رُواد الفكر الغربي

جاك دريدا – Jacques Derrida

 

يُعدّ الفيلسوف الفرنسيّ جاك دريدا؛ الأبَ المؤسِّس للتفكيكيّة. والتفكيكيّة؛ هي نسقٌ من التحليل مثير للجدال، يتحدّى أسس الفكر الغربيّ التقليديّ. يطوّر دريدا التفكيكيّة باعتبارها إستراتيجيّة من المساءلة النقديّة الموجّهة حيال هتك الافتراضات الميتافيزيقيّة اللامساءَلة، والتناقضات الداخليّة في اللغة الفلسفيّة والأدبيّة.

وكثيرًا ما تنطوي التفكيكيّةُ على طريقٍ للقراءة التي تعتني، هي نفسها، بنزع المرْكزة (decentering) – وبكشف الطبيعة الإشكاليّة لكلّ المراكز. حيث يكشف دريدا، في عمله الأساسيّ ألا وهو كتاب “في علم الكتابة”، بالتفصيل، خلافَه الفلسفيّ الأساسيّ بشأن التفكيك. فالتفكيك، على هذا النحو، هو ممارسة نقديّة تساعد على تأويل الفكر الغربيّ عن طريق قلب أو إزاحة “التقابل الثنائيّ” التراتبيّ الذي يقدّم أساس هذا الفكر.

وُلِدَ جاك دريدا في ١٥ يوليو ١٩٣٠ من عائلة يهودّية سفارديّة يعيشون في البيار، بالجزائر الفرنسية. وفي سنّ العاشرة، تم طرده من المدرسة بعد أن أخبره أحد المعلمين بأنّ “الثقافة الفرنسية لم تُصنع لليهود القلّة”. ومن ثمّ ذهبَ إلى مدرسة يهوديّة. وفي سن التاسعة عشر، انتقل دريدا إلى باريس للدراسة في المدرسة العليا على يد البحّاثة الهيغيليّ الكبير جان هيبوليت. والتقى دريدا بسارتر، ولكن على المدى الطويل، كانت مجابهاته المبكرة ليست مع سارتر بل مع نيتشه وهيدغر اللذين كان لهما أكبر الأثر عليه.

وفي أواخر الخمسينيّات، عملَ على أطروحة الدكتوراه عن هوسرل، ولكن هذا المشروع لم يكتمل أبدًا، وشرعَ في هذه الأثناء في استكشاف الطبيعة الغامضة لكلّ الكتابة، حتى الفلسفيّة منها. حصل دريدا على شهادة في الفلسفة من مدرسة نورمول سوبيرييور، وهي جامعة نخبويّة في باريس. ثمّ درسَ في فرنسا بجامعة السوربون ومعهد الدراسات العليا في العلوم الاجتماعيّة. كما درس في الولايات المتحدة: في جامعة ييل وجونز هوبكنز وجامعة كاليفورنيا في إيرفين.

ومثله مثل معاصريه القريبين في الحركة البنيويّة وما بعد البنيويّة التي كان ينتمي إليها -بارت، لاكان، ألتوسير، فوكو-، كان دريدًا تجسيدًا للفيلسوف-المقاوم، ولوقي بالتقدير لنقده الناسف للقيم السّلطويّة الكامنة في المقاربة الأرثوذكسيّة للأدب والفلسفة. أمّا بالنسبة إلى منتقديه، فقد كان عمله تافهًا، وغامضًا، ووهميًّا، وحتى تخريبًا بشكل غريب.

لفت دريدا أولًا انتباهَ جمهور أوسع في نهاية ١٩٦٥ عندما نشرَ مراجعتين طويلتين لكتبٍ عن تاريخ وطبيعة الكتابة، في مجلة نقد، وشكّلت هاتان المراجعتان الأوراق المراجعة عمل دريدا الأساسيّ، ألا وهو كتابه “في علم الكتابة”. وفي عام ١٩٦٧، ألهمه هذا الأمر أن يضعَ مقاربته في قراءة النصوص في ثلاثة كتب، هي “في علم الكتابة” و”الكتابة والاختلاف” و”الكلام والظواهر”، والتي تضمنت دراسات مطولة لفلاسفة من أمثال جان جاك روسو وفرديناند دي سوسيور وإدموند هوسرل وإيمانويل ليفيناس ومارتن هيدغر، وفريديك هيغل وميشيل فوكو ورينيه ديكارت، وكذلك الأنثربولوجيّ كلود ليفي شتراوس، وسيغموند فرويد، والعديد من الكتّاب الأدبيين والمسرحيين.

سافر دريدا على نطاق واسع وتنصّب مجموعة من المناصب الزائرة والدائمة. فقد كان دريدا مدير الدراسات في كلية الدراسات العليا في العلوم الاجتماعيّة في باريس. وشارك رفقةَ فرانسوا كاتليت وآخرين في عام ١٩٨٣ في تأسيس الكليّة الدوليّة للفلسفة، وهي مؤسسة تهدف إلى توفير موقع للبحوث الفلسفيّة التي لا يمكن تنفيذها في أماكن أخرى في الأكاديميّة. وانتُخِبَ رئيسًا أول لها. ومات دريدا في عام ٢٠٠٤.

كان دريدا كاتبًا غزير الإنتاج، فقد ألّف أكثر من 40 كتابًا. وتشمل كتاباته كتاب “في علم الكتابة”، و”الكتابة والاختلاف”، و”الكلام والظواهر”، و”هوامش الفلسفة”. وهناك عددٌ من النزعات المهمّة التي تكمن وراء مقاربة دريدا للفلسفة، وبشكل أكثر تحديدًا للتقاليد الغربية للفكر. فمن خلال مقاربة سمّاها “التفكيكيّة”، افتتحَ دريدا بحثًا أساسيًا في طبيعة التقليد الميتافيزيقيّ الغربيّ.

 

  • مؤلفات جاك دريدا
– الكتابة والاختلاف
– ما الذي حدث في “حدث” 11 سبتمبر
– استراتيجية تفكيك الميتافيزيقا
– تاريخ الكذب
– المهماز (أساليب نيتشه)
– انفعالات
– أحادية الآخر اللغوية أو في الترميم الأصلي
– أطياف ماركس
– الصوت والظاهرة: مدخل إلى مسألة العلامة في فينومينولوجيا هوسرل
– حمى الأرشيف الفرويدي
– صيدلية أفلاطون
– في الروح: هايدغر والسؤال
– في علم الكتابة
– ماذا عن غد (محاورة)
– مسارات فلسفية
– مواقع (حوارات)
– أركيولوجيا التوهم: انطباع فرويدي
– لغات وتفكيكات في الثقافة العربية (حوارات)
– مجلة أوراق فلسفية (عدد خاص بجاك دريدا)
  • مراجع عن دريدا والتفكيك
– جاك دريدا والتفكيك: أحمد عبد الحليم عطية
– آن ديفور مانتيل تدعو جاك دريدا كي يستجيب للضيافة
– التفكيكية: النظرية والممارسة : كريستوفر نوريس
– التفكيكية: دراسة نقدية: بيير زيما
– التفكيكية (إرادة الاختلاف وسلطة العقل): عادل عبد الله

 

  • من أقواله 
النظرة التقليدية للغة هي أنها كائن حي وأن الكتابة هي الجزء الميت من هذا الكائن.

بالعربية

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

‫2 تعليقات

  1. السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
    أولا اشكركم على تقبلكم لي ضمن هذه المجموعة التي اكتشفتها عن طريق صديق و هي بالفعل مجموعة مفيدة شكرًا لكم .
    بالمناسبة هل يمكن أن و أستطيع نشر بعض الترهات لي التي لا تسمو للكتابة و إنما هي خواطر و انطباعات و سرد بعض المواقف التي عشتها أقول أنها ومضات من سيرة ذاتية لم تتخمر بعد .
    تحياتي

    1. وعليكم السلام
      أهلا بك
      هناك ركن خاص في المنصة تحت اسم “منبرنا” وهو متاح لكل من يرغب في النشر
      نرحب بمشاركاتِك
      شكرا على تواصلك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى