الهرمنيوطيقاسيميائيات

التناص Intertextualité والسيميائية الخطابيّة الاجتماعيّة

     يعود هذا المفهوم إلى جوليا كريستيفا Kristeva ، وقد استوحته من حوارية باختين Bakhtine… لتعبّر عن أن كل نص هو امتصاص وتحويل لنص آخر، وهو فسيفساء تتقاطع فيه شواهد متعدّدة لتولّد نصاً جديداً. ويتبنّى رولان بارت Barthes نظرية كريستيفا التناصّية.


وموضوع التناص ينتمي إلى عدد من المجالات المعرفية ( الشعرية، الأسلوبية، تاريخ الأدب، النقد التقليدي…) وله في كل منها خصوصيته وآليته… وهناك نوع من التناص يمكن تسميته بالتناص الذاتي يقع في مؤلفات أديب واحد.


وفي السيميائية الخطابية الاجتماعية، يرى بيير زيما Zima  أنّ الامتصاص التناصي “للسوسيولكتات” والخطابات يولّد بنية أدبية خاصة. أي إنّ التناص يتمظهر في ربط الأدبي بسياقه الاجتماعي على مستوى الكلام.


باعتبار أن الحياة الاجتماعية تدخل في علاقات مع الأدب قبل كل شيء عبر جانبه اللفظي. فالقراءة الاجتماعيّة / السوسيولوجية: تهتم بمعرفة كيف تتجسّد القضايا الاجتماعية والمصالح الجماعية في المستويات الدلالية والتركيبية والمعجمية للنص، لأن كل تجلّ كلامي هو بنية إيديولوجية تعبّر عن مصالح جماعية.


فالوحدات المعجمية والدلالية والتركيبية تمفصل المصالح الاجتماعية  انطلاقاً من موقف سوسيولغوي يوضع النص القصصي ضمنه، ويُحلل عبر التناص Intertextualité  في مستويي: التلفّظ énonciation ، والملفوظات énoncés . تسعى إذاً، سوسيولوجيا النص الأدبي إلى تمثيل مختلف “البنيات النصية” كبنيات لسانية واجتماعية في آن.


ومن خلال هذه العلاقات يمكن اعتبار”العالم الاجتماعي” كجماع لغات اجتماعية (سوسيولكت) مستوعبة ومحوّلة بواسطة النص الأدبي. فالنص ذو طابع مزدوج: فهو من جهة بنية مستقلّة ومن جهة ثانية بنية تواصلية. بذلك يتموقف النص من المجتمع، ينقده من خلال وجوده.


  • ما هي السوسيولكتة؟

السوسيولكت: Sociolectes وهي لغات، كلّ منها مختصّ بفئة اجتماعية معيّنة، متى قرئت أو سمعت، تلفت المتلقي إلى انتماء قائلها الفكري والاجتماعي والثقافي (بوصفها قائمة معجميّة مشفّرة). حيث توصف بأنها لغات إيديولوجية تعبّر عن مصالح جماعية خاصة.


الملفوظة: énoncé استخدمها باختين Bakhtine عوض الجملة اللسانية المعزولة، وذلك بمفهوم الكلام عند سوسيرSaussure، مضيفاً إليه ما تكتسبه من الموقف التحاوري والسياق الاجتماعي، كون الملفوظة حدثاً اجتماعياً حسّياً وحوارياً.

سُميّة عزّام

سميّة عزّام- دكتوراه في اللغة العربيّة وآدابها- الجامعة اللبنانيّة كاتبة قصّة، وناقدة. تُعنى بالمقاربات السيميائيّة، والتّأويليّتين الوجوديّة والاجتماعيّة، والتفكيكيّة للنصوص، السّرديّة منها على وجه الخصوص. لها دراسات ومقالات في مجلّات ودوريّات عديدة، منها: كتابات معاصرة، والهلال، وفكر الثقافيّة، وأدب ونقد، وأخبار الأدب... لها إصدار في المقالة القصصيّة للناشئة، يحمل عنوان: "تراثنا إن حكى بين القرية والمدينة".

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى