التمرد في سن المراهَقة: التحولات النفسية وسيرورات الهوية والصراع الاجتماعي

ورقة تقنية مركزة

يمر المراهق خلال مرحلة البلوغ بتغيرات جذرية بيولوجية ونفسية واجتماعية، تفرض عليه الانتقال التدريجي من التبعية الأبوية إلى بناء هوية فردية مستقلة. وفي خضم هذا التحول، قد يبرز التمرد كسلوك ظاهري يعبر عن الصراع الداخلي بين الحاجة للانتماء من جهة، والرغبة في الاستقلال من جهة أخرى.

يستند تفسير التمرد السلوكي في المراهقة إلى فرضية علم الأعصاب السلوكي التي تقول بوجود شبكتين رئيسيتين في الدماغ:

هذا التفاوت في نضج الشبكتين يفسر السلوك المندفع والانفعالي للمراهقين، رغم إدراكهم العقلي الكامل للمخاطر، كما يشرح الطبيب النفسي لورانس شتاينبرغ (Steinberg, 2007) أن “المراهقين ليسوا غير عقلانيين، لكنهم يملكون دافعا عصبيا أقوى للبحث عن الإثارة والمكافأة الاجتماعية”.

🔗 المصدر: Steinberg, L. (2007). Risk taking in adolescence

وفقا لنظرية التطور النفسي لإريكسون، فإن أزمة الهوية في المراهقة تمثل حجر الأساس لنمو الشخصية. يختبر المراهق أنماطا سلوكية وأفكارا متناقضة، قد تتجلى في التمرد اللفظي أو السلوكي. وفي حالة فشل تحقيق “تماسك الهوية”، قد يعاني من ارتباك في الدور، ما يُفضي لاحقا إلى صعوبات مهنية وشخصية في سن البلوغ.

📘 المصدر: Erikson, E. (1968). Identity: Youth and Crisis

التمرد لا يعني بالضرورة الانخراط في الجريمة أو السلوك غير الأخلاقي. أحيانا يتجلى في الانحراف عن قواعد الجماعة، مثل خلع زي معين أو انتقاء أذواق موسيقية مغايرة، كما في حالة الثقافة القوطية. هذا التمرد «الناعم» يتيح للمراهق مساحة للتعبير عن الذات والتموضع ضمن فئة بديلة.

🔗 المصدر: Schrafenberger, R. (2001). This Modern Goth Speaks for Herself

أسهمت السينما والأدب بشكل كبير في تشكيل صورة المراهق المتمرد، كما في أفلام The Wild One وRebel Without a Cause، ورواية The Catcher in the Rye التي أصبحت رمزا ثقافيا لحالة الاغتراب والتمرد الداخلي للمراهق.

🔗 Salinger, J. D. (1951). The Catcher in the Rye

هل التمرد اضطراب أم ضرورة؟

يمثل التمرد في سن المراهقة عملية تطورية طبيعية وأساسية، ترتبط بالنضج النفسي، واكتساب الهوية، واختبار الحدود الاجتماعية. ومن منظور علم النفس الحديث، فإن احتواء التمرد وتفهم دوافعه العاطفية والمعرفية يعد أنجع من قمعه أو اعتباره انحرافا.

المراجع:

  1. Steinberg, L. (2007). Risk Taking in Adolescence: New Perspectives from Brain and Behavioral Science. American Psychologist, 64(7), 586–597. رابط مباشر
  2. Erikson, E. H. (1968). Identity: Youth and Crisis. New York: Norton. WorldCat
  3. Schrafenberger, R. (2001). This Modern Goth Speaks for Herself. Utne Reader. رابط مباشر
  4. Salinger, J.D. (1951). The Catcher in the Rye. Little, Brown and Company. Goodreads
  5. Cornell Risk Study (2006). Department of Human Development, Cornell University. أرشيف الدراسة
Exit mobile version