
من أروع القصص التي تدل على عظيمِ اللغة العربية:
يروي الأصمعيُّ مرة ؛ أنه كان يَحضر وليمة غداء، وكان بجانبه أعرابيٌّ يأكل بشراهة، نظر إليه الأصمعيُّ بتعجب واحتقار وقال له:
كأنك أثْلَةٌ فِي أرضِ هَشٍّ ** أتاها وابلٌ مِن بعد رشٍّ
فنظر إليه الأعرابي، فقال:
كأنك بَعْرَةٌ فِي اسْت كبشٍ ** مُدَلاَّتٌ وذاك الكبشُ يمشِي
فغضب الأصمعيُّ وقال للأعرابي؛ أتقول الشعر ؟
فقال الأعرابي: كيف لا أقول الشعر وأنا أمُّه وأبُوه،
قال الأصمعي: ففكرت في أصعب قافية في الشعر،
فوجدت أنها الواوُ الساكنةُ، المفتوحُ ما قبلها.
فقال الأصمعي إئتني ببيتٍ آخرُهُ واوٌ ساكنة مفتوح ما قبلَها
فقال الأعرابي :
قوم بنجدٍ عَهِدتُهم ** سقاهم الله من النوّ
فقال الأصمعي نَوْ ماذا؟
فقال الأعرابي :
نَوْ تلألأ في دُجَى ** ليلة مظلمة حالكةِ لَو ؟
(النو = القمر)
رد الأصمعي: لَوْ ماذا ؟ (يريد أن يعجِّزه).
فقال الأعرابي:
تابع قراءة المقال . . .
فقال الأعرابي:
لو سار فيها فارسٌ لانثنى ** على بساط الأرض مُنْطَوْ
(منطو = سريع).
فقال الأصمعي : مُنْطَوْ ماذا؟
فقال الأعرابي:
منطو كشحَ هضمِ الحشا ** كالباز قد انقضُ من الجو
قال الأصمعي : جَوْ ماذا ؟
فقال الأعرابي:
جو السما والريحُ تعلوا ** قد شم ريح الأرض فاعلَوْ
قال الأصمعي : فاعلو ماذا ؟
فقال الأعرابي:
فاعلَوْ لمّا عِيل من صبره ** فصار نحو القوم ينعَوْ
قال الأصمعي : ينعو ماذا ؟
فقال الأعرابي:
ينعو رجالا للثنا ** شرعتا كفيت ما لاقوا ولاقَوْ
فقال الأصمعي: ما لا قو؟
فقال الأعرابي:
إن كنت لا تفهم ما قلته ** فأنت عندي رجل بَوْ
قال الأصمعي : ما البو؟
فقال الأعرابي:
البَوُّ ِسلخٌ قد كسى جلده ** بألف قرنان تقوم أوْ
(البو = أحشاء الدابة بعد سلخها)
رد الأصمعي : أو ماذا يا أعرابي ؟
فقال الأعرابي:
أوْ أضربُ الرأس بصوانة ** تقولُ في ضربتِها قَوْ
قال الأصمعي: فخشيت أن أقول له (قَوْ ماذا) فيضربُني بالصوانة؛ أي (الصحن).