مصطلحية ومعجمية
أخر الأخبار

التعبير الاصطلاحي – مفهومُه وتصنيفاتُه

يعرف التعبير الاصطلاحي Idiomatic Expression بأنه نمط تعبيري خاص بلغة ما، يتميز بالثبات، ويتكون من كلمة أو أكثر، تحولت عن معناها الحرفي الى معنى مغاير اصطلحت عليه الجماعة اللغوية.([1])

وهذ التعبير يختلف عن التعبير السياقي Contextual Expression أي التعبيرات المركبة التي يتوقف فهم معناها على سياق تركيبها. ([2]) وهو ـ كما يقول أولمان ـ يجب أن يعالج ككل؛ حيث إنه ليس في مورفيماته ما يدل على المعنى الجديد، الذي يدل عليه التعبير ككل، وهو يختلف من لغة الى لغة. ([3])

وهذا بخلاف التعبير الاصطلاحي الذي يستمد معناه من المواضعة واصطلاح الجماعة اللغوية، كما يخضع لعرفية التعبير وهو شيء خارجي.([4]) ولذا نجد يوجين أ. نيدا تطلق على التعبيرات الاصطلاحية تعابير خارجية المركز، بينما تطلق على التعابير السياقية تعابير داخلية المركز.([5])

كما يختلف مفهوم التعبير الاصطلاحي عن مفهوم (المصطلح) الذي يراد به: اللفظ أو الرمز اللغوي الذي يستخدم للدلالة على مفهوم علمي، أو عملي، أوفني، أو أي موضوع ذي طبيعة خاصة.([6])

وتعد التعبيرات الجاهزة (التعبيرات المسكوكة) Ready made Expression في اللغة إحدى مظاهر التعبير الاصطلاحي، والمقصود بها عبارات التحية، وهي عبارات يتعلمها ابن اللغة باعتبارها عبارات متكاملة.([7])

ويرى الدكتور تمام حسان أن أسماء الأصوات وأسماء الأفعال وصيغ التعجب والمدح والذم ـــــــ ويسميها الخوالف ــــــ  صيغ مسكوكة؛ ذلك أن التعبير هنا يكون بكلمات لا تتغير صورتها ولا يتغير ما تقرر لها من الرتبة فهي جارية مجرى الأمثال.([8])

أما الدكتور محمد العبد: فقد دعا الى التفريق بين التعبيرات الاصطلاحية، والقوالب النحوية التي هي ذات وظيفة تركيبية محضة ولا تتعلق بمسألة المعنى.   فالتعبير الاصطلاحي يحافظ على المفردات والتركيب النحوي للعبارة.([9])

وينقسم التعبير الاصطلاحي من الناحية التركيبية إلى شكلين:

الأول: الشكل البسيط Simple Form : وهو المكون من كلمتين أو كلمة واحدة.

الثاني: الشكل المركب Complex Form: وهو المركب من أكثر من كلمتين.([10])

والرأي أن التعبير الاصطلاحي أقل بناء له كلمتين، أما القول بأن التعبير الاصطلاحي قد يكون كلمة واحدة فهذا يتعارض مع لفظ تعبير، والأفضل أن يطلق على هذه الكلمات مفردات دلالية.

ومن الباحثين  من صنف هذه التعبيرات تبعًا لمصادرها إلى:

– تعبيرات مستحدثة.

– تعبيرات معربة.

– تعبيرات تراثية.

– تعبيرات قرآنية.

– تعبيرات نبوية من السنة.([11])

– تعبيرات مصدرها طبي أو علمي.

– تعبيرات من المجال العسكري.

– تعبيرات من العامية.([12])

ويلاحظ في هذا التصنيف أن التعبير الواحد قد يصنف تحت مصدرين، تبعا لمصدره اللغوي وحقله الدلالي. أما التقسيم السابق فالتعبيرات فيه لا يمكنها أن تنتمي إلا لشكل واحد فقط.

وهذه التعبيرات عبر استخدامها في المجتمع عرضة للتغيير في اللفظ أو في الدلالة. شانها كشأن أي ظاهرة لغوية. ولا ينفي هذا وجود بعض التعبيرات التي لم يطرأ عليها أي تغيير. وقد قسم بعض الباحثين ـــــ بناءً على ذلك -التعبيرات الاصطلاحية إلى قسمين: قسم لا يقبل التغيير وأطلق عليه التعبيرات المغلقة Closed expression في مقابل التعبيرات المفتوحة expression Open التي تسمح بنوع من التغيير.([13])

من أمثلة للتعبيرات الاصطلاحية:

  • 1- رؤوس الأموال:

 يتكون هذا التعبير الاسمي من مضاف ومضاف إليه، وكلا الكلمتين جاءتا جمعًا، وهو ينتمي معرفيًا إلى الحقل الاقتصادي، والمعني الحرفي للتعبير معروف، أما الدلالة الاصطلاحية له فتعني الأصول المالية التي يملكها فرد أو شركة، واستعير الرأس للدلالة على المجموع وجملة الأصول المالية.([14])

والتعبير من الشكل البسيط. ومن النمط الإضافي، ومن النوع المغلق، وصورته:

             اسـم مضـاف + اسم مضـاف إليه

                       رؤوس + الأموال

وهو أيضا من التعبيرات القرآنية، حيث ورد في قوله تعالى: “وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تَظلِمون ولا تُظْلَمون”. سورة البقرة، (279).

  • 2- سيادة القانون:

وهو تعبير أسمي أيضا كسابقه، غير أن كلتا الكلمتين جاءتا في صورة مفردة، وهو ينتمي معرفيًا إلى الحقل القانوني، ويتردد كثيرا في الأدبيات السياسية.

والسيادة ة لغة تعني: الشرف والتفوق.([15]) والقانون معروف.   أما الدلالة الاصطلاحية فتعني السلطة المطلقة، فقد استعير لفظ (سيادة) ليدل على استقلال القوانين وحتمية تطبيقها على الجميع.( [16])

والتعبير من التعبيرات المستحدثة، ومن النوع المغلق.  وهو تعبير من النمط التركيبي الاسمي ذي الشكل البسيط، وصورته:

اسم مضاف + اسم مضاف إليه

           سيادة + القانون

  • 3- دفع دماء جديدة:

والدلالة الحرفية للتعبير معروفة. أما الدلالة الاصطلاحية للتعبير فتعني في المجال الإداري: تغيير القيادات الإدارية – بأسرع ما يمكن- في كافة قطاعات الدولة بكفاءات قادرة على تنشيط الأداء وسرعة الإنجاز. وقد عبر عن ذلك بالدماء لأنها مصدر القوة والنشاط.([17] )والتعبير من النمط التركيبي الاسمي، ومن الشكل المركب، وهو من التعبيرات المستحدثة، ومن النوع المفتوح. وصورته:

اســم + مضاف إليه + صفــة.

    دفع + دمــــاء + جديدة


  • الهوامش:

([1]) د.كريم زكي حسام الدين: التعبير الاصطلاحي، مكتبة الأنجلو المصرية، ط.1 (1405هـ-1985م) ص17، 34

([2]) أحمد أبو سعد: معجم التراكيب والعبارات الاصطلاحية، ط1، بيروت (1987م) ص 5.

([3])  ماريو باي: أسس علم اللغة، ترجمة: د.أحمد مختار عمر، منشورات جامعة طرابلس (1973م) ص144

([4]) د.كريم زكي حسام الدين: التعبير الاصطلاحي، ص78.

([5]) انظر:يوجين أ. نيدا: نحو علم للترجمة، ترجمة: ماجد النجار، مطبوعات وزارة الاعلام، العراق، (1976م) ص420، 197\

([6])  دعبدالصبور شاهين: العربية لغة العلوم والتقنية، دار الاعتصام، ط2 (1406هـ -1986م) ص118.

([7])  د.محمود فهمي حجازي: مدخل الى علم اللغة، ص158.

([8])  د.تمام حسان: اللغة العربية معناها ومبناها:، ط2، الهيئة المصرية العامة للكتاب (1979م) ص114، 115

([9])  د. محمد العبد: إبداع الدلالة في الشعر الجاهلي، دار المعارف، ط1، (1988م) ص102.

([10]) د. كريم ذكي حسام الدين: التعبير الاصطلاحي، ص219

([11]) د.محمد محمد داود: معجم التعبير الاصطلاحي في العربية المعاصرة، دار غريب للطباعة، القاهرة، ط1 (2003م) ص12

([12])  د.وفاء كامل فايد: بحوث في العربية المعاصرة: عالم الكتب، القاهرة، ط1 (1424هـ -2003م) ص198-199.

([13])  د. كريم ذكي حسام الدين: التعبير الاصطلاحي، ص40.

([14]) انظر: محمد داود: معجم التعبير الاصطلاحي، ص277.وأحمد أبو سعد: معجم التراكيب والعبارات الاصطلاحية، ص 113.

([15] ) لسان العرب: مادة “س ي د”.

([16]) د.محمد داود: التعبير الاصطلاحي، ص313.

([17]) معجم التعبير الاصطلاحي، ص185.

مصطفى أحمد قنبر

الدكتور: مصطفى أحمد قنبر. من مواليد أسيوط 1966 (مصر)، حصل على درجة الماجستير 2001 والدكتوراه 2006 في علوم اللغة (اللسانيات). عمل في وزارة التعليم والتعليم العالي في مصر وقطر، كما عمل باحثا متعاونا في مركز الوجدان الحضاري/ وزارة الثقافة والشباب في دولة قطر. يعمل حاليا أستاذاً منتدبا في كلية المجتمع في قطر. شارك في عدة مؤتمرات وطنية ودولية في مصر، قطر، الجزائر، وتركيا. نُشِرَ له اثنان وعشرون بحثاً في مواقع ومجلات علمية محكمة وطنيًا ودوليا في: قطر، الجزائر، السعودية، وألمانيا. بالإضافة إلى تأليف ثلاثة كتب؛ اثنين منها بالاشتراك وواحد فردي: "الإملاء في نظام الكتابة العربية"، "سلطة السياق بين النص والمرسل والمتلقي"، "الحوار مع الآخــــر مُقاربة لُغويـــة لآلياته وعناصــره"، "براعة الاستهلال ودورها في التشكيل النصي ـ فاتحة سورة القدر نموذجًا"، "من إبداعات الدلالة في صيغة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم دراسة لغوية تحليلية". حكَّم ما يربو على الأربعين من البحوث العلمية المقدمة للنشر في مجلات محكمة وطنيًا ودوليا، شَغِل منصب مُحرر مساعد في العديد من المجلات العلمية المحكمة. له ما يقارب المائة مقال منشورة في صحف ومجلات داخل الوطن العربي وخارجه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى