المقامات الأدبية

تنطوي المقامات على ضروب من الثقافة، إذ نجد بديع الزمان يسرد علينا أخباراً عن الشعراء في مقامته الغيلانية ومقامته البشرية ويزودنا بمعلومات ذات صلة بتاريخ الأدب والنقد الأدبي في مقامته الجاحظية والقريضية والإبليسية، كما يقدم في المقامة الرستانية وهو السني المذهب، حجاجاً في المذاهب الدينية فيُسَفِّهُ عقائد المعتزلة ويرد عليها بشدة وقسوة، ويستشهد أثناء تنقلاته هذه بين ربوع الثقافة بالقرآن الكريم والحديث الشريف.

وقد عمد إلى اقتباس من الشعر القديم والأمثال القديمة والمبتكرة فكانت مقاماته مجلس أدب وأنس ومتعة وقد كان يلقيها في نهاية جلساته كأنها ملحة من ملح الوداع المعروفة عند أبي حيان التوحيدي في “الامتناع والمؤانسة”، فراعى فيها بساطة الموضوع، وأناقة الأسلوب، وزودها بكل ما يجعل منها:

  • وسيلة للتمرن على الإنشاء والوقوف على مذاهب النثر والنظم.
  • رصيد لثروة معجمية هائلة.
  • مستودعٌ للحكم والتجارب عن طريق الفكاهة.
  • وثيقة تاريخية تصور جزءاً من حياة عصره وإجلال رجال زمانه.

كما أن مقامات بديع الزمان تعدّ نواة المسرحية العربية الفكاهية، وقد خلد فيها أوصافاً للطباع الإنسانية فكان بحق واصفاً بارعاً لا تفوته كبيرة ولا صغيرة، وأن المقامات هذه لتحفة أدبية رائعة بأسلوبها ومضمونها وملحها الطريفة التي تبعث على الابتسام والمرح، وتدعو إلى الصدق والشهامة ومكارم الأخلاق التي أراد بديع الزمان إظهار قيمتها بوصف ما يناقضها، وقد وفق في ذلك أيمن توفيق.

وهناك مقامات الحريري لمحمد الحريري التي أحدثت ضجة في العراق والأندلس بشكل خاص وفي العالم الإسلامي بشكل عام وقام يحيى بن محمود الواسطي برسم حكايتها.

 

زر الذهاب إلى الأعلى

You cannot copy content of this page