أخبار ومتابعاتالبحث العلمي

هجرة مئات آلاف “العقول” من روسيا منذ بدء حرب أوكرانيا

كشفت تقارير صحفية أمريكية عن مغادرة مئات الآلاف من العمال المحترفين، أغلبهم من الشباب، الأراضي الروسية منذ اتخاذ الكريملين قرار الحرب على أوكرانيا في 24 شباط/ فبراير الماضي، مما أدى إلى تسريع هجرة المواهب التجارية وتهديد الاقتصاد الذي تستهدفه العقوبات الغربية.


وذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” في تقرير لها أن من بين الذين غادروا البلاد، علماء، وعاملون في مجال التكنولوجيا ومصرفيون وأطباء.


ووفقا لوكالة الإحصاء الروسية “روستات”، فقد غادر روسيا حوالي 500 ألف شخص في عام 2020 بالكامل، لكن حوالي 300 ألف شخص غادروا البلاد خلال أقل من شهر، بحسب استطلاع في منتصف مارس، أجرته منظمة OK Russians غير الربحية التي تساعد الناس على مغادرة البلاد.


ورغم أن الإحصائيات الدقيقة لعدد الأشخاص الذين يغادرون روسيا غير متوفرة بسهولة، توصل عدد من الاقتصاديين إلى استنتاجات مماثلة حول حجم التدفق الخارجي، بحسب الصحيفة.


وأشارت نائبة كبير الاقتصاديين، في معهد التمويل الدولي، إلينا ريباكوفا، إلى أن “الأشخاص الذين يغادرون أو يخططون للمغادرة هم الجزء الأكثر إنتاجية في القوة العاملة، حيث أنهم من المتعلمين تعليما عاليا، وهم من الشباب بشكل عام”.


واعترفت الحكومة بهجرة العقول من البلاد، حيث قال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، مؤخرا: “بالطبع، لا يزال هذا التدفق (للعمال)، قائما وقد يتسارع، لكن الحكومة اتخذت إجراءات بالفعل”.


وتزامنا مع بدء الحرب وتزايد أرقام الهجرة، وقع الرئيس فلاديمير بوتين في آذار/ مارس، مرسوما يمنح إعفاء من التجنيد العسكري للأشخاص العاملين في قطاع التكنولوجيا.


وفي مجال صناعة التكنولوجيا، الذي كان حتى وقت قريب أحد أسرع القطاعات نموا في الاقتصاد الروسي، خرج من البلاد، ما بين 50 ألفا و70 ألف عامل.


وقالت الجمعية الروسية للاتصالات الإلكترونية خلال جلسة استماع للجنة يوم 22 آذار/ مارس في مجلس النواب إنها تتوقع أن يخرج 100 ألف عامل إضافي في نيسان/ أبريل الجاري.


وتوظف صناعة التكنولوجيا الروسية حوالي 1.3 مليون شخص، أو حوالي 1.7 في المئة من القوة العاملة في البلاد، وفقا لأرقام إدارة التجارة الدولية الأمريكية، في تقرير حول روسيا في أكتوبر 2021.


وذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن كثيرا ممن يغادرون يأخذون معهم أعمالهم، فقد غادرت ساشا كازيلو، المؤسسة المشاركة لشركة “فان ليميتيد” الناشئة، التي تصمم تطبيقات لمساعدة الأطفال في سن ما قبل المدرسة على تعلم الرياضيات، روسيا مؤخرا، متوجهة إلى باريس، وأخذت عائلتها وعملها معها، وأشارت إلى أن حوالي 15 مطورا في الشركة غادروا بالفعل أو هم في طور الانتقال.


قرار كازيلو، بترك البلاد، جاء بعد أن اعتُقل زوجها ليونيد ريبنيكوف، لمدة 13 يوما لنشره ملصقات مناهضة للحرب، وكان من حسن حظهم أن لديهم أصدقاء في باريس، حيث حصل زوجها على وظيفة بحثية.


كما غادر بعض كبار مديري الشركات المملوكة للدولة، والشركات الخاصة، خلال الأسابيع الأخيرة، فقد استقال نائب الرئيس التنفيذي لشركة الخطوط الجوية الروسية إيروفلوت، المملوكة للدولة، أندري بانوف، من منصبه وغادر بعد 10 أيام من بدء الحرب.


كما أكدت الرئيسة التنفيذية لشركة التكنولوجيا في روسيا “يانديكس”، إيلينا بونينا، في رسالة نشرت على منتدى داخلي للشركة أنها غادرت البلاد وستستقيل في وقت لاحق من هذا الشهر، قائلة: “لا يمكنني العيش في بلد يخوض حربا مع جيرانه”.


وعلى خطى بونينا، غادر العشرات من موظفي “يانديكس”، وخاصة المبرمجين، روسيا واستمروا في العمل لدى الشركة من بلدان أخرى، وفقا للعديد من العاملين في الشركة.


وقالت شركة “داتا أرت”، إنها ستغادر روسيا وتتوقع أن يغادر مئات من الموظفين الإضافيين البلاد بحلول الصيف.


ويرى الخبراء أن وتيرة هجرة العقول من روسيا هي الأكبر منذ ثورة 1917، عندما فر الملايين من النبلاء الروس والطبقة المتوسطة العليا المتعلمة من الدولة الشيوعية الناشئة.


وبينما غادر عدة ملايين من الروس بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في عام 1991، فإن هذه الهجرة حينها تمت على مدار عدة سنوات، وليست في وقت قصير كما يحدث حاليا.


وقالت الصحيفة الأمريكية إن حوالي 50 ألف روسي وصلوا إلى أرمينيا، في الشهر الأول من الحرب، فيما انتقلت أكثر من 250 شركة روسية إلى هناك، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف عدد الشركات التي تم نقلها خلال نفس الفترة من عام 2021، وفقا لهوفسيب باتفاكانيان، الرئيس التنفيذي لشركة الاستشارات “إنفيست إن أرمينيا”.


ووجدت استطلاعات الرأي التي أجراها الروس أن متوسط عمر أولئك الذين غادروا البلاد كان 32 عاما وأن 80 في المئة حصلوا على قدر من التعليم العالي على الأقل.


وأشار المشاركون في الاستطلاعات إلى معارضة الحرب والخوف من القمع وانعدام الآفاق الاقتصادية كأسباب رئيسية لرحيلهم.


ولا يزال آخرون في روسيا ينتظرون تأشيرات لدخول بعض البلدان أو نهاية العام الدراسي، كما أن كثيرا من العمال تقدموا بطلب وظائف في بلدان أخرى وينتظرون أن يتم اختيارهم للخروج من البلاد.


ووفقا لمزود بيانات التوظيف “هيد هانتر”، يفكر حوالي 40 في المئة من المتقدمين الروس لوظائف تكنولوجيا المعلومات في الانتقال إلى الخارج.


وتضم مجموعة على موقع فيسبوك، تسمى “Time to get out”، أو “حان الوقت للخروج”، حوالي 230 ألف عضو يناقشون موضوعات مثل البحث عن الرحلات الجوية والحصول على الوثائق، وتحويل الأموال إلى الخارج.


ومن بين هؤلاء، رجل الأعمال المقيم في موسكو، كيريل روزكوفسكي، الذي يخطط للمغادرة وبناء شركته الناشئة التالية في الخارج، ويرى أن “السوق الروسية تقلصت وتضاءل الاستثمار الأجنبي واختفى الوصول إلى التكنولوجيا الأجنبية”، بحسب ما نقلت عنه الصحيفة، مشيرا إلى أن “الحل الوحيد هو الذهاب إلى بلد آخر”.


ومن بين الفارين بعض كبار الأطباء الروس، مثل ألكسندر فانيوكوف، الذي ترأس قسم الجراحة في مستشفى موسكو السريري، أحد المراكز الرئيسية في العاصمة، لمرضى كورونا، حيث غادر روسيا إلى لاتفيا مع عائلته بعد أسبوع من بدء الحرب.


وقال فانيوكوف إنه، والعديد من الأطباء الآخرين الذين غادروا، كانوا يفكرون في المغاردة، منذ وقت طويللكنهم لم يريدوا الرحيل بسبب ما يرون أنه مسؤولية تجاه المرضى والزملاء، “لكن السلطات الروسية اتخذت القرار نيابة عنا”، بسبب دخولها في هذه الحرب.


عربي 21

بالعربية

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى