لسانياتمصطلحية ومعجمية
أخر الأخبار

البِنية مفهوماً


  • خصائص البنية:

وضع الفرنسي “جان بياجيه[15] للبنية ثلاث خصائص لا بد أن تتسم بها وهي:

  • الكُلية: تتكون البنية من عناصر داخلية خاضعة لقوانين النسق.
  • التَّحول: وهو سلسلة من التغيرات الباطنة تحدث داخل النسق، على اعتبار أن البنية لا يمكن أن تظل في حالة ثبات أو استقرار أو جمود دائم. إنها دائمة التحول، ومن هذا المنطلق اعتبرتْ البنيوية أن كلَّ نص يحتوي ضمنيا على نشاط داخلي، هذا النشاط يتم من خلال تفاعل العناصر ذاتيا؛ ومع بعضها البعض. ومن هذا المنطلق أيضا اعتبر البنيويون النص الأدبي نصا تحوليا تتناسل أفكارُه وعناصر بشكل دائم ومستمر. (أقرب الى الفكرة التي تقوم عليها التفكيكية).
  • التنظيم الذاتي: تُنظم البنية نفسها لتحفظ لها وحدتِها، وتساهم في طول بقائها، إنها عملية مستمرة تمكن البنية من الاستقلالية الذاتية، وتنظيم البنيات حولها، وتنظيم نفسها بنفسها وفي نفس الوقت تنتظم مع باقي البنى وتتفاعل معها دون أن تفقد خصوصيتها، ودن أن تنزاح خارج حدودها المجالية.

“البنية نَسَقٌ من العلاقات له نظامُه الخاص”[16]

 يمكن أن نـُجمِل خصائص البنية في هذا المثال التوضيحي:

نَعتبرُ أساتذة الجامعة بنية، هذه البنية تسمح بتنوع الأفراد داخل فضاء الجامعة مِن ذكورٍ وإناث، مقيمين أو وافدين، مُتزوجين أو عُزّابا …، كل هذه الفوارق لا تأخذها البنية بعين الاعتبار، إن ما تُعنى به البنية، هي السمة التي تربط بين هؤلاء الأشخاص؛ وهي وظيفة “الأُستاذية”، والإطار الذي يجمعهم هو “مؤسسة الجامعة”.

وبالتالي، فهذه البنية الكبيرة تحتوي في داخلها على بنيات صغيرة ومتوسطة عديدة جدا، فالأساتذة يتوزعون بحسب تخصص كل واحد (عربية – فرنسية – فلسفة – رياضيات – …)، وكل أستاذ له قسمُه الخاص ومنهجه الخاص وبرنامجه الزمني الخاص به، وأسلوب تدريسه الخاص.


لكن كل هذه البنى تتلاقى في المحددات العامة، (سلطة الإدارة –  القانون الداخلي-  العقد الوظيفي –  القسم – الطلبة …) كما أن فضاء الجامعة يشمل إلى جانب الأساتذة والطلبة، موظفي الإدارة والحُرَّاس وعُمَّال النظافة …، ولكن تظل كل بنية مستقلة بذاتها ومحافظة على خصوصيتها، إذا مهما تدخلتْ وتداخلتْ البنى الأخرى، يستحيل أن يصير أستاذ الجغرافية أستاذا للفلسفة، أو الحارس أستاذا للفيزياء أو عامل النظافة مديرا أو عميدا…،


فالبنية تنظم نفسها ذاتيا وآليا، بواسطة القوانين التي تحكم البنية الكبرى ككل. كما يستحيل دخول عنصر خارجي للبنية، إذا كان من بنية خارجية مختلفة، (رجل الأمن لا يمكن أن يحل مكان الأستاذ) مثلا. وكل هذه البُنى تمثل نسقا كليا هو “الجامعة“.


هناك خصائص أخرى للبنية كالاعتباطية والازدواجية، والتمايز، والانتاجية …


[1]  ابن منطور، لسان العرب، جذر بنى، جزء 15، ص93-94.

[2] La rousse / Le robert.                                                                                                                   

[3]  لساني فرنسي معاصر, وهو مؤلف عدد من الكتب, من بينها: (مفاتيح للسانيات 1968) و(مدخل إلى السيميولوجيا 1870) و(التواصل الشعري 1969) و(المشاكل النظرية للترجمة) (غاليمار 1963) و(تاريخ اللسانيات منذ الأصول إلى القرن العشرين 1974).

[4]  جورج مونان، مدخل الى الألسنة، ترجمة الطيب البكوش، منشورات سعيدان 1994، ص 80.

[5]  المبني: هو الذي لا تتغير حركة آخره مع تغير موقعه من الإعراب. 

[6]  المُعرب: هو الذي تتغير حركة آخره مع تغير موقعه من الإعراب.

[7] عبد الله بن محمد بن المعتز العباسي، طبقات الشعراء، تحقيق عبد الستّار أحد فراج، الطبعة الثالثة، دار المعارف – القاهرة، ص 230.

[8] قدامة بن جعفر، نقد الشعر، تحقيق كمال مصطفى 1963م، ص 90.

[9] أندريه لالاند، فيلسوف فرنسي، حاصل على شهادة دكتوراه في الأدب، اشتغل أستاذا مساعدا في قسم الفلسفة بالسربون، ألفَ المعجم الفلسفي المشهور بمعجم لالاند.

[10]  لساني فرنسي (1902 ـ 1976).

[11]  محمد عزّام، تحليل الخطاب الأدبي على ضوء المناهج النقدية الحديثة، دراسة في نقد النقد، منشورات اتحاد الكتاب العرب، طبعة 2003، ص 14.

[12]  محمد عزّام، تحليل الخطاب الأدبي على ضوء المناهج النقدية الحديثة، دراسة في نقد النقد، منشورات اتحاد الكتاب العرب، طبعة 2003، ص 20.

[13]  عالم لغويات سويسري يعتبر الأب الروحي والمؤسس لمدرسة البنيوية في اللسانيات في القرن العشرين.

[14] إميل بنفنست، البنية في اللسانيات، تعريب: حنون مبارك، مجلة دراسات أدبية ولسانية، المغرب 2/ 1986، ص 131.

[15]   عالم نفس وفيلسوف سويسري،  طور نظرية التطور المعرفي عند الأطفال فيما يعرف الآن بعلم المعرفة الوراثية،  أنشأ بياجيه في عام 1965م مركز نظرية المعرفة الوراثية في جنيف، وترأسه حتى وفاته في عام 1980. يعتبر بياجيه رائد المدرسة البنائية في علم النفس.

[16]  محمد عزّام، تحليل الخطاب الأدبي على ضوء المناهج النقدية الحديثة، دراسة في نقد النقد، منشورات اتحاد الكتاب العرب، طبعة 2003، ص 14.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  • مراجع الدراسة:
  • ابن منطور، لسان العرب، جذر بنى، جزء 15.
  • إميل بنفنست، البنية في اللسانيات، تعريب: حنون مبارك، مجلة دراسات أدبية ولسانية، المغرب 2/ 1986.
  • [1] جورج مونان، مدخل الى الألسنة، ترجمة الطيب البكوش، منشورات سعيدان 1994.
  • قدامة بن جعفر، نقد الشعر، تحقيق كمال مصطفى 1963م.
  • عبد الله بن محمد بن المعتز العباسي، طبقات الشعراء، تحقيق عبد الستّار أحد فراج، الطبعة الثالثة، دار المعارف – القاهرة.
  • محمد عزّام، تحليل الخطاب الأدبي على ضوء المناهج النقدية الحديثة، دراسة في نقد النقد، منشورات اتحاد الكتاب العرب، طبعة 2003.
  • La rousse / Le robert.

الصفحة السابقة 1 2 3

الحسين بشوظ

كاتب، صحفي عِلمي وصانع محتوى، باحث في اللسانيات وتحليل الخطاب، حاصل على شهادة الماجستير الأساسية في اللغة والأدب بكُلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط. مسؤول قسم اللغة العربية في منظمة المجتمع العلمي العربي بقَطر (سابقا)، عُضو مجلس إدارة مؤسسة "بالعربية" للدراسات والأبحاث الأكاديمية. ومسؤول قسم "المصطلحية والمُعجمية" بنفس المؤسسة. مُهتم باللغة العربية؛ واللغة العربية العلمية. ناشر في عدد من المواقع الأدبية والصُّحف الإلكترونية العربية. له إسهامات في الأدب إبداعاً ودراسات، صدرت له حتى الآن مجموعة قصصية؛ "ظل في العتمة". كتاب؛ "الدليل المنهجي للكتابة العلمية باللغة العربية (2/ج)".

‫4 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى