في أنه يعكس تحولًا في الهوية القبلية مع مرور الزمن، وتداخل النسب بين الأزد وخزاعة، ثم بين مضر وخزاعة. ويُحتمل أن يكون هذا التعدد النسبي نتيجة تحالفات قبلية، أو أن فرعًا من الأزد وُسِم باسم أسلم ودخل في خزاعة، بينما نشأ فرع مضرّي آخر بنفس الاسم.

ويدعم هذا التداخل تشابه الأسماء وتكرارها بين القبائل العربية الكبرى، مع اعتماد النسابين على الرواية الشفوية، ما يزيد من احتمالات التشعب والتعدد في الانتماء.

قبيلة أسلم تمثل نموذجًا للقبائل العربية التي حافظت على حضورها التاريخي عبر قرون، وشاركت بفعالية في أحداث كبرى مثل الفتوحات، وتكوين الدولة العباسية، والاستقرار الأندلسي، إلى جانب امتلاكها لتراث شعري وديني وسياسي غني.

ومع امتداد وجودها حتى اليوم ضمن قبيلة حرب في المدينة المنورة، تبقى أسلم واحدة من روافد الهوية العربية الأصيلة، الحاضرة في الماضي والمستمرة في الحاضر.

  1. عبد المحسن الأسلمي. قبيلة بني أسلم في الجاهلية والإسلام. ط. دار الأسلمي.
  2. ابن الكلبي. جمهرة النسب. تحقيق: محمود فردوس العظم.
  3. ابن حزم. جمهرة أنساب العرب. دار المعارف.
  4. ابن خلدون. تاريخ ابن خلدون، الجزء الأول.
  5. ابن عبد ربه. العقد الفريد.
  6. النويري. نهاية الأرب في فنون الأدب.
  7. الأندلسيون. البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب، تحقيق: إحسان عباس.
Exit mobile version