البحث العلمي

الإمارات تضعُ أولَّ بصمةٍ لها في الفضاء

 

 

انطلق الاثنين الموافق 20 تموز 2020 أول مسبار عربي نحو الفضاء، إذ سارت المركبة الفضائية الإماراتية “الأمل” في طريقها للمريخ بعد إطلاقها بنجاح من مركز تاينغاشيما للفضاء (Tanegashima Space Center) في اليابان.

فبعد تزاحم الدول المتقدمة على إثبات دورها في الرحلات والاستكشافات الفضائية، ما كان من دولة الإمارات إلّأ أن عزمت على إنشاء وكالة الإمارات للفضاء بالإضافة لمركز محمد بن راشد للفضاء ومنه بدأت بالتجهيز لمشروع استكشاف المريخ.

خلال الست سنوات بدأت رحلة تصميم الأقمار الصناعية لرصد الأرض، تبعه تصميم الأمل وكان ذلك بالتعاون مع علماء أمريكيين معظمهم من جامعة كولورادو في بولدر (University of Colorado, Boulder) وذلك لتقديم التوجيه الهندسي والتطبيقي للمشروع -نظرًا لعدم وجود خبرة سابقة للإمارات في بعثات الكواكب- وقد تم بناء غالبية المسبار في الولايات المتحدة بمشاركة 75 عالمًا ومهندسًا إماراتيًا من مركز محمد بن راشد للفضاء.

تستغرق رحلة مسبار الأمل سنة مرّيخية -أي ما يعادل سنتين أرضييتين- مع إمكانية التجديد لسنة إضافية، ولكي يصل للمريخ يحتاج لمدة لا تقل عن سبعة شهور حيث يبعد المريخ عن الأرض مسافة 493.5 مليون كيلومترًا، وما إن يصل الأمل للمريخ ستبدأ جولاته حول مدار الكوكب، إذ سيحتاج 55 ساعة لإكمال رحلة واحدة حول مدار المريخ.

أما فيما يخص الأجهزة المستخدمة في عمليات الرصد التي سيقوم بها الأمل فهي كالتالي:

1- مقياس طيفي للأشعة تحت الحمراء (بالإنجليزية: Emirates Mars Infrared spectrometer) واختصارًا EMIRS، وذلك لقياس درجات الحرارة وتوزع الغبار في الطبقة السفلية من الغلاف الجوي.

2- كاميرا الاستكشاف الرقمية (بالإنجليزية: Emirates Exploration Imager) واختصارًا EXI، تستخدم لالتقاط صور عالية الدّقة للمريخ ولقياس الأوزون والجليد في الطبقة السفلية من الغلاف الجوي.

3- مقياس طيفي بالأشعة فوق البنفسجية (بالإنجليزية: Emirates Mars Ultraviolet Spectrometer) واختصارًا EMUS، وذلك لقياس الأكسجين وأول أكسيد الكربون في الطبقة الحرارية وقياس كل من الهيدروجين والأكسجين في الطبقة العليا للغلاف الجوي.

هذا فيما يتعلق بأجهزة الرصد الموجودة في المسبار أما الصاروخ الذي يحمل المسبار خلال رحلته فهو من عائلة (إتش 2 إيه) اليابانية والتي يتم تطويرها من قبل شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة حيث يبلغ ارتفاعه 53 مترًا وكتلته 289 طنًا متريًا. يكمن الهدف الرئيس للرحلة في تقديم أول صور متكاملة للغلاف الجوي للمريخ ومن ثم مقارنته بالغلاف الجوي لكوكبنا الأرض وذلك لما يملكه الكوكب الأحمر من خصائص وصفات تشبه كوكبنا الأزرق.

ومن جهته أعرب Brett Landin -مهندس من جامعة كولورادو بولد- عن فرحه وفخره الشديدين لكونه جزءًا من هذا الإنجاز الرائع، وقال مدير مشروع بعثة الأمل عمران شرف: “نحن هنا في مركز محمد بن راشد للفضاء سعداء ونحتفل بنجاح الإطلاق، ولكن لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين علينا القيام به”.

أما سارة الأميري -نائب مشروع البعثة- قالت: “أكثر ما أخشاه هو الدخول بمدار المريخ فهذا بالتأكيد يعدُّ التحدي الحقيقي بعد الإطلاق” وأضافت أن نجاح المهمة لا يقتصر فقط على الإطلاق بنجاح أو حتى الوصول للمريخ وإنما بإحداث فرق جليّ على التعليم والاقتصاد الإماراتي في السنوات المقبلة، وعبّرت فاطمة لوتاه -أحد أعضاء فريق بعثة الأمل-عن فرحها قائلة :”نحن متحمسون ومستعدون، وأنا أعني الأمة بأسرها”.
ومن الناحية المالية فقد صرّح وزير شؤون مجلس الوزراء الإماراتي محمد عبدالله القرقاوي أن تكلفة البعثة وصلت 200 مليون دولارًا أمريكيًا حيث تعتبر تكلفة مُرضية نسبيًا فهي أقل تكلفة من بعثات وكالة ناسا بينما أكثر تكلفة من تلك الهندية، وحتى الآن رفضت وكالة الفضاء الإماراتية الإفصاح عن تفاصيل الكلفة كاملة.

وقع الاختيارعلى كوكب المريخ لكونه أكثر كوكب صالحٍ للحياة كونه شبيهًا لكوكبنا؛ فتربته تحوي على الماء ويمكن لنا التكيّف مع جاذبيته بسهولة، وفيه مواسم مختلفة كما أنه يمتلك دورة نهارية وليلية كما الأرض، فمثل هذه الرحلات توفر لنا إمكانية فهم أصل وتطور العملية المناخية والجيولوجية للكوكب الأحمر ودراسة إمكانية عيشنا عليه، بالإضافة لعمل مقارنات للحالات المناخية تساعدنا على التنبؤ بمستقبل الأرض مناخيًا.

وكما هو متعارف عليه يلّقب المريخ بالكوكب الأحمر بسبب تأكسد الحديد المنتشر على تربته، كما أنه لا يملك مجالاً مغناطيسيًا، له قمران، ويعتبر ثاني أصغر كوكب في المجموعة الشمسية ورابعها من حيث بعدها عن الشمس، ويزيد اليوم المريخي عن 24 ساعة بشيء قليل، أما السنة فهي 687 يومًا، غلافه الجوي رقيق بالإضافة لكونه كوكبُا صخريًّا.

ختامًا، نتمنى أن يجد مسبار الأمل أملاً وعزمًا لإكمال مهمته وأن يكشف خبايا الأحمر لتطوير الأزرق.

هذا التقرير نشر كجزء من مشاركة الكاتبة في ورشة الصحافة العلمية ومن خلال مشروع “العلم حكاية”، وهو أحد مشروعات معهد جوته المموّلة من قبل وزارة الخارجية الألمانية.


كتابة وإعداد: دينا أبوحوّاس

تدقيق: ابتهال الصمادي

 

بالعربية

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى